ألم ترني فارقت قيسي وخندفي

ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي

​ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي​ المؤلف بديع الزمان الهمذاني


ألم ترني فارقت قيسي وخِنْدِفي
وما المرء إلا حيث حلت عشائره
وقد علمت أم الفوارس أنني
أبوها إذا لم يرضني من أجاوره
وفارقت أرض الديلمي وإنها
لأرضي ولكن فاز بالشيء قامره
ووافيت دار الأعجمي وجزتها
وإن يك قد دارت علي دوائره
فكنت كأن اللَّه يرصدني بها
فلما قطعت الباب قطع دابره
وما أنس ولا أنس الرباط وليلة
وهمّاً من الآمال بت أسامره
وقوليَ للأصل الذي أنا فرعه
وقد بزه برد التجمل قاشره
لعا لا يرعك الهم يا عم إنه
وإن كان مر الحال حلو مصائره
وفي خلف إن ألْحقتنا يدالمني
لنا خلف لا يخلف الظن ماطره
فلما وردنا موسم الملك أقبلت
وفود الغنى واستقبلتنا بوادره
ولما انجلى بدر الدجى من جبينه
أعرنا الثرى حُر الوجوه تعافره
جلبنا إليه الفضل وهو أميره
وبعنا عليه بزّه وهو تاجره
وبحت فقال الناس من ذا وقال من
أجابهم عبد الأمير وشاعره
ولاحت لنا منه عيوب كثيرة
ولا عيب فيه غير ما أنا ذاكره
ولادته في العالم دون قدره
وفي زمن مثل اسمه لا يقادره
وآخر أنا إن أردنا مديحه
تقضى القواقي وهو باق مفاخره
وآخر أن لا عيب فيه لناظر
تردّ به عين الكمال وناظره
وما ملك إلا يؤدي خراجه
إليه على رغم ونحن نصادره
مقابلنا عند اللقاء هو الذي
إذا لحظ الجبار شقت مرائره
يد اللَّه في تلك المحاسن إنه
على كل حال طيب العرض ظاهره
هناك عطاياه وثم انتقامه
وتلك خفاياه وهذي ظواهره
أيا جابر العظم المهيض لقاؤه
ولا يجبر العظم الذي هو كاسره
أتأمر لي ببدرة كل نظرة
إلى الشغل باستيفاء ما أنت آمره
فإن يك بحر أغرق الناس ماؤه
فإنك بحر أغرقني جواهره