أليلة الحشر لا بل يوم عاشور
أليلة الحشر لا بل يوم عاشور
أليلة الحشر لا بل يوم عاشور
ونفخة الصور لا بل نفث مصدور
يومٌ به اهتزَّ عرشُ اللَّهِ من حَزَنٍ
على دمٍ لرسول الله مَهدورِ
يومٌ به كُسفت شمسُ العُلى أسفاً
وأصبح الدين فيه كاسف النور
يومٌ به ذهبت أبناءُ فاطمةٍ
للبين ما بين مقتول ومأسور
فأي دمع عليه غير منهملٍ
وأي قلبٍ عليه غير مفطور
ولوعةٍ لا تزال الدهرَ مُسعِرةً
بين الجوانح ناراً ذات تسعيرِ
لرزء أبلج في صماء ساحته كذا
من نبعة المجد والغرِّ المشاهير
مولىً قضى الله تنويهاً بإمرته
فراحَ يقضي عليه كلُّ مأمورِ
لله ملقىً على البوغاء مطرحاً
كاسٍ من الحمد عارٍ غير مستور
قضى على ظمأ ما بل غلته
إلا بكل أبل الحد مأثور
يا وقعة الطف خلدت القلوب أسىً
كأنَّما كلُّ يومٍ يوم عاشورِ
يا وقعة الطف أبكيت الجفون دماً
ورعت كل فؤادٍ غير مذعور
يا وقعة الطف كم أضرمت نار جوىً
في كل قلبٍ من الأحزان مسجور
يا وقعة الطف كم أخفيت من قمرٍ
وكم غمرتِ أبياً غيرَ مغمورِ
يا وقعة الطف هل تدرين أي فتىً
أوقعته رهن تعقيرٍ وتعفير
يا وقعة الطف هل تدرين أي دمٍ
أرقته بين خلف القوم والزور
لا كان يومك في الأيام إن له
في كل قلب لجرحاً غير مسبور
كم من فتىً فيك صبح المجد غرته
أضحى يحكم فيه كل مغرور
وكم رؤوسٍ وأجسامٍ هنالك قد
أصْبحْنَ ما بين مرفوعٍ ومجرورِ
لهفي عليهم وقد شالت نعامتُهم
وأوطنوا ربع قفرٍ غير معمور
فقل لمن رام صبراً عن رزيتهم
إليكِ عنِّي فما صَبري بمَقْدُورِ
أيذخُرُ الحزنُ عن أبناءِ فاطمةٍ
يوماً وهلْ مِنهُمِ أولى بمَذْخورِ
مهما نسيت فلا أنسى الحسين لقىً
تحنو عليه ربى الآكام والقور
معفراً في موامي البيد منجدلاً
يزورُه الوحشُ من سِيدٍ ويعفورِ
تبكي عليه السماوات العلى حزناً
والأرضُ تكسُوه ثوباً غيرَ مزرورِ
يا حسرةً لِغريب الدارِ مُضطَهدٍ
يلقى العِدى بعَديدِ منه مَكثُورِ
يحمي الوطيسَ متى وافاه مُنتَصراً
عليهم بخميسٍ غير منصور
حتى إذا لم يكنْ من دونِه وَزَرٌ
شفى الضغائن منه كل موزور
فأين عينُ رسولِ الله ترمقُه
لقىً على جانبٍ للبين مهجور
وأين عين عليٍ منه تلحظه
مقهورَ كلِّ شقيِّ الجدِّ مَقهورِ
وأين فاطمة الزهراء تنظره
وأهله بين مذبوحٍ ومنحور
يا غَيرَة الله والأملاكِ قاطبةً
لفادحٍ من خطوب الدهر منكور
تسبى بنات رسول الله حاسرةً
كأنهن سبايا قوم سابور
من كل طاهرة الأذيال ظاهرةٍ
ترمي العدى بعيونٍ نحوها صور
من الفواطم في الأغلال خاشعةً
يحدى بهن على الأقتاب والكور
يَنْعَينَ يا جدُّ نال القوم وِتْرَهُم
منا وأوقع فينا كل محذور
يا جد صال الأعادي في بنيك وقد
ثَوى الحسينُ ثلاثاً غيرُ مقبور
وأودع الرأس منه رأس عالية
وأوطيء الجسم منه كل محضير
هذا الحسين قتيلاً رهنَ مصرعه
يبكي له كل تهليل وتكبير
هذا الحسينُ ثَوى بالطفِّ منفرداً
تسفي عليه سوافي الترب والمور
هذي بناتك للأشهاد بارزةً
يشهرن بين الأعادي أي تشهير
آهٍ لرزئكُمُ في الدَّهرِ من خَبرٍ
باقٍ على صفحات الدهر مسطور
تبت يد ابن زيادٍ من غوي هوىً
ومارقٍ في غِمار الكُفْرِ مَغمورِ
أرضى يزيدَ بسُخط الله مُجتَرئاً
وبر منه زنيماً غير مبرور
فهل ترى حيم أم الغي كان رأى
دم الحسين عليه غير محظور
أتيت يا ابن زيادٍ كل فادحةٍ
بُوِّئتَ منها بسعيٍ غيرِ مشكورِ
بني أميةَ هبُّوا لا أبالكمُ
فطالب الوتر منكم غير موتور
نسيتُمُ أم تناسيتم جنايتَكم
فتلك والله ذنبٌ غيرُ مغفورِ
خاصمتم الله في أبناء خيرته
هل يخصمُ الله الاَّ كلُّ مَدحورِ
ورعتم بالردى قلب ابن فاطمة
وما رعيتم ذِماماً جدَّ مخفور
أبكيتم جَفنَ خير المُرْسَلينَ دماً
ورحتم بين مغبوطٍ ومسرور
اليكمُ يا بَني الزَّهراءِ مرثيَةً
أصاحَ سمعاً إليها كلُّ مَوقورِ
تجدد الحزن بالبيت العتيق بكم
ويحطم الوجد منها جانب الطور
عليكم صلوات الله ما هطلت
سحبٌ وشق وميضٌ قلب ديجور