أنت في الكون كروح مستسر

أنت في الكون كروح مستسر

​أنت في الكون كروح مستسر​ المؤلف محمد إقبال


أنت في الكون كروح مستسر
روحنا أنت ومنا تستتر
منك فيه نغمة عود الحياه
في هواك الموت محسود الحياه
عد فسكن ذي القلوب البائسه
عد فعمر ذي الصدور اليائسة
عد فكلفنا الفعال الماجدا
ألهبن العشق فينا الخامدا
إننا نشكو تصاريف القضاء
أنت تغلى السعر والأيدي خلاء
عن فقير لا تحجب ذا الجمال
عشق سلمان امنحنا وبلال
عين سهد لفؤاد قلق
امنحنا واضطراب الزئبق
آية أظهر من الآي المبين
لنرى أعناق قوم خاضعين
أظهر البركان من أعوادنا
وامح غير الله في نيراننا
كفنا ألقت بخيط الوحدة
كم ترى في أمرنا من عقدة
قد مضينا كنجوم حائره
إخوة لكن وجوه نافره
انظمن في السلك هذا الورقا
جددن سنة حب أخلقا
ابعثنا مثل ما كنا لكا
ائتمن فيما ترى أحبابكا
منزل التسليم أبلغ ركبنا
عزم إبراهيم يسره لنا
علمن العشق من أفعال لا
رمز إلا الله علم غافلا
أنا كالشمع لغيري أحرق
وبدمعي كل حفل يشرق
رب هذا الدمع نور في القلوب
ذو هياج واضطراب ونحيب
أبذر الدمع فتنموا شعل
نار شقر الروض منها تنصل
أمس في قلبي وعيناي الغد
أنا في الجمع فريد موحد
ظن كل أنني نعم السمير
ليس يدري أي سر في الضمير
أين يا رباه في الدنيا النديم
نخل سيناء أنا أين الكليم
ظالم نفسي فكم عنيتها
شعلا في صدرها أذكيتها
شعلا للحس تذرو ما به
وتشب النار في أثوابه
وبها العقل جنونا علما
وبها أحرق ما قد علما
قد علت من حرها شمس السماء
حولها للبرق طوف في الفضاء
كل عرق في نارا يقطر
شعلا ينبت في الشعر
بلبلي يلقط هذا الشررا
فتراه نغما مستعرا
صدر عصري ما بقلب يؤهل
نوح قيس حين يخلو المحمل
يخفق الشمع وحيدا ويله
في فراش لا يرى أهلا له
كم أرجي مسعدا لي في البشر
ونجيا كما أرجى في الدهر
يا من الأنجم منه تستنير
أرجعن نارك من روحي الكسير
اسلبن نفسي ما أودعتها
عطلن من نورها مرآتها
أو فهب لي وجه خل لبق
هو مرآة لعشق محرق
يخفق الموج بموج في العباب
لا يسير الموج إلا في صحاب
ومع الكوكب يسرى الكوكب
وعلى الأقمار يحنو الغيهب
ومع الليل نهار أبدا
ومسير اليوم يقتاد غدا
نهرا أبصر يفنى في نهر
ونسيم الروض في عرف الزهر
رب حان آهل من شربه
راقص المجنون مجنونا به
أنت يا واحد لا شبه لكا
عالما أنشأته من أجلكا
وأنا مثل شقيقات الفلا
مفرد في بهرة الجمع خلا
هب نجيا يا ولي النعمة
محرما يدرك ما في فطرتي
هب نجيا لقنا ذا جنة
ليس بالدنيا له من صلة
روحه أودع من أناتيه
وأرى في قلبه مرآتيه
جد بنفي الذات ذاتا لا تهاب
اجتهد والله يهديك الصواب