أما الفراق فقد عاصيته فأبى

أَمّا الْفِراقُ فَقَدْ عاصَيْتُهُ فَأَبى

​أَمّا الْفِراقُ فَقَدْ عاصَيْتُهُ فَأَبى​ المؤلف ابن حيوس


أَمّا الْفِراقُ فَقَدْ عاصَيْتُهُ فَأَبى
وَطالَتِ الْحَرْبُ إِلاّ أَنَّهُ غَلَبا
أراني البينُ لما حمَّ عنْ قدرٍ
وَداعنا كلَّ جدًّ قبلهُ لعبا
أَشْكُو إِلى اللّهِ فَقْدَ السَّيْفِ مُنْصَلِتاً
وَالليثِ مهتصراً وَالغيثِ منسكبا
وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالنَّفْسِ الَّتي بَعُدَتْ
عنِ الدنياتِ وَالصدرِ الذي رحبا
وَمنْ أعادَ حياتي غضةً وَيدي
مَلأى وَرَدَّ لِيَ الْعَيْشَ الَّذي ذَهَبا
قدْ كنتُ أكرعُ كاساتِ الكرى نخبا
وَبَعْدَ بَيْنِكَ لَمْ أَظْفَرْ بِهِ نُغَبا
وَقدْ أظلنيَ السقمُ المبرحُ بي
فَإِنْ سَلِمْتُ فَما أَدَّيْتُ ما وجَبا
مااعْتَضْتُ مِنْكَ وَلَوْ مُلِّكْتُ مامَلَكَتْ
يمينُ قارونَ أوْ سكنتُ عرشَ سبا
أقولُ هذا وَقدْ صيرتَ لي نشبا
لولاكَ لمْ أرَ لي في غيرهِ نسبا
يَکبْنَ الْمُقَلَّدِ قَدْ قَلَّدْتَني مِنَناً
ماقارَبَ الْحَمْدُ أَدْناها وَلا كَرَبا
سَأَمْلأ الأرْضَ مِنْ شُكْرٍ يُقارِنُ ما
أَوْلَيْتَني رَضِيَ الشّانِيكَ أَوْ غَضِبا
فيمنُ جدكَ أفضى بي إلى ملكٍ
ماابْتَزَّهُ الشِّعْرُ إِلاّ هَزَّهُ طَرَباً
مَحْضِ القَبِيلَيْنِ يُلْفى صالِحاً أَبَداً
في حلبةِ الفخرِ وَثاباً إذا نسبا
ولادتانِ لهُ منْ عامرٍ قضتا
أَنْ يَشْرُفَ النّاسَ خالاً فاقَهُمْ وَأَبا
أغنى وَأقنى وَأدنى ثمَّ أرغبَ في
إنعامه فأفاد العقل والأدبا
يزيدني كلما أحضرتُ مجلسهُ
فضيلةً لمْ يدعْ لي غيرها أربا
لَوْ تَدَّعِي الشَّمْسُ يَوْماً نُورَهُ كُسِفَتْ
وَلوْ جرى النجمُ يبغي شأوهُ لكبا
شمائلٌ بصنوفِ الفضلِ ناطقةٌ
وَهمةٌ قارنتْ بلْ طالتِ الشهبا
تدنو العلى أبداً منهُ وَإنْ بعدتْ
على سواهُ وَينأى كلما قربا
في الممحلاتِ غمامٌ لا يقالُ ونى
وَفي الْحُروبِ حُسامٌ لا يُقالُ نَبا
وَقبلَ قلعتهِ دامتْ ممنعةً
ما إنْ رأينا سماءً تمطرُ الذهبا
فَكُلُّ نَوْءٍ بِمِصْرٍ جادَني زَمَناً
فداءُ نوءٍ سقاني الريَّ في حلبا
أرى المطامعَ ضلتْ وَهيَ رائدتي
قِدْماً وَقَدْ هُدِيَتْ فَاخْتارَتِ السُّحُبا
يَعِنُّ ذِكْرُكَ أَحْياناً فَيُخْبِرُني
فرطُ الإضاحةِ عنْ قلبٍ إليكَ صبا
يصغي لهُ في حديثٍ جاءَ مقتضياً
لَهُ وَيَبْغيهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ مُقْتَضِبا
أثني فيعجبهُ قولي ويكثرُ منْ
سَلامَتي بَعْدَ أَنْ لَمْ فارَقْتُكَ الْعَجَبا
يامُحْرِزَ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُبْتَدَعاً
وَحائزَ الفضلِ مولوداً وَمكتسبا
وَكُلُّ ما نِلْتُ مِنْ عِزٍّ وَتَكْرِمَةٍ
وَثَرْوَةٍ فَإِلى آلائِكَ انْتَسَبا
لمْ يعدُ منْ شامَ نصراً عندَ نائبةٍ
خِيفَتْ بَوائِقُها إِدْراكَ ماطَلَبا
سللتهُ وَضربتُ النائباتِ بهِ
ما كُلُّ من سلَّ سَيفاً صارماً ضرباً
فَمَرَّ كَالسَّهْمِ إِسْراعاً لِوِجْهَتِهِ
إِنْ هِيْجَ عَنَّ وَإِنْ سِيلَ الْجَزيلَ حَبا
بِهِمَّةٍ لاتُجارَى في اكْتِسابِ عُلىً
وَعزمةٍ لا تشكى الأينَ وَالوصبا
تلقى أعاديهِ منهُ شرَّ منْ لقيتْ
وَيَصْحَبُ الْمَجْدُ مِنْهُ خَيْرَ مَنْ صَحِبا
وَيُشْبِهُ التُّركَ إِقْداماً وَمَحْمِيَةً
فَإِنْ دَعاهُ وَفاءٌ عاوَدَ الْعَرَبا
صاحبتهُ ولداً براً يعينُ على
قَطْعِ الطَّريقِ فَكَانَ الْوالِدَ الْحَدِبا
تَلاكَ فِيَّ فَأَكْرِمْها مُصاحَبَةً
تعطي المنى وَتزيلُ الهمَّ وَالتعبا
يابْنَ الَّذينَ إِذا شَبَّتْ وَغىً مَلَؤُا
دروعهمْ نجدةً وَاستفرغوا العيبا
وَخَوَّفُوا النّاسَ فَارْتاعَتْ مُلُوكُهُمُ
تروعَ السربِ لما عارضَ السربا
منْ أمَّ مسعاكَ أنضى فكرهُ سفهاً
وَلَسْتَ تَلْقاهُ إِلاّ خائِفاً وَصِبا
وَقدْ حللتَ بثغرٍ عزَّ ساكنهُ
سددتهُ بسدادٍ صحح اللقبا
ظافَرْتَ مالِكَهُ دامَتْ سَعادَتُهُ
بمحضِ ودًّ أزالَ الشكَّ وَالريبا
فأنتما فيهِ سيفا عصمةٍ وَردى
أمضى منَ المرهفاتِ الباتراتِ شبا
إنْ طاولا علوا أوْ فاضلا فضلا
أَوْ حارَبا حَرَبا أَوْ خاطَبا خَطَبا
إِنِّي أَقُولُ وَلَيْسَ الْمَيْنُ مِنْ شِيَمي
إِنِّي شَريكُكَ فِيما عَنَّ أَوْ حَزَبا
لَمّا اشْتَكَى مُرْشِدٌ أَعْظَمْتُهُ نَبَأً
ذادَ الكرى وَاستثارَ الهمَّ وَالوصبا
حتى إذا جاءتِ البشرى بصحتهِ
قَضَتْ بِتَسْكينِ قَلْبٍ طالَما وَجَبا
فَلا بَرِحْتَ وَإِنْ ساءَ الْعِدى أَبَداً
تَلْقى الْخُطُوبَ بِجَدٍّ يَخْرُقُ الْحُجُبا