أمنك سرى طيف وقد كان لا يسري
أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كانَ لا يسري
ونحنُ جميعاً هاجعون على الغَمْرِ
تعجَّبتُ منه كيفَ أَمَّ رِكابَنا
وأرحُلَنا بينَ الرِّحال وما يَدْري
و كيف اهتدى والقاعُ بيني وبينه
و لماعةُ القطرين مناعةُ القطرِ؟
و أفضى إلى شعثِ الحقائب عرسوا
على منزلٍ وَعْرٍ ودَوِّيَّةٍ قَفْرِ
وقومٍ لَقُوا أعضادَ كلِّ طَليحةٍ
بهامٍ مَلاهُنَّ النُّعاس منَ السُّكْرِ
سروا وسماكُ الرمح فوق رؤسهمْ
فما هوموا إلاَّ على " وقعة " النسرِ
وباتَ ضجيعاً لي ونحنُ منَ الكرى
كأنا تروينا العتيقُ من الخمرِ
أضمّ عليه ساعديَّ " إلى " الحشا
وأَفرشُهُ مابينَ سَحْري إلى نَحري
تمنَّيتُهُ والليلُ سارٍ بشخصِهِ
إلى مَضجعي حتَّى التَقيْنا على قَدْرِ
و بيضٍ لواهنَّ المشيبُ عن الهوى
فأَنْزَرْنَ من وصْلي وأوسَعْنَ مِن هَجْري
و ألزمنني ذنبَ المشيب كأنني
جَفَتْهُ يدايَ عامداً، لا يدُ الدَّهرِ
أَمِنْ شَعَراتٍ حُلنَ بيضاً بمَفْرَقي
ظَنَنتنَّ ضَعْفي أو أَيِسْتُنَّ من عُمري
محاكنَّ ربي إنما الشيبُ قسمةٌ
لما فات من شرخِ الشبيبة من أمري
سقى اللهُ أيَّامَ الشَّبيبةِ رَيِّعاً
ورَعْياً لعصرٍ بانَ عنِّيَ من عصرِ
لياليَ لاتَعْدو جِماليَ مُنيَتي
و لا ترددُ الحسناءُ نهيي ولا أمري
وليلُ شبابي غاربُ النَّجم فاحمٌ
ترى العينَ تسري فيه دهراً بلا فجرِ
وإذ أنا في حُبِّ القلوب مُحكَّمٌ
و أفئدة البيض الكواعب في أسري
أَلا يابني فِهْرٍ شَكيَّةَ مُثقَلٍ
منَ الغَيظِ مَلآنِ الضُّلوع منَ الوِتْرِ
تسقونه في كلّ يومٍ وليلةٍ
بلا ظمأٍ كأس العداوة والغدرِ
وأغضبكمْ ماطوَّلَ اللهُ في يدي
وأعلاه مِن مَجْدي وأسناهُ مِن فَخْري
و إنيَ ممنْ لا تحطُّ ركابهُ
على البلد " النابي المجلهِ بالحسرِ "
وإنَّ لساني عازبٌ قد علمتُمُ
عن العورِ أن أجريهِ والمنطق الهجرِ
وكمْ ساءَكمْ نفعي ولم يكُ منكُمُ
وسَرَّكُمُ ما قيَّضَ الدَّهرُ من ضَرِّي
و أرضاكمُ عسري وإن كان عسركمْ
وأسْخَطكمْ يُسري وإن لم يكن يُسري
و قد كنتُ أرجوكمْ لجبري فها أنا
أخافُكُمُ طولَ الحياةِ على كسري
وكان لكم منِّي جَميعي فلم يزلْ
قبيحكُمُ حتَّى زَوى عنكُمُ شَطري
وغرَّكُمُ أنِّي غَمَرتُ عُقوقَكُمْ
و أخفيته عن أعين الناس بالبرَّ
أزملهُ في كلَّ يومٍ وليلةٍ
كما زَمَّلَ المقرورُ كشحَيْهِ في قُرِّ
وأكظِمُهُ كَظْمَ الغريبةِ داءَها
و لولا اتساعي ضاق عن كظمهِ صدري
وكيف أُرامي من ورائي عدوَّكمْ
وفيكم ورائي مَن أخافُ على ظهري
وأنَّى أُرجِّيكُمْ لبُرْءٍ جِراحتي
و ما كان إلاَّ عن سهامكمُ عقري
وأنِّي لأرضَى منكُمُ إنْ رضِيتُمُ
بأن تبخلوا بالحلو عني وبالمرَّ
وأنْ لاتكونوا للعدوِّ مخالباً
إذا لم تكونوا يوم فريي بكم ظفري
وهل فيكُمُ إلا امرؤٌ شاعَ ذكرُهُ
لِما شاعَ مابينَ الخلائق من ذكري؟
ومَن هو غُفْلٌ قبلَ وَسْمي وعاطلُ
التَّرائب لولا دُرُّ نَظْميَ أو نثري
و شنعاءَ جاءتْ من لسان سفيهكمْ
تصاممتها عمداً وما بيَ من وقرِ
و أعرضت عنها طاويَ الكشح دونها
وطيُّ اليماني البرد أبقى على النشرِ
رَعى اللهُ قوماً خلَّفوني عليكُمُ
شددتُ بهمْ في كلّ معضلةٍ أزري
بطيئين عن سلمي، فإن عزم العدا
مُحاربتي كانوا سِراعاً إلى نَصري
ولي دونَهمْ حقِّي وفوقَ ظهورِهمْ
إذا عضَّني المكروهُ ثِقْليَ أو وِقْري
صحبتهمُ أستنجد الكر فيهمُ
و قد كنتُ في الأقوام مستنجداً صبري
همُ أخصبوا مرعايَ فيهمْ ومسرحي
و همْ آمنوا ما بين أظهرهمْ وكري
وهم بَرَّدوا في النَّائباتِ جَوانحي
و همْ تركوا ذنبي غنياً " عن " العذرِ
و قد كنتُ ألقى فيهمُ كلَّ مترعٍ
من الحسن معقولِ الأسرةِ كالبدرِ
أمين الخطا لم يسرِِ إلاّ إلى تقى
و لا دبّ يوماً للأخلاء بالمكرِ
تراهُ مليّاً والعَوالي تَنوشُه
بأنْ يولج المجرَ العظيمَ " على المجرِ "
و يمسى حديثُ القومِ عنه ويغتدي
ذكياً ششذاهُ بينهمْ أرجَ النشرِ
كأنهمُ شنتْ ثناهُ شفاههمْ
يشنون في النادي سحيقاً من العطرِ
مَضَوْا بَدَداً عنِّي وحلَّقَ بعدَهُمْ
بما سَرَّني في العيش قادِمَتا نَسْرِ
فلا أغمضُ العينين إلاّ على قذى
و لا أقلب الجنبين إلاّ على جمرِ