أما في نسيم الريح عرف معرف
أما في نسيمِ الرّيحِ عرفٌ معرِّفُ
أما في نسيمِ الرّيحِ عرفٌ معرِّفُ
لنا هل لذاتِ الوَقفِ بالجِزْعِ مَوْقِفُ
فنَقضِيَ أوْطَارَ المُنى مِنْ زِيَارة ٍ،
لنَا كلفٌ منها بما نتكلّفُ
ضَمَانٌ عَلَيْنَا أنْ تُزَارَ، وَدُونَها
رقاقُ الظُّبَى والسّمهرِيُّ المثقَّفُ
غيارى يعدّونَ الغرامَ جريرة ً
بها، والهوى ظلماً يغيظُ ويؤسفُ
يَوَدّونَ لَوْ يَثْنِي الوَعيدُ زَمَاعَنا؛
وهيهاتَ ريحُ الشّوقِ من ذاكَ أعصفُ
يسيرٌ لدى المشتاقِ، في جانبِ الهوى،
نوى غربة ٍ أو مجهلٌ متعسَّفُ
هلِ الرَّوعُ إلاّ غمرة ٌ ثمّ تنجلي؛
أمِ الهولُ إلاّ غمّة ٌ ثمّ تكشفُ؟
وَفي السِّيَرَاء الرّقْمِ، وَسطَ قِبَابِهمْ،
بعيدُ مناطِ القرطِ أحورُ أوطفُ
تَبَايَنَ خَلْقاهُ، فَعَبْلٌ مِنَعَّمٌ،
تأوّدَ، في أعلاهُ، لدنٌ مهفهفُ
فللعانكِ المرتجّ ما حازَ مئزرٌ؛
وَللغُصُنِ المِهْتَزّ ما ضَمّ مِطْرَفُ
حَبِيبٌ إلَيْهِ أنْ نُسَرّ بِوَصْلِهِ،
إذا نحنُ زرنَاهُ، ونهْنا ونسعَفُ
وَلَيْلَة َ وَافَيْنَا الكَثيبَ لِمَوْعِدٍ،
سُرَى الأيمِ لمْ يُعْلَمْ لمَسرَاهُ مُزْحَفُ
تَهَادى أناة َ الحَطْوِ، مُرْتَاعَة َ الحَشا،
كمَا رِيعَ يَعْفُورُ الفَلا المُتَشَوِّفُ
فَما الشّمسُ رَقّ الغَيمُ دون إياتها،
سوَى ما أرَى ذاكَ الجَبِينُ المُنْصَّفُ
فديتُكِ! أنّى زرتِ نورُكِ واضحٌ،
وعطرُكِ نمّامٌ وحليُكِ مرجفُ
هبيكِ اعتررْتِ الحيّ، واشيكِ هاجعٌ،
وفرعُكِ غربيبٌ، وليلُكِ أغضفُ
فأنّى اعتسفَت الهولَ خطوُكِ مدمجٌ
وَرِدْفِكِ رَجرَاجٌ وَخَصرُكِ مُخطَفُ
لجاجٌ، تمادي الحبّ في المعشرِ العِدا،
وَأَمٌّ الهَوَى الأفقَ الذي فيه نُشْنَفُ
وَأنْ نَتَلَقّى السّخْطَ عانينَ بالرّضَى
لغيرَانَ أجْفَى ما يُرَى حينَ يَلطُفُ
سَجايا، لمَنْ وَالاهُ، كالأرْى تُجنى،
فَيُومىء طَرْفٌ، أوْ بَنَانٌ مُطَرَّفُ
خليليّ! مهلاً لا تلومَا، فإنّني،
فؤادي أليفُ البثّ، والجسمُ مدنفُ
فأعْنَفُ ما يَلقَى المُحبُّ لحَاجَة ً
على نفسهِ في الحبّ، حينَ يعنَّفُ
وإنّي ليستهوينيَ البرقُ صبوة ً،
إلى برقِ ثغرٍ إنْ بدَا كاد يخطفُ
وما ولعي بالرّاحِ إلاّ توهّمٌ
لظَلْمٍ، بهِ كالرّاحِ، لوْ يُترَشّفِ
وتذْكرُني العقدَ، المرنَّ جمانُهُ،
مُرِنّاتُ وُرْقٍ في ذُرَى الأيك تهتِفُ
فما قيلَ من أهوَى طوى البدرَ هودجٌ
ولا صانَ ريمَ القفرِ خدرٌ مسجَّفُ
ولا قبلَ عبّادٍ حوى البحرَ مجلسٌ،
ولا حملَ الطّودَ المعظَّمَ رفرَفُ
هوَ الملكُ الجعدُ، الذي في ظلالِهِ
تكفّ صروفُ الحادثاتِ وتصرفُ
هُمَامٌ يَزِينُ الدّهْرَ مِنْهُ وَأهلَهُ؛
مليكٌ فقيهٌ، كاتبٌ متفلْسفُ
يَتِيهُ بِمَرْقَاهُ سَرِيرٌ وَمِنْبَرٌ،
وَيَحْمَدُ مَسْعَاهُ حُسامٌ وَمُصْحَفُ
يذلّ لهُ الجبّارُ، خيفة َ بأسِهِ،
ويعنو إليهِ الأبلجُ المتغطرِفُ
حذارَكَ، إذْ تبغي عليهِ، من الرّدى،
وَدُونَك فاستَوْفِ المُنى حينَ تُنصِفُ
ستعتامُهمْ في البرّ والبحرِ، بالتّوَى،
كتائبُ تزجى، أو سفائنُ تجدَفُ
أغرُّ، متى نَدرُسْ دَوَاوِينَ مَجدِهِ
يَرْقْنَا غَرِيبٌ مُجمَلٌ أوْ مُصَنَّفُ
إذا نحنُ قرّطناهُ قصّرَ مطنبٌ،
ولمْ يتجاوزْ غاية َ القصدِ مسرفُ
وأروَعُ؛ لا الباغي أخاهُ مبلَّغٌ
مناهُ، ولا الرّاجي نداهُ مسوَّفُ
ممرُّ القوَى، لا يملأ الخطبُ صدرَه،
وليسَ لأمرٍ فائتٍ يتلهّفُ
لهُ ظلُّ نعمَى، يذكرُ الهمُّ عندهُ
ظِلالَ الصِّبا، بل ذاكَ أندى وَأوْرَفُ
جحيمٌ لعاصيهِ، يشبّ وقودُه،
وجنّة ُ عدنٍ للمطيعينَ تزلفُ
مَحاسِنُ، غَرْبُ الذّمّ عَنها مُفَلَّلٌ
كَهامٌ، وَشَملُ المَجدِ فيها مؤلَّفُ
تَنَاهَتْ، فعِقدُ المَجدِ مِنها مُفصَّلٌ
سَنَاءً، وَبُرْدُ الفَخرِ منها مُفَوَّفُ
طَلاقَة ُ وَجْهٍ، في مَضَاءٍ، كمِثلِ ما
يروقُ فرندُ السيفِ والحدُّ مرهفُ
على السّيفِ مِن تِلكَ الشّهامة ِ مِيسَمٌ،
وَفي الرّوْضِ من تلكَ الطّلاقَة ِ زُخرُفُ
تعودُ لمنْ عاداهُ كالشرْيِ ينقفُ
يراقبُ منهُ اللهَ معتضدٌ، بهِ
يَدَ الدّهْرِ، يَقسو في رِضَاه وَيَرْأفُ
فقُل للمُلوكِ الحاسِديهِ: متى ادّعى
سِباقَ العَتِيقِ الفائِتِ الشأوِ مُقِرفُ
ألَيْسَ بَنُو عَبّادٍ القِبْلَة َ الّتي
عليها لآمالِ البريّة ِ معكفُ؟
مُلوكٌ يُرَى أحيائهم فَخَرَ دَهرِهمْ،
وَيَخْلُفُ مَوْتَاهُمْ ثَنَاءٌ مُخَلَّفُ
بِهمْ باهَتِ الأرْضُ السّماءَ فأوْجُهٌ
شموسٌ، وأيدٍ من حيا المزن أوكفُ
أشارحَ معنى المجدِ وهو معمَّسٌ
وَمُجْزِلَ حظّ الحمد وَهوَ مُسفَسِفُ
لعمرُ العدا المستدرجيكَ بزعمهمْ
إلى غِرَّة ٍ كادَتْ لها الشمسُ تُكسَفُ
لَكالُوكَ صَاعَ الغَدرِ، لُؤمَ سجيّة ٍ،
وكيلَ لهمْ صَاعُ الجزَاء المُطَفَّفُ
لقد حاولوا العظمى التي لا شوَى لها،
فأعجلهُمْ عقدٌ من الهمّ محصفُ
وَلَمّا رَأيتَ الغَدْرَ هَبّ نَسِيمُهُ،
تلقّاهُ إعصارٌ لبطشِكَ حرجَفُ
أظَنّ الأعادي أنّ حَزْمَكَ نَائِمٌ؟
لقد تعدُ الفسلَ الظُّنونُ فتخلفُ
دواعي نفاقٍ أنذرتْكَ بأنّهُ
سيشرَى ويذوِي العضوُ من حيثُ يشأفُ
تحمّلتَ عبءْ الدّهرِ عنهم، وكلّهمْ
بنعماكَ موصولُ التّنعّمِ، مترفُ
فإنْ يكفُرُوا النّعْمَى فتِلكَ دِيَارُهمْ
بسيفِكَ قاعٌ صفصَفُ الرّسْمِ تنسفُ
وطيَّ الثّرَى مثوى ً يكون قصارهُمْ،
وَإنْ طالَ منهُمْ في الأداهمِ مَرْسَفُ
وَبُشرَاكَ عِيدٌ بالسّرُورِ مُظَلَّلٌ،
وبالحظّ، في نيلِ المُنى، متكنَّفُ
بَشِيرٌ بِأعْيَادٍ تُوَافِيكَ بَعْدَهُ،
كما يَنسُفُ النّظمَ المُوالي، وَيَرْصُفُ
تُجَرِّدُ فِيهِ سَيْفَ دَوْلَتِكَ، الّذي
دماءُ العِدَى دأباً بغربَيْهِ تظلَفُ
هُوَ الصّارِمُ العَضْبُ الذي العَزْمُ حدُّه،
وحليتُهُ بذلُ النّدى والتعفّفُ
همامٌ سمَا للملْكِ، إذْ هوَ يافعٌ،
وتمّتْ لهُ آياتُهُ، هوَ مخلِفُ
كرِيمٌ، يَعُدّ الحَمدَ أنْفَسَ قِينَة ٍ،
فيُولَعُ بالفِعلِ الجَميلِ، وَيُشغَفُ
غدَا بخميسٍ، يقسِمُ الغيمُ أنّهُ
لأحفَلُ منها، مكفهرّاً، وأكثفُ
هوَ الغَيمُ من زُرْقِ الأسِنّة ِ بَرْقُهُ،
وللطّبْلِ رعدٌ، في نواحيهِ، يقصِفُ
فَلَمّا قَضَيْنَا مَا عَنَانَا أدَاؤهُ،
وَكلٌّ بما يُرْضِيكَ داعٍ، فَمُلْحِفُ
قَرَنَا بحَمْدِ اللَّهِ حَمْدَكَ، إنّهُ
لأوْكَدُ ما يُحْظى لدَيْهِ، وَيُزْلَفُ
وَعُدْنَا إلى القَصْرِ، الذي هوَ كَعبة ٌ،
يُغادِيهِ مِنّا نَاظِرٌ، أوْ مُطَرَّفُ
فإذْ نَحنُ طالَعْنَاهُ، وَالأفقُ لابِسٌ
عجاجتَهُ، والأرضُب بالخيلِ ترجُفُ
رَأيْناكَ في أعْلى المُصَلّى، كَأنّمَا
تَطَلّعَ، من محْرَابِ داودَ، يُوسُفُ
ولمّا حضرْنا الإذْنَ، والدّهرُ خادمٌ،
تُشِيرُ فيُمضِي، وَالقَضَاءُ مُصَرِّفُ
وصلْنا فقبّلْنا النّدى منكَ في يدٍ،
بها يُتْلَفُ المَالُ الجسيمُ، ويُخلَفُ
لقد جُدتَ حتى ما بنَفسٍ خَصَاصَة ٌ،
وأمّنْتَ حَتى ما بِقَلْبٍ تَخَوُّفُ
وَلَوْلاَكَ لم يَسهُلْ من الدُّهرِ جانبٌ؛
وَلا ذَلّ مُقْتَادٌ، وَلا لانَ مَعطِفُ
لكَ الخيرُ، أنّى لي بشكركَ نهضة ٌ؟
وَكيفَ أُودّي فرْضَ ما أنتَ مُسلِفُ؟
أفَدْتَ بَهِيمَ الحالِ مِنّيَ غُرَّة ً،
يُقَابِلُها طَرْفُ الجَمُوحِ فيُطرَفُ
وبوّأتَهُ دنيْاكَ دارَ مقامة ٍ،
بحَيْثُ دَنا ظِلٌّ وَذُلّلَ مَقْطِفُ
وكمْ نعمة ٍ، ألبستُها، سندسيّة ٍ،
أُسَرْبَلُها في كلّ حِينٍ وأُلْحَفُ
مَوَاهِبُ فَيّاضِ اليَدَيْنِ، كَأنّمَا
من المُزْنِ تُمرَى أوْ من البحرِ تُغزَفُ
فإنْ أكُ عبداً قد تملّكْتَ رقَّهُ،
فأرفَعُ أحوالي، وأسْنى وأشرفُ