ألنيل عبدك والمياه جواري

ألنيل عبدك والمياه جواري

​ألنيل عبدك والمياه جواري​ المؤلف جبران خليل جبران


ألنيل عبدك والمياه جواري
باليمن والبركات فيه جوار
أمنته بمعاقل وجواري
وجعلته ملكا عزيز جوار
أنظر سفائنك التي سيرتها
فيه كأطواد على التيار
وانظر جنودك في الفلاة تحملوا
شر العقاب لأمة أشرار
حصروا العدو فما وقته حصونه
من بأسهم وكثافة الأسوار
يفنى بمقذوفاتهم حرقا كما
تنفى الفرائس والسباع ضوار
ويدمر النساف شم قلاعه
فيثيرها منثورة كغبار
ويدك من شوس الرجال معاقلا
فيظل شكل الموت شكل دمار
من لم يبد بالسيف منهم والقنا
فهلاكه بالماء أو بالنار
قوم بغوا فجنوا ثمار فسادهم
بالموبقات وتلك شر ثمار
ولو الزمان أراد عادوا خضعا
لجميل رأيك عود الاستغفار
لكن أبى لك أن تفوز مسالما
وقضت بذلك حكمة الأقدار
فسقيت صادئة النصال دماءهم
وكفيت خيلك داء الاستقرار
بالأمس كانوا دولة تعدودة
واليوم هم خبر من الأخبار
بالأمس كانوا سادة واليوم هم
بعض العبيد بصورة الأحرار
بالأمس يملك في الرقاب أميرهم
واليوم يملك نفسه بفرار
صغروا لديك فلم تسر لقتالهم
وهم الكبار رميتهم بكبار
ومضيت تملك أميرهم من قبلما
شب النزال وآذنوا ببوار
تجري بسيد مصر فلك ضمها
فلك من الدأماء غير مدار
سيارة جنح الظلام منيرة
في الأفق مثل الكوكب السيار
أو يستقل به مغير منجد
جواب آفاق كبرق واري
تتقذف النيران منه كأنه
أسد مثار في طلابه ثار
سر كيف شئت لك القلوب منازل
أنى انتقلت فمصر في الأمصار
واطو المغارب خافيا لو أنها
تخفي علاك مطالع الأنوار
وتلق في دار الخلافة مشرفا
ما شئت من شرف ومن إكبار
وارجع إلى الدار التي أوحشتها
عود الربيع إلى ربوع الدار
واهنأ بأبهج ملتقى من أمة
تهواك في الإعلان والإسرار
حلت سرائهم سواد عيونهم
شوقا إليك فثرن في الأبصار
أهلا برب النيل والوادي بما
فيه من الأرياف والأقطار
بالعازم العزمات وهي صوادق
ومعاقب الظلمات بالأسحار
بالفاتح الباني لمصر من العلى
صرحا يزكي شاهد الآثار
ومعقب الفخر التليد بطارف
لولاه كاد يكون سبة عار
فخر تحول مهده لحدا له
زمنا وعاد اليوم مهد فخار