أما الحقيقة فهي أني ذاهب

أمّا الحَقيقَةُ فَهيَ أنّي ذاهبٌ

​أمّا الحَقيقَةُ فَهيَ أنّي ذاهبٌ​ المؤلف أبوالعلاء المعري


أمّا الحَقيقَةُ، فَهيَ أنّي ذاهبٌ،
واللَّهُ يَعلَمُ بالذي أنا لاقِ
وأظنُّني، من بعدُ، لستُ بذاكرٍ
ما كان من يُسرٍ، ومن إملاق
لم أُلفَ كالثّقَفيّ، بل عِرْسي هي السـ
ـوْداءُ، ما جهّزتُها بطلاق
عَجَباً لبُرْدَيْها الدُّجُنّةِ والضُّحى،
وَوِشاحِها من نَجمِها المِقلاق
كم أخلقَ العصرانِ مُهجةَ مُعصرٍ،
وهُما على أمنٍ منَ الإخلاق
دُنياكَ غادرَةٌ، وإنْ صادتْ فتًى
بالخَلقِ، فهيَ ذميمةُ الأخلاق
يَستَمطِرُ الأغمارُ من لَذّاتِها،
سُحُباً تُليحُ بمُومِضٍ ألاّق
لم تُلقِ وابِلَها، ولكنْ خِلتُها
خَيلاً مُسَوَّمَةً مَعَ العُلاّق
وإذا المُنى فَتحتْ رتاجَ مَعيشةٍ،
بكَرَتْ عليهِ بمُحكمِ الإغلاق
ومتى رَضيتَ بصاحبٍ من أهلِها،
فلَقَدْ مُنيتَ بكاذِبٍ مَلاّق
شُهبٌ يُسَيّرُها القَضاءُ، وتحتَها
خِلَقٌ تُشاهِدُها، بغيرِ خَلاق
ما لي وللنّفَرِ، الذينَ عهدتُهُمْ
بالكَرْخِ من شاشٍ ومن إيلاق
حَلَقٌ مُجادَلَةٌ كشُرْبِ مُهلهِلٍ،
شربوا على رغمٍ بكأسِ حَلاق
والرّوحُ طائرُ محبَسٍ في سجنهِ،
حتى يَمُنّ رَداهُ بالإطْلاق
سَيموتُ محمودٌ ويهلِكُ آلِكٌ،
ويَدوم وجهُ الواحدِ الخَلاّق
يا مَرحَباً بالمَوتِ من مُتَنظِّرٍ،
إنْ كانَ ثَمّ تَعارفٌ وتَلاق
ساعاتُنا، تحتَ النّفوسِ، نجائبٌ
وخدَتْ بهنّ بعيدةَ الإطلاق
ألقِ الحَياةَ إلى المَماتِ، مُجَرَّداً؛
إنّ الحَياةَ كثيرَةُ الأعلاقِ
ما زلتِ تجتابينَ حُلّةَ فارِكٍ،
حتى رُميتِ بمُصلِفٍ مِطلاق