أنا العاشق السالي لوجهك يا علو

أنا العاشق السالي لوجهك يا علو

​أنا العاشق السالي لوجهك يا علو​ المؤلف عبد الغني النابلسي


أنا العاشق السالي لوجهك يا علو
وطعم الجفا مرّ وطعم الوفا حلو
جمعت بها الأضداد من كل حالة
فميت وحيّ ثم مع يقظة سهو
وإني أنا الموجود عنها بهالها
وما أنا موجود وما لغتي لغو
وسكر ولا سكر إذا ما شهدتها
وإن حجبت عني فصحو ولا صحو
وسيرو ولا سيرو كشف وغفلة
وعلم ولا علم وشجور ولا شجو
تجهمت شأو العشق في نشأة الصبى
وما من صبي فيها ولا عشق ولا شأو
وداء الهوى داء عضال لدى الورى
وما نافع فيه المداواة لا سأو
ونلت على قدر المنى رتب المنى
وما يستوي الولهان والفارغ الخلو
وما قيدتني حالة دون حالة
فلا كدر في الحب عندي ولا صفو
وأصبحت في أوج الحقيقة راقيا
فلا طلب مني لشيء ولا رجو
ولا وحشة والكون أنس وبهجة
يلذ من الحادي لركبانه الحدو
ولا سفر لا غربة لا إقامة
ولا حضر يوم اللقاء ولا بدو
لقد شغلتنا الظاهرات بمن بها
لنا ظاهر حتى استوى الجدّ واللهو
ورقت غليظات الأمور وروّقت
كؤوس المعاني فالأماني لها تلو
فلا عجب إن طرت من رونق الهوى
وإن زج بي في نور غيبي فلا غرو
وما الفخر إلا فخر مثلي على السوى
وزهو مقامي في التجلي هو الزهو
ولي نفس يعلو بغير تكلف
وغير بتكليف له النفس الربو
وبحر المنى رهوا تركناه للورى
وما بحر عشقي عند خائضه رهو
بدت نار ليلى والظلام ينيرها
من الكون حتى زال عندي لها العشو
وما كل ذي قلب ينال منالنا
من الغيب لكن كل بئر له دلو
هي الروضة الغناء أغنت بحسنها
عن الكل فيها عرعر الغير والسرو
وأغصانها منها تدلت كرامة
علينا وقد طاب التناول والعطو
هي الجنة الفردوس والقلب بابها
ومن جاءها من نفسه صدّه العمو
ولا جهل والعلم اللدني شعارها
ولا ذنب أذ منها التجاوز والعفو
تعلقها قلبي فأوردت الردى
لنفس فأفنت والهوى للردى صنو
فريدة حسن لم تزل أحدية
وليس لها مثل وليس لها كفو
علامتها محو النفوس إذا بدت
وذلك محو للنفوس ولا محو
تجلت على العشاق نحو مرامهم
فلذلهم في حبها ذلك النحو
ويسعى ويعدوكل شيء بأمرها
إليها فيحلو منهم السعي والعدو
وكنت وكانت حيث لا كان ههنا
ولكن على المعنى لها القهر والسطو
تعالت كما شاءت بنا وتباركت
فجلت عن الإفهام وانقطع الخطو