أنا ابن الأرض

​أنا ابن الأرض​ المؤلف عبد الباسط الصوفي


غنّيتُ للفجرِ حتى انسابَ مُنْهَمِرا
ورحتُ أنفضُ أَجفانَ الهوى صُوَرا
والأرضُ من أُفُقٍ تسعى إلى أُفقٍ
يصحو لها الوَتَرُ الغافي، ولو سَكِرا
غنَّيتُ... واخضَلَّتِ الذكرى على شفتي
وصَفَّق الهُدْبُ للحُلْمِ الذي خَطَرا
أختاه! أَيُّ شفاهي لم تَذُبْ نغماً
وأيُّ جرحٍ عميقٍ لم يَعُدْ نضِرا
أصْفى من النورِ آلامي، ولو جُحِدَتْ
ودمعتي بوركتْ: مجرىً، ومُنحَدرا
توسَّدَ الروحُ، في أفياءِ جنَّتهِ،
يُسربلُ الكونَ، أَطياباً، وما شَعَرا
رَدَّ الليالي عذارى، وَهْوَ مصطفقٌ
ولوَّنَ الشَّفَقَ المسفوحَ مدّكِرا
روحي صلاةٌ، إذا هامَ الحنينُ بها،
تضوَّعَ الإثمُ غُفْراناً، وإن كَفَرا
أختاه! هذا فؤادي في ارتعاشتهِ
كجدولِ الضَّوْءِ، أرخى نَبْعَهُ وَجَرى
قفي على طَلَلِ الماضي نودِّعُهُ
عَفْوَ الهوى ينطوي من بعدنا خَبَرا
عَفْوَ القوافي، فَلَمْ يَصْمُتْ لها وترٌ
إلاَّ وصُغتُ جراحاتي لها وَتَرا
قفي على طَلَلِ الماضي، لنا غَدُنا
ينشقُّ من كَبِد الأيامِ منحسِرا
غدٌ رحيبُ المدى، من كلِّ بارقةٍ
تهدهدُ اللّيْلَ، في أحداقنا، سَحَرا
غدٌ يغنّي له الأحرارُ ما طربوا
وما تنادى الحمى فيهم وما زأرا
لا... لا تلومي: بلادي جنَّةٌ عَبَقَتْ
رمالُها السُّمْرُ أمجاداً ومُفْتَخَرا
خَطَّتْ دروبُ العصورِ الهارباتِ دَماً
وهزَّتِ الأَبَدَ المذعورَ، فانْفَطَرا
ألم نشيِّدْ صُروحَ العزِّ شامخةً
وَنَقْذِفِ الشُّهبَ، في آفاقِنا، زُمَرا؟
مواكبُ الشَّمْسِ سارتْ في معارجنا
في كلِّ مُفْتَرَقٍ تبني لنا أَثَرا
لا... لا تلومي، أَنا من أمَّةٍ رقَصَتْ،
على الجحيمِ، تضمُّ الجمرَ والشَّرَرا
ماذا دهى الوَطَنَ المذبوحَ، فاختلجتْ
على الشِّفارِ، دماهُ الحُمْرُ واحتضَرا
يا لَلخمائلِ قفْراً في مراتِعِنا
كالموتِ جرداءَ، لا ظلاً، ولا ثَمَرا
يا لَلنجومِ الزَّواهي غوِّرَتْ حلَكاً
لا سامِرٌ، بَعْدَنَا، يشدوَ ولا سَمَرا
القدسُ، في قبضةِ الإجرامِ قد هُتِكَتْ
والعهدُ، تحت يد السفّاح، قد نُحِرا
واستصرخَ المغربُ الدّامي فهلْ خفقتْ
له المروءاتُ؟ والموتورُ، هل ثَأرا؟!
دنيا العروبةِ، صرعى، ترتمي مِزَقَاً
لكلِّ مغتصِبٍ، إنْ جالَ، أو جَأَرا
فكلُّ باغٍ، على أشلائها، ثَمِلٌ
وكلُّ مستعمرٍ، في بيتها، سَدَرا
ألقاكِ، يا أُختُ، في صحْوِ الشجونِ رضاً
تباركَ الحزنُ، فينا، ضاحكاً عَطِرا
تمضي على لهَبِ الأحزانِ باسمةً
جراحُنا، ودمانا الطيبُ إن نُشِرا
مأساتُنا، لو تعي الأيامُ، صارخةٌ
حمراءُ، تنسج من آلامنا الظَّفَرا
سنحمل الجرحَ، لا نشكو به ألماً
ولا نضيق، على أوهامه، وَطَرا
نُعدُّ، للثأرِ، راياتٍ مزغرِدةً
ونلطُمُ الدَّهْرَ، والأنواءَ، والخَطَرا
إرادةُ الشعبِ، في أعماقِنا، قَدَرٌ
وكم طلعنا، على أجيالنا، قَدَرا!
هي الحضاراتُ، فجَّرْنا منابعها
من الصميم، فسالتْ.. بيننا نَهَرا
ألقاكِ، يا أختُ، فالدنيا بنا حلُمٌ،
من الظلالِ الضوافي، بات مؤتزِرا
سننظمُ الصبحَ، بعدَ الصبحِ، مؤتلقاً
ونغرس المجدَ، بعد المجد، مزدهرا
غداً، تُرَدُّ الأماني البيضُ مائجةً
والدربُ يزخرُ بالوهج الذي زَخَرا
غداً، وسال فمي نجوى وقافيةً
ورفَّ جفني على الألوان منتثرا
الشعر من كبدي نُعمى، مسلسلةٌ
أو ثورةٌ جمحتْ، أو عاصفٌ طفَرا
أنا ابنُ أرضٍ على آبادها درجتْ
قوافلُ الدهرِ وانساحَتْ بها ذِكَرا
فكلُّ شبرٍ، نسيجٌ من دمٍ ولظىً
وكلُّ أفقٍ، نداءٌ ضجَّ واستَعَرا



Public domain هذا العمل في ملكية الجمهور في سوريا وفق قانون حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 2014، إما لأن مدة حماية حقوق المؤلف قد انقضت بموجب أحكام الفصل الخامس منه أو لأن مدة الحماية انقضت قبل بدء العمل بهذا القانون بموجب المادة 98 منه، أو لأن العمل غير مشمول بالحماية بموجب الفقرة /أ/ من المادة 4.

تكون الأعمال السُّوريَّة في النطاق العام الآن في الولايات المُـتحدة الأمريكية إذا كانت حقوق تأليفها ونشرها قد انقضت وانتهت في سوريا عند تاريخ استعادتها (11 يونيو 2004) بشرط أن يكون العمل قد نُشر قبل هذا التَّاريخ. يتوافق هذا العمل مع واحد من شروط قانون حماية حقوق المُؤّلِّف والحقوق المجاورة السُّوريّ الصَّادر في عام 2014:

المادة 19 : تُحمى الحُقوق الماليَّة للمُؤَلِّف المَنصُوص عليها في هذا القانون طِوال حياته ولمدة خمسين سنة تلي نهاية سنة وفاته ما لم ينصّ القانون على غير ذلك.
المادة 20 : تُحمى الحقوق الماليَّة لمُؤَلِّفي المُصنَّفات المُشتَركة طِوال حياتهم جميعاً ولمدة خمسين سنة تلي نهاية سنة وفاة آخر من بقي مِنهم على قيد الحياة ما لم ينصّ القانون على غير ذلك.
المادة 21 : تُحمى الحُقوق الماليَّة على المُصنَّفات السَّمعيَّة أو البصريَّة والمُصنَّفات الجماعيَّة مُدة خمسين سنة تبدأ من أَول السَّنة الميلاديَّة التَّالية لنشرها لأَوَّل مَرَّةٍ.
وفي حال عدم النَّشر خلال خمسين سنة من تاريخ إِنجاز المُصنَّف تُحسَب هذه المدة ابتداءً مِن أَوَّل السَّنة الميلاديَّة التاليَّة لتاريخ هذا الإِنجاز.
المادة 22 : تُحمى الحُقوق الماليَّة على المُصنَّفات الَّتي تُنشر دون ذكر اسم مُؤَلِّفِها أو باسمٍ مُستعارٍ مُدة خمسين سنةً مِن نَشرها لأَوَّل مَرَّةٍ لكنّ إِذا كان مُؤَلِّفُها مَعرُوفاً ومُحدَداً أَو جَرى الكشف عن هَويته خلال المُدة المَذكُورة فتُحسب مُدة الحماية عَملاً بالقاعدة المَنصُوص عليها في المادتين /19/ و/20/ مِن هذا القانون.
المادة 23 : تُحمى الحقوق الماليَّة على مصنفات الفُنون التَّطبيقيَّة مُدة خمس وعشرين سنة تَبدأُ مِن أَوَّل السَّنة الميلاديَّة التاليَّة للسَّنة الَّتي جرى فيها إِنجاز المُصنَّف.
تُحمى الحقوق الماليَّة على مصنفات قواعد البيانات مُدة خمس عشرة سنة تبدأ مَن أَوَّل السَّنة الميلاديَّة التاليَّة للسَّنة الَّتي جرى فيها إِنجاز المُصنَّف.
المادة 24 : تدخل في ملكية الجُمهور جميعُ المُصنَّفات الَّتي انقضت مُدة حمايتها وفق أَحكام هذا القانون.

سوريا
سوريا