أمرتكم أمري بنعمان ناصحا

أمرتكمُ أمري بنعمانَ ناصحا

​أمرتكمُ أمري بنعمانَ ناصحا​ المؤلف مهيار الديلمي


أمرتكمُ أمري بنعمانَ ناصحا
و قلتُ احبسوها تلحقِ الحيَّ رائحا
فماريتموني تخبرون اجتهادها
فأبتم بلا حاجٍ وأبنَ طلائحا
و قد صدقتني في الصبا عن مكانهم
أخابيرُ أرواحٍ سبتني نوافحا
كأنّ الثرى من طيبها فتَّ فوقه
مجيزون من دارينَ فأرا فوائحا
لقاءٌ على نعمانَ كان غنيمةً
و هيهات يدنو بعد أن فات نازحا
حمى دونه حرُّ السماوة ظهرها
و عبس وجها ناجرٌ فيه كالحا
إلى الحول حتى يشربَ القيظُ ماءهم
بنجدٍ وإما يسلخون البوارحا
لعلك في إرساليَ الدمعَ لائمٌ
و قد عطف الناسُ المطيَّ جوانحا
نعم قد تجرعتُ الدموعَ عليهمُ
عذابا وأقرحتُ الجفونَ الصحائحا
و ما قلتُ غاضت بالبكاء ركيةٌ
من العين إلا أرسلَ الشوقُ ماتحا
فهل ظبيةٌ بالغور يجزي وفاؤها
هوى لم يطعْ فيها على النأي كاشحا
إذا اعترضته من سلوًّ معوضةً
محاسنُ في أخرى رآها مقابحا
و من أين ينسى من يرى الغصنَ مائلا
مثالكِ والظبيَ المروعَ سانحا
أرى عينه عينيكو الغورُ بيننا
فأدمى لقد أبعدتَ يا سهمُ جارحا
يعنفُ في حبَّ البداوة فارغٌ
من الوجد لم يقرِ الغرامَ الجوانحا
فيا ليتَ لي من دار قومي واسرتي
جواركِ رواحاً عليكِ وصابحا
و من ترهاتِ الريف أرضا قطنتها
من الجدب فيها يأكلون النواضحا
إذا ما شربتُ الوصلَ عذبا مرقوقا
بها لم أعفْ أن أشرب الماء مالحا
دعوني ونعمانَ الأراك أروده
يجاوبُ صوتي طيره المتناوحا
عسى سارحٌ من دار ميةَ يامنٌ
يقيضُ لي عن شائمٍ طار بارحا
سقى ما سقتْ خدي الدموعُ الحيا الغضا
بواكرَ من جماته وروائحا
فكم ليلةٍ فيه نضوتُ حميدةٍ
و ألبستُ يوما برقعَ العيشِ صالحا
وهمًّ ترى القلبَ الرحيبَ وراءه
من الضيقِ لهفا يستعيبُ المراوحا
تلطفته حتى وجدتُ مفارجا
لصدريَ من غماته ومسارحا
و بحرٍ من الآل الغرور محرمٍ
ركبتُ له من سير لاحقَ سابحا
إلى حاجةٍ في طرقها الجدُّ كله
فأدركتها جذلانَ أحسبُ مازحا
و مضطغنٍ أن قدمتني زوائدٌ
من الفضل أخفته وقد كان واضحا
يعيرني الحدثانَ وهو أعزُّ لي
كفى جذعا أن فاتكَ الشوط قارحا
و هل ضائري شيئا إذا جئتُ آخرا
تأخرُ ميلادي وقد جئتُ فاصحا
و هرَّ فلم يطردْ فعضَّ سفاهةً؛
و عقرك لي أني حقرتك نابحا
و زنتُ بحلمي جهله لا أجيبه
فلله منا من تمكن راجحا
و عجماءَ من وحش القوافي خدعتها
و لم تعطِ قبلي جلدها قطُّ ماسحا
خطبتُ إليها عذرها فتحللتْ
و كانت حراما لا تلامس ناكحا
و عادتها في المدح ألا أذيلها
و لكنَّ قوما يكرمون المدائحا
تمنى بني عبد الرحيم ومجدهم
رجالُ أمانٍ لم يقعن نجائحا
و ريموا فما حطَّ الثريا لباعه
فتىً ظنها كفا فمدَّ مصافحا
كرام مضوا بالجود إلا صبابةً
أعاروا نداها الهاطلاتِ السوافحا
لهم من تليد العزّ ما يدعونه
إذا خفتَ في دعوى الحسيبِ القوادحا
إذا نشروا الأغصانَ من شجراتهم
على ناسبٍ عدوا الملوك الجحاجحا
تواصوا فطابوا في الحياة وأكرموا
نفوسا وطابوا ميتين ضرائحا
و أخفى الحسينُ خطفهم بشعاعهِ
كما أخفت الشمسُ النجوم اللوائحا
فتىً لا يريد المجدَ إلا لنفسه
و لا المالَ إلا قسمةً ومنائحا
ينازع أزماتِ السنين بأنملٍ
جوابرَ للأحوال تسمى جوارحا
أنامل من يسرٍ إذا ما أدارها
على مغلقاتِ الرزق كنَّ مفاتحا
أقام على وجه الطريق بوجهه
مجيرَ النهار عاقرَ الليل ذابحا
بحيث السماح لا يخيبُ سائلا
وحدُّ الصفاح لا يخيبنَ صائحا
إذا عجزتْ يوما مواعظُ صفحه
عن الأمر ولاه القنا والصفائحا
و يأبى فيأتي مشرعَ الدمِ واردا
حريصا ويأتي مشرعَ الماء قامحا
يصيب بأطراف العوالي محاربا
عداه وأطرافِ الكلام مصالحا
إذا هزَّ رمحا طاعنا خيلَ كاتبا
سدادا وطرساً كاتبا خيلَ رامحا
أقول لأيامي وهن عواثر
بحظي لعاً قد أدرك الذنبُ صافحا
إذا الصاحبَ استبقيته لي ورهطهُ
فمرى بقومٍ طائراتٍ طوائحا
أذموا على الآمال لي وتعاقدوا
على وقعْ خلاتي أكفا نواصحا
غبرتُ زمانا أمنع الناسَ مقودي
حرونا إلى غير المطامع طامحا
أعزُّ فلا ألقى ابنَ مالٍ مؤملا
لمالٍ ولا يلقانيَ الدهرَ مادحا
مع الناس جراً خاطري غير أنهم
بأخلاقهم يستعبدون القرائحا
و ما كنتُ في طرد الخطوب بيمنهم
بأولِ داجٍ يستضيء المصابحا
بك اعتدلتْ حوشيةٌ من تصعبي
و راخيتَ من أنسي فأصبحَ سازحا
صحبتك لم يمسحْ عذاري سواده
و ها أنا قد غطى سوادي المسائحا
و سديتَ عندي نعمةً ليس ناهضا
ثنائي بها ما لم أجدك مسامحا
فكن سامعا في كلّ نادي مسرةٍ
سواردَ في الدنيا ولسن بوارحا
حواملَ أعباءِ الثناء خفائفا
صعدن الهضابَ أو هبطن الأباطحا
يرى المفصحُ المفتونُ عجبابشعرهِ
لها ناقصا ما سره منه رازحا
إذا قمتُ أتلوها اقشعرَّ كأنني
تلوتُ مزاميرا بها ومسابحا
تزورك لا زالت تزور بشائرا
يسوق التهاني وفدها والمفارحا
يضمُّ الزمانُ شملَ عزك نظمها
و يطرحُ من عادي علاك المطارحا