أمغنى الهوى غالتك أيدي النوائب
أَمَغْنَى الهَوَى غالَتْكَ أَيدي النِّوائِبِ
أَمَغْنَى الهَوَى غالَتْكَ أَيدي النِّوائِبِ
فأَصْبَحْتَ مَغْنىً لِلصَّبَا والجَنائبِ
إذَا أَبْصَرَتْكَ العَيْنُ جادَتْ بِمُذْهَبٍ
عَلَى مَذْهَبٍ في الخَدِّ بَيْنَ المَذَاهِبِ
أَثَافٍ كَنَقْطِ الثَّاءِ في طِرْسِ دِمْنَةٍ
و نؤيٍ كدورِ النونِ منْ خطَّ كاتبِ
سَقَى الله آجالَ الهوى فيك لِلبَقَا
مدامَ الأماني من ثغورِ الحبائبِ
فلم يبق لي فيك البلى غيرَ ملعبٍ
يذكِّرُني عهدَ الصِّبا بملاعبِ
يبيتُ الهوى العذريُّ يعذرني إذا
خلعتُ به عذرَ الدموعِ السواكبِ
وَمَأْسورةِ الأَلْحَاظِ عن سِنة الكرى
كأَنَّ عليها الصبرَ ضربةُ لاَزبِ
تحرَّك طفلُ التِّيهِ في مَهْدِ طرفِها
إذا کكْتَحَلتْ بالغُمْضِ عينُ المُراقِبِ
تَصَدَّتْ لَنَا ما بين إعْرَاضِ زَاهِدٍ
على حذرٍ منها وَ إقبالِ راغبِ
و قد حليتْ أجفانها من دموعها
بأَحسنَ مِمَّا حُلِّيَتْ في التَّرائبِ
و ليلٍ كليلِ الثاكلاتِ لبستهُ
مشارقهُ لا تهتدي للمغاربِ
كأنَّ اخضرارَ الجوَّ صرحُ زبرجدٍ
تناثرَ فيه الدرُّ من جيدِ كاعبِ
كأَنَّ خَفِيَّاتِ الكواكبِ في الدُّجَى
بياضُ ولاءٍ لاَحَ في قلبِ ناصِبي
كأنَّ نجومَ الليل سربٌ رواتعٌ
لها البدرُ راعِ في رياضِ السحائبِ
كأَنَّ مُوشّى السُّحب في جَنَباتها
صدورُ بزاة أو ظهورُ الجنادبِ
صبحتُ به والصبحُ قد خلع الدجى
عَلَى منكبيه طَيْلَسانَ الغياهِبِ
بركبٍ سقوا كأسَ الكرى فرؤسهم
مُوَسَّدةٌ أَعْنَاقُها بالمُناكبِ
تلوا في ذرى الأكوار توراةَ قصدهم
بفكرِ جُسومٍ آتياتٍ ذَواهِبِ
تكادُ تَظُنُّ العِيسُ أَنْ لَيْسَ فوقها
إذا سكتوا إلاَّ صدور الحَقَائِبِ
كواكبُ ركبٍ في بروجِ أهلةٍ
تدورُ بأفلاكٍ بغيرِ كواكبِ
إذَا أَشْرَقَتْ كانتْ شموسَ مشارِقٍ
و إنْ غربتْ كانتْ بدورَ مغاربِ
على ناحلاتٍ كالأهلةِ إنْ بدتْ
أتمَّ انقواساً من قسيَّ الحواجبِ
طَواهُنَّ طيُّ السَّيْرِ حتّى كأَنَّها
قناطرُ تسعى مخطفاتِ الجوانبِ
وَقد عَقْرَبَتْ أَذْنَابَها فكأَنَّها
نشاوى أعالٍ صاحياتُ المذانبِ
خِفافٌ طَوَيْنَ الشرقَ تحت خِفافها
بنا ونشرنَ الغربَ فوق الغواربِ
ضربنَ الدجى صفعاً علىَ أمّ رأسه
وقد ثملتْ من خمر رَعْيِ الكواكبِ
فلما أجزناها بساحة طاهر
ذهبْنَ بنا في مُذْهَبَات المذاهبِ
إلى كعبة الامال والمطلبِ الذي
به حُلِّيتْ أَجيادُ عُطْلِ المواكبِ
إلى من يرى أنَّ الدروعَ غلائلٌ
و أنَّ ركوبَ الموت خيرُ المراكبِ
و من لا تراه طالباً غيرَ طالبٍ
ولا ذاهباً إلاَّ عَلَى غيرِ ذاهبِ
مجيبٌ لأَطراف الرِّماحِ إذا کرتَمَتْ
بها وافداتُ الطعنِ من كلَّ جانبِ
بعاداتِ صبرٍ لم تزل تستعيدُهُ
إلى الحرب حتى مات صبرُ المحارب
فتىً أَلبسَ الأَيامَ ثوبَ شبيبةٍ
وكانتْ قديماً في جلابيبِ شائبِ
تظلُّ المنايا تحتَ ظلَّ سيوفه
إذا خطر الخطيُّ بين الكتائبِ
ينظّمُ نثرَ الطَّعن في وجه طاعنٍ
وينثرُ نظم الضَّرب في نحر ضاربِ
و قد كتبتْ أيدي المنايا وأعربتْ
بشكل العوالي فوق خطّ القواضبِ
لئن أقعدتْ أسيافه كلَّ قائمٍ
فقد أرجلتْ أرماحه كلَّ راكبِ
عَلَى سافراتٍ للطِّعانِ نحورُها
أَقلُّ حياءً من صروف النوائبِ
وَيَحْدُو الصفا بالركضِ منها أَهلَّةٌ
مرصعةٌ حافاتها بالكواكبِ
يكاد يريك الشيءَ قبل عِيانِهِ
ويقضي لك الحاجاتِ قبل المَطالبِ
إذا ما انبرى في هفوةِ الفكر رأيهُ
رأى بعيانِ الرأي ما في العواقبِ
تعوذه أعداؤه من ذكائهِ
إذا ما اكتفى بالرأي دون التجاربِ
ركوبٌ لأعناقِ الأمور إذا سطا
عفا بکقتدارٍ حين يسطو بواجبِ
حرامٌ عليه أن يردَّ رماحهُ
من الطعن إلاَّ وهي حمرُ الثعالبِ
أمانٌ لمرتاعٍ، وروعٌ لآمنٍ
و كهفٌ لمطلوبٍ، وحربٌ لغالبِ
إذا أَبْرقتْ ضرباً سيوفُك أَمطرتْ
رؤوسَ الأعادي فوق أرضِ المصائبِ
بما انهلّ من كفيكَ في ذلك الندى
وما حَمَلَتْهُ من قناً وقواضبِ
أرحها قليلاً كي تقرَّ فإنها
من الضَّرب أَمستْ ناحِلاَتِ المضاربِ
تَمُرُّ بك الأَيَّامُ وَهْيَ شواهدٌ
بأنك ما أبقيتَ عتباً لعاتبِ
«أَبَا حَسَنٍ» هذا کبنُ مدحِكَ قد أَتى
لِمَدْحِكَ والأَيَّامُ خُضْرُ الشواربِ
بِمَالِكَةٍ للسمع مملوكةٍ به
عجائبها من امهات العجائبِ
إذا أُنشدَتْ في مشهدٍ شَهدُوا لَها
بحسنِ التناهي في اختصار المذاهبِ
لتعلم أَني «حاتِمُ» الشعرِ والَّذي
غرائبُه فيه حِسانُ الغَرَائِبِ