ألم تذكروا يا آل مروان نعمة

ألم تذكروا يا آل مروان نعمة

​ألم تذكروا يا آل مروان نعمة​ المؤلف الفرزدق


ألمْ تَذْكُروا يا آلَ مَرْوَانَ نِعْمَةً
لمَرْوَانَ عِندي مِثلُها يَحقُنُ الدَّمَا
بِها كانَ عَني رَدَّ مَرْوَانُ، إذْ دَعَا
عَليّ زِيَاداً، بَعْدَما كانَ أقْسَمَا
ليَقْتَطِعَنْ حَرْفَيْ لِسَاني الذي بِهِ
لخِنْدِفَ أرْمي عَنْهُمُ مَن تكَلّمَا
وَكُنْتُ إلى مَرْوَانَ أسْعَى إذا جَنَى
عَليّ لِسَاني، بَعدَما كانَ أجْرَمَا
وَمَا باتَ جارٌ عِندَ مَرْوَانَ خَائِفاً،
وَلَوْ كَانَ مِمّنْ يَتّقي كان أظَلَمَا
يَعْدّونَ للجَارِ التَّلاء، إذا التَوَى،
إلى أيّ أقْتَارِ البَرِيّةِ يَمّمَا
وَقدْ عَلِمُوا كانَ مَرْوَانُ يَنتهي
إذا دَأبَ الأقْوَامُ حتى تُحَكَّمَا
وأيَّ مُجِيرٍ بَعْدَ مَرْوَانَ أبْتَغي
لنَفْسِيَ أوْ حَبْلٍ لَهُ حِينَ أجْرَمَا
وَلمْ تَرَ حَبْلاً مِثْلَ حَبْلٍ أخَذْتُهُ
كمَرْوَانَ أنْجَى للمُنادي وأعْصَمَا
وَلا جَارَ إلاّ الله، إذْ حَالَ دُونَهُ،
كمَرْوَانَ أوْفَى للجِوَارِ وَأكْرَمَا
فَلا تُسْلِمُوني آلَ مَرْوَانَ للّتي
أخَافُ بِهَا قَعْرَ الرّكِيّةِ وَالفَمَا
ولا تُورِدُوني آلَ مَرْوَان هُوّةً،
أخافُ بجارِي رَحْلِكُمْ أنْ تُهَدَّمَا
وَمن أين يَخشَى جارُ مَرْوَانَ بَعدَما
أنَاخَ وَحَلّ الرّحْلُ لمّا تَقَدّمَا
ومن أينَ يَخشَى جارُكُم وَالحصَى لكمْ
إذا خِنْدِفٌ هَزّوا الوَشِيجَ المُقَوَّمَا
فَطَامَنَ نَفْسِي بَعْدَمَا نَشَزَتْ بهَا
مَخافتُها، والرّيقُ لمْ يَبلُلِ الفَمَا
وَما تَرَكَتْ كَفّا هِشَامٍ مَدِينَةً
بها عِوَجٌ في الدِّينِ إلاّ تَقَوّمَا
يُؤدّي إليهِ الخَرْجَ مَن كانَ مُشرِكاً،
ويَرْضَى بهِ مَنْ كانَ لله مُسْلِمَا
أبُوكُمْ أبُو العاصِي الذي كانَ يَنَجَلي
بهِ الضّوْءُ عَمَّنْ كان باللّيلِ أظْلَمَا
وَكانَتْ لَهُ كَفّانِ إحْداهُما الثّرَى
ثَرَى الغَيْث والأخرَى بِا كانَ أنعَمَا
ضَرَبْتَ بهَا النُّكَّاثَ حتى اهتَدَوْا بها
لمَنْ كان صَلّى من فَصِيحٍ وَأعجَمَا
بِسَيْفٍ بِهِ لاقَى بِبَدْرٍ مُحَمّدٌ،
إذا مَسّ أصْحَابَ الضّرِيبةِ صَمّمَا