ألما على لومي وجدا مجددا

ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً

​ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


ألِّما على لَوْمي وَجدّاً مُجَدَّداً
فإنّي لأدري ما الضلال وما الهدى
فمن مبلغُ السلوان عنّي بأنني
فَنْيتُ وشَوقي لا يزال مُخَلَّدا
عذولي انتصاح منك لا أستفيده
ومن عَدَّه عدلاً فقد جار واعتدى
وما كان أدرى بالذي قد دَرَيْتُه
واخطأ ذاك العذل لما تعمّدا
أعلِّل نفسي بالعذيب وكلَّما
أرَدْتُ به إطفاءَ وَجدي تَوَقّدا
خليليَّ ضاع القلبُ هل تعرفانه
مشوق فؤادي عندما رحلوا فدى
وما أسفي إلا على عمر مغرم
قضاه ولكنْ في تبعدكم سُدى
ولم تدر أجفاني بكم سنة الكرى
وما زال طرفي في هواكم مسهدا
وآهٍ على يوم قضى الأنسُ نحبه
توسَّد عرفان الهوى إذ توسدا
ليالي فيها العيش كان اخضراره
رقيق الحواشي بالمطالب أوردا
أخلاّي كم جاد الزمان بنيلها
وهل كان طرف الدهر عنهنّ أرمدا
وأوْرَدَنا صفوَ المنى فكأنّه
على وجنة الأيام كان تورَّدا
قسا قلبكم عني ولا غرو حيث لي
حظوظٌ تعيد الماءَ إذ ذاك جلمدا
وما كنتُ لولا الحظّ أحظى لأنّني
قدحتُ زناد الجدّ فيكم فأصلدا
تمادى مداكم استمرَّ على الجفا
وقد كادَ أن يقضي مداكم على المدى
ومَن لعليل أنحفَ السقمُ جسمه
تردّى ولكن من ضنى وجده ردا
وإنَّ اصطباري بعد طول بعادكم
دعا جلداً منه يبين التجلدا
أعيدا لها ذكر الديار لعلها
تبلّغني تلك المعاهد مقصدا
ولما أتَتْ تلك الطلول ورسمها
غدت تشتكي شكوى الفراق كما غدا
أنادي الحمى بالنوح عن ساكن الحمى
فيا حبّذا لو أنَّه يسمع الندا
تكرُّ به الأشواق من كلّ جانب
إذا كرر الذكرى لديه ورددا
وما مر بالجرعاء إذ عاد ذكره
أعاد عليه وَجْدَه فتجددا
بياض محيّا ذلك العيش بعدكم
فما زال ذاك الوجه أغبر أسودا
رأى البين مجموعاً على القرب شملنا
فبدَّده منّا النوى فتبَّددا
شذا ورد ذاك الوصلم روض قربكم
هار اشتياقي كلما هب غردا
ونشواتكم ما قد أفاق ولا ارعوى
غدا مثل ما أمى اوأمسى كما غدا
وقد جاب وعر الشوق في بيد هجركم
ومن زاد تقواه عن العزل زوّدا
أضلُّ فإهدى في هواكم وينثني
إليَّ هوىً يهدي عياناً ويهتدى
رشاد عبيد الله للحقّ إنّه
سنا نورِ رشدٍ فيه يستأنس الهدى
درى كل علم في الوجود وجوده
ولم تدر يمناه سوى السيف والندى
يحل عقود المشكلات برأيه
إذا أشكل المعنى الدقيق وعقدا
وأحيا دورس العلم درسه
بدت فيه آثار الفضائل مذ بدا
لعمرك فليفخر على السؤدد امرؤٍ
يرى السؤدد العلياء مجداً وسؤؤدا
وأفصحَ من نهج البلاغة منطقاً
تخرّ له الأقلام في الطرس سجّدا
به استسهلوا حزن العلوم ووعرها
وأيسرُ شيء عنده ما تشدّدا
إذ أضرمتْ أعداؤاه نارَ باطلٍ
أثار عليها الحقَّ يوماً فأخمدا
فلو رام أسباب السماء لنالها
وسار بمضمار المرام وما كدا
وما مال إلاّ للعبادة والتقى
كأنْ عنه شيطان الوساوس صُفِّدا
وماهو إلاّ قطب دائرة العلى
إمامٌ لأرباب الطريقة مقتدى
تنيل نوال اليمن يمناه بسطها
وما مدَّ إلا نحو خالقه يدا
ولم تبلغ الآمال في غير ماله
وفي غير ذاك العذب لا ينقع الصدى
ألا يا سحاباً أغرق الوفدَ غيثه
لظامي الندى كانت أياديه موردا
فلو حاول المجد الأثيل مقامه
لحاول ذاك المجد بالمجد أمجدا
مكارم طبع في علاه ظهورها
وكان لهاتيك المكارم موعدا
وأنْبتَّ بالتقوى بأحسن منبتٍ
وقد طاب أصلاً مثلما طاب محتدا
يقضي لعمر الله صوماً نهاره
ويحيي لياليه دعاً وتعبُّدا
ولما أدَّعى ما إنْ أتى الدهر مثله
فأتبع فيما يدّعيه وقلدا
وأشرع للشرع الحنيف مناهجاً
قواعد دين الله أضحى ممهدا
تصرّفه في باطن الحال باطن
إلى الرشد أصحاب الحقيقة أرشدا
ومتّبع شرعاً لما هو ذاهبٌ
ومَذْهَبُه ينحو طريقة أحمدا
وما كان إلاّ حين يسأل رده
بأسرع من حاك يجاوبه الصدى
وأدرك ممن فضله يملأ الفضا
تعد أياديه بألسنة العدى
ولله فيما قد أنالك حكمة
فأعدم فيك الجهل والعلمَ أوجدا
سَعَيْتَ ويجدي السعد بالسعي ربه
وأصبَحتَ في صدر السعادة أسعدا
فيا زهر روض أنتم زهر كمِّهِ
لقد ماس غصن الفخر فيكم تأوّدا
ظهرتم ولا يخفى ممن الشمس نورها
وحادي انتشار الذكر في ذكركم حدا
إذا ما مضى منكم عن المجد سيّدٌ
أقام لكم في موقف الفخر سيّدا
وذكرك حتى يقضي الله أمره
على طول ما طال الزمان تأبَّدا
أبَّرتْ على ما تدعيه يمينها
مَتى تقسم الأيام إنَّك مفردا
ولما دعاك الأصلُ يوماً لفرعه
وردتَ فما أبقيت للناس موردا
رواة المعالي عن جنابك أخبروا
حديثاً عنالعلياء صحّ وأسندا
ويورد عنك المدح والحمد كلّه
كمالك يروينا كما لك أوردا
غياث وغوث لا يجارى جواده
وملجأ من آويت كنت ومنجدا
ونلت بتوفيق العناية رتبة
عدوَّك يلقى دونها مورد الردى
وحسب الذي عاداك فيما يرومه
جعلت عليه ليل هجرك سرمدا
على رغم من عاداك قلت مؤرِّخاً
بفتوى عبيد الله لا زال يقتدى