أنورك أم أوقدت بالليل نارك

أنورك أم أوقدت بالليل نارك

​أنورك أم أوقدت بالليل نارك​ المؤلف ابن دارج القسطلي


أنورك أم أوقدت بالليل نارك
لباغ قراك أو لباغ جوارك
ورباك أم عرف المجامر أشعلت
بعود الكباء والألوة نارك
ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق
حداه دعائي أن يجود ديارك
وخلخالك استنضيت أم قمر بدا
وشمس تبدت أم ألحت سوارك
وطرة صبح أم جبينك سافرا
أعرت الصباح نوره أم أعارك
وأنت أجرت الليل إذا هزم الضحى
كتائبه والصبح لما استجارك
فللصبح فيما بين قرطيك مطلع
وقد سكن الليل البهيم خمارك
أفيا لنهار لا يغيض ظلامه
ويا لظلام لا يغيض نهارك
ونجم الثريا أم لآل تقسمت
يمينك إذ ضمختها أم يسارك
لسلطان حسن في بديع محاسن
يصيد القلوب النافرات نفارك
وجند غرام في دروع صبابة
تقلدن أقدار الهوى واقتدراك
هو الملك لا بلقيس أدرك شأوها
مداك ولا الزباء شقت غبارك
وقادمة الجوزاء راعيت موهنا
بحر هواك أم ترسمت دارك
وطيفك أسرى فاستثار تشوقي
إلى العهد أم شوقي إليك استثارك
ومرتد أنفاسي إليك استطارني
أم الروح لما رد في استطارك
بكم جزت من بحر إلي ومهمه
يكاد ينسي المستهام ادكارك
ذو الحظ من علم الكتاب حداك لي
أم الفلك الدوار نحوي أدارك
وكيف كتمت الليل وجهك مظلما
أشعرك أغشيت السنا أم شعارك
وكيف اعتسفت البيد لا في ظعائن
ولا شجر الخطي حف شجارك
ولا أذن الحي الجميع برحلة
أراح لها راعي المخاض عشارك
ولا أرزمت خوص المهاري مجيبة
صهيل جياد يكتنفن قطارك
ولا أذكت الركبان عنك عيونها
حذار عيون لا ينمن حذارك
وكيف رضيت الليل ملبس طارق
وما ذر قرن الشمس إلا استنارك
وكم دون رحلي من قصور مشيدة
تحرم من قرب المزار مزارك
وقد زأرت حولي أسود تهامست
لها الأسد أن كفي عن السمع زارك
وأرضي سيول من خيول مظفر
وليلي نجوم من سماء مبارك
بحيث وجدت الأمن يهتف بالمنى
هلمي إلى عينين جادا سرارك
هلمي إلى بحرين قد مرج الندى
عبابيهما لا يسأمان انتظارك
هلمي إلى سيفين والحد واحد
يجيران من صرف الحوادث جارك
هلمي إلى طرفي رهان تقدما
إلى الأمد الجالي عليك اختيارك
وحيي على دوحين جاد نداهما
ظلالك واستدنى إلي ثمارك
وبشرك قد فازت قداحك بالمنى
وأعطيت من هذا الأنام خيارك
شريكان في صدق المنى وكلاهما
إذا بارز الأقران غير مشاركب
هما سمعا دعواك يا دعوة الهدى
وقد أوثق الدهر الخئون إسارك
وسلا سيوفا لم تزل تلتظي أسى
بثأرك حتى أدركا لك ثارك
ويهنيك يا دار الخلافة منهما
هلالان لاحا يرفعان منارك
كلا القمرين بين عينيه غرة
أنارت كسوفيك وجلت سرارك
فقاد إليك الخيل شعثا شوازبا
يلبين بالنصر العزيز انتصارك
سوابق هيجاء كأن صهيلها
يجاوب تحت الخافقات شعارك
بكل سري العتق سرى عن الهدى
وكل حمي الأنف أحمى ذمارك
تحلوا من المنصور نصرا وعزة
فأبلوك في يوم البلاء اخيتارك
إذا انتسبوا يوم الطعان لعامر
فعمرك يا هام العدى لا عمارك
يقودهم منهم سراجا كتائب
يقولان للدنيا أجدي افتخارك
إذا افترت الرايات عن غرتيهما
فيا للعدى أضللت منهم فرارك
وإن أشرق النادي بنور سناهما
فبشرى الأماني عينك لاضمارك
وكم كشفا من كربة بعد كربة
تقول لها النيران كفى أوارك
وكم لبيا من دعوة وتداركا
شفى رمق ما كان المتدارك
ويا نفس غاو كم أقرا نفارك
ويا رجل هاو كم أقالا عثارك
ولست ببدع حين قلت لهمتي
أقلي لإعتاب الزمان انتظارك
فلله صدق العزم أية غرة
إذا لم تطيعي في لعل اغترارك
فإن غالت البيد اصطبارك والسرى
فما غال ضيم الكاشحين اصطبارك
ويا خلة التسويف قومي فأغدفي
قناعك من دوني وشدى إزارك
وحسبك بي يا خلة النأي خاطري
بنفسي إلى الحظ النفيس حطارك
فقد آن إعطاء النوى صفقة الهوى
وقولك للأيام حوري محارك
وياستر البيض النواعم أعلني
إلى اليعملات والرحال سرارك
نواجي واستودعتهن نواجيا
حفاظك يا هذي بذي وازدهارك
ودونك أفلاذ الفؤاد فشمري
ودونك يا عين اللبيب اعتبارك
صرفت الكرى عنها بمغتبق السرى
وقلت أديري والنجوم عقاركأ
فإن وجبت للمغربين جنوبها
فداوي برقراق السراب خمارك
وأوري بزندي سدفة ودجنة
إذا كانتا لي مرخك وعفارك
وإن خلع الليل الأصائل فاخلعي
إلى الملكين الأكرمين عذارك
بلنسية مثوى الأماني فاطلبي
كنوزك في أقطارها وادخارك
سينبيك زجري عن بلاء نسيته
إذا أصبحت تلك القصور قصارك
وأظفر سعي بالرضامن مظفر
وبورك لي في حسن رأي مبارك
فظمء المنى قد شاء بارقة الحيا
وأنشقت يا ظئر الرجاء حوارك
وحمدا يميني قد تملأت بالمنى
وشكرا يساري قد حويت يسارك
وقل لسماء المزن إن شئت أقلعي
ويا أرضنا إن شئت غيضي بحارك
ولا توحشي يا دولة العز والندى
مساءك من نوريهما وابتكارك