ألا هل لجفن ساهر الليل ساهد
أَلا هَل لِجَفنٍ ساهِرِ اللَيلِ ساهِدِ
أَلا هَل لِجَفنٍ ساهِرِ اللَيلِ ساهِدِ
تَأَلُّفُ غَمضَ مُنذُ بَينَكَ شارِدِ
وَهَل لِشُؤونٍ أَن يُؤَمَّلُ غَيضَها
وَمِن دونِها ما فاضَ صُمُّ الجَلامِدِ
وَهَل لِفُؤادٍ أَن يَرجى شِفاؤُهُ
بِغَيرِ لِغامِ الزَفرَةِ المُتَصاعِدِ
وَهَل لِشَجّي مِن سُلُوٍّ وَقَد ذَكَت
مِنَ الوُجودِ في جَنبَيهِ نارَ المَواقِدِ
تَبيتُ إِذا دَبَّت أَساوِدَ لَيلِهِ
حَشاياهُ مِن أَنيابِ رَقشِ الأَساوِدِ
وَهَل لِرُعاةِ النَجمِ في مَهمَهِ الدُجى
مِنَ الوُدِّ إِلّا صُحبَةٍ لِلفَراقِدِ
تَحَدَّرَ سَيلَ الدَمعِ طَلقاً عَنانُهُ
وَأَلقَت قُلوبٌ لِلأَسى بِالمَقاوِدِ
وَكَيفَ يُقاوي الدَهرَ قَلبٌ مُهَلهِلٌ
يِشِفُّ وَذي آثارُهُ في الجَوامِدِ
أَبادَ الخَوالي وَالبَواقي رِهائِنٌ
لَدَيهِ فَما باقٍ بِهِ غَيرَ بائِدِ
وَلَم يُبقِ قَلباً لَم يُصِبهُ وَلَم يَكُن
يُصابُ وَما يَرمي بِكَفٍّ وَساعِدِ
تضأَمَّل فَما في العُمرِ غَيرَ مَصائِبٍ
وَما الناسُ إِلّا بَينَ باكٍ وَواجِدِ
وَلَو سَبَرَ الناسَ الأُمورَ لِأَصبَحوا
بِأَسرِهِم مِن فَيلَسوفَ وَزاهِدِ
وَلَيسَ الجَديدانِ اللَذانِ تَعاقَبا
سِوى جَلَمي أَعمارَنا عِندَ ناقِدِ
وَما اليَومَ إِلّا ما يَنُمُّ عَلى الوَرى
وَلا اللَيلُ إِلّا لِلفَناءِ بِقائِدِ
اَهِلَّتهُ الأَسيافَ في كُلِّ مَفرِقٍ
وَما تِلكُمُ الأَسيافُ غَيرَ حَدائِدِ
وَخَطبٍ لَعَمري لَو أَناخَ بَيَذبُلٍ
لِزَحزَحٍ مِنهُ كُلَّ راسي القواعِدِ
أَناخَ بِأَكنافِ الوَزيرِ فَصَدَّهُ
مِنَ الصَبرِ جَيشَ مَرصَدٍ لِلشَدائِدِ
وَما كانَ مَرزوءاً بِذَلِكَ وَحدَهُ
وَقَد فَتذَ في عَضُدِ التُقى وَالمَحامِدِ
أُصيبَ بِأُمٍّ بَرَّةٍ فَمُصابِها
مُصابٌ يَتيمٌ قَد خَلا مِن مَساعِدِ
وَقَد كانَ يَستَسقي العِهادُ بِذِكرِها
إِذا أَظمَأَ الوَسمِيُّ أَرضَ المَعاهِدِ
مَضَت لَم يُرَنِّقَ مِن صِفاها كَدَورَةٍ
وَلا اِحتَمَلَت إِصراً يَجوزُ لِعابِدِ
وَلَو لَم يَكُن وَاللَهُ مِن حَسَناتِها
سِواكَ كَفاها ذاكَ دونَ زَوائِدِ
وَلَم يَكُ فَضلٌ قَد حَوَتهُ بِواحِدٍ
وَإِن تَكُ ضَمَّت كُلَّ فَضلٍ لِواحِدِ
لِمُستَوزِرٍ مِن رَهطِ عُثمانَ بالِغٍ
لَعَمرُكَ مِن مَولاهُ أَسنى المَقاصِدِ
تَوَلَّيتُ مِن لُبنانَ خُطَّةَ شامِخٍ
لَهُ شَعَفاتٌ لا تَذَلُّ لِماهِدِ
فَأَنهَجَتهُ مِن عَدلِ حُكمِكَ شَرعَةً
أَعادَتهُ أَعنى مِن وَليدٍ لِوالِدِ
وَأَورَدَتهُ مِن عِفَّةٍ وَنَزاهَةٍ
بِإِقرارٍ مَن يَشنوكَ أَصفى المَوارِدِ
فَلَو كَلَّفوهُ أَن يَبُثَّكَ شُكرُهُ
لِحياكَ مِن أَغصانِهِ كُلَّ مائِدِ
لَكَ اليَقظَةَ العُظمى الَّتي بِاِتِّباعِها
حَلَلتَ مَحَلَّ النَومِ جَفنَ راقِدِ
فَإِن كانَ لُبنانَ يُشاطِرُكَ الأَسى
فَكَم مِن سُرورٍ نَحوَهُ بِكَ وافِدِ
تَعَزَّ فَكَم مِن مَوقِفٍ لَكَ صالِحُ
وَكَم مِن جَميلٍ عَن سَليلِكَ ذائِدِ
رَأَيناكَ تَأتي في أُمورِكَ كُلِّها
مِنَ القَصدِ ما يُعيي عَلى كُلِّ قاصِدِ
فِعالَ اِمرِئٍ يَخشى الإِلَهَ بِخَلقِهِ
وَيَعلَمُ أَنَّ المَرءَ لَيسَ بِخالِدِ
فَلا زِلتَ مَحروساً مِنَ السوءِ راقِيا
مَراقي تُلقي الشَمسَ بَينَ الحَواسِدِ
وَلا زِلتُ في كُلِّ الشُؤونِ مُسَدَّداً
لِخِدمةِ سُلطانِ البِلادِ المُجاهِدِ
مَقامَكَ مِنهُ ما أَرَدتُ وَلا تَزَل
رَجا لِصَديقٍ أَو شَجاً لِمُعانِدِ
وَذِكرُكَ في الغَبراءِ أَسرى مِنَ الضِيا
وَأَسيرٌ في آفاقِها مِن قَصائِدي