أنى هجوت بني ثوابه

​أنَّى هجوتَ بني ثوابَهْ​ المؤلف ابن الرومي


أنَّى هجوتَ بني ثوابَهْ
يا صاحبَ العينِ المُصابهْ
أهلَ السماحةِ والرجا
حة والأصالة واللَّبابهْ
القائلينَ الفاعلي
ن أُولي الرياسة والنِّقابهْ
والفارعينَ المجدَ وال
بانينَ فوقهُمُ قِبابهْ
الآخذينَ بأنفهِ
لا كالأُولى عِلِقوا ذِنابَهْ
نُجُبٌ تلوح إذا بَدَوْا
بوجُوهم غُررُ النجابهْ
لم يبقَ طودٌ للعلا
لا يرتقي أحدٌ هِضابهْ
إلاَّ كأنَّ اللَّه ذلْ
لَلَ عامداً لهمُ صِعابهْ
وإذا استعارَ الحمدَ يو
ماً معشرٌ ملَكُوا رقابهْ
يا رُبَّ رأيٍ فيهمُ
لا تَبلغُ الآراءُ قابهْ
وندىً إذا فُقِدَ النَّدى
يتتبَّعُ العافي مُصابهْ
قومٌ إذا صَدْعٌ تفا
قَمَ مرةً كانوا رِئابَهْ
وإذا شتاءٌ أخلفتْ
أنواؤه خَلفوا سَحابهْ
جُعلتْ بيوتُهمُ مع ال
بيتِ العتيقِ لنا مَثابهْ
ننتابُ فيها نائلاً
جَزْلاً متى شئنا انتيابهْ
ويلوذُ لائذُنا بها
إن حبلُنا اضطراب اضطرابهْ
لم يَدْعهُمْ مُستنجدٌ
إلا ودعوتُه المُجابهْ
كم عائذٍ من دهرِهِ
بهمُ إذا ما الدهرُ رابَهْ
خُذ في النوائب منهمُ
حَبْلاً ولا تَخَفِ انقضابَهْ
أمثالَهُمْ فاعْممْ بمد
حكَ عَمَّهُمْ حُسْنُ الصحابهْ
وأخصُصْ أبا العباس بح
رَ الجودِ حقاً لا سرابهْ
ملِكٌ يظلُّ إذا غدا
تتعاورُ الأيدي رِكابهْ
سائلْ بسؤدَدِهِ المعا
شرَ بل ندَاهُ وانسكابهْ
يُخبرْك عنهُ باليقي
نِ ويجعل الجدوى جوابهْ
غيثٌ إذا اسْتَمطرتَهُ
ألفيتَ من ذَهبٍ ذهابهْ
قعدَ العُفاةُ وسيبُهُ
يَختبُّ نحوهُمُ اختبابهْ
أغنتهُمُ نفحاتُهُ
حتى لقد هجروا جَنابهْ
لكنْ وفودُ الشكرِ لا
تنفكُّ قد شحنتْ رحابهْ
ولَمَا ابتغى من شاكرٍ
شُكرَ النَّوالِ ولا استثابهْ
أعطى الذي لَوْ سِيمَ حا
تمُ أخْذَهُ يوماً لهابَهْ
فأباحَهُ حَمْدَ الورى
مالٌ أباحهُمُ انتهابهْ
كم رايةٍ للمجد فا
زَ بِهَا وأخطأها عَرابهْ
ويُجيلُ في الخَطْب الذي
تُضحي شواكِلُهُ تَشَابهْ
رأياً إذا الخطأ المُخي
لُ أطالَتِ الفِرَقُ اعتقابهْ
لم يحتجبْ عنه الصوا
بُ وأين عنهُ تَرى احتجابَهْ
لا رَأْيَ في مَجهولَةٍ
يجتابُ ظُلمتَها اجتيابَهْ
تجلو به سَدَفَ العَما
ية عنك أو ترضى انجيابهْ
أجلى البصيرة لا تَقَحْ
حُمَه تخاف ولا ارتيابهْ
ماضي القضاءَ إذا ارتأى
لم يستطع شَكٌ جِذابهْ
ما عاب ذو طعمٍ ريا
ضَتَهُ الأمورَ ولا اقتضابه
وبكَيده يَروي القنا
عَلَقاً ويختضبُ اختضابهْ
وتصيدُ لَحمَتها عُقا
بُ الموتِ يوم تَرى عقابهْ
فَضَلَ الرجالَ ذوي الكما
لِ كما اعتلى جبلٌ ظِرابَهْ
أقسمتُ بالمَلِكِ الذي
لم يستطِعْ مَلِكٌ غِلابهْ
لقد استدرَّ له المدي
حُ وما تكلَّفتُ احتلابهْ
ولقد حلفتُ بما حلف
تُ به وما أبغي خِلابهْ
يا بُعدَهُ مما افْتري
تَ من الفواحش واغترابَهْ
خنَّثْتَ أَرْجَلَ مَنْ مَشى
ونسيتَ خُنْثَكَ يا تُرابهْ
لو أنَّ عِرسَك بايتت
هُ لَما دَعَتْهُ إذاً لُبابهْ
مَعَ أنهُ لم يَجْتنبْ
رَجلُ حَمَى الدين اجتنابهْ
وهَل اتقى كتِقائه
أحدٌ أو ارتقبَ ارتقابهْ
ما ضَرَّهُ أهَجَوْتَهُ
يا وغدُ أم طَنّتْ ذُبابهْ
أنشأتَ تهجوهُ فأكْ
ثرتَ الكلام بلا إطابهْ
وأحلتَ في بيت وما
زِلتَ البعيد من الإصابهْ
أنَّى يكون مُمدَّداً
رَجلٌ وقد رفعوا كِعابهْ
لكنه بيتٌ عَرا
كَ لذكر معناه صَبابهْ
فعميتَ عن سنَن الطري
قِ وظِلْتَ تركبُ كل لابهْ
كم صرعةٍ بين العبي
دِ وخَلْوة لك مُسْتَرابه
أصبحتَ تَنْحَلُها الكرا
مَ بوجنةٍ فيها صَلابهْ
وكذاكَ مثلك ينحلُ السا
داتِ عَرَّتَهُ وعَابهْ
قد قلتُ إذ خُبِّرتُ عن
ك بما أشبتَ من الأُشابهْ
هلاَّ نهاهُ عن الكرا
م وقِيله فيهم كِذابهْ
عَوَرُ وإعورارٌ به
لا تَضْبِطُ الأيدي حِسابَهْ
منه بلاءٌ باستهِ
ليست عليه بالمُثابَهْ
كلبٌ عوى مُستقتِلاً
والحَيْنُ يَستعوي كلابهْ
فَهَدى إليه عُواؤُه
لمّا عوى رِئبالَ غابهْ
ألقى كلاكِلَهُ علي
هِ وعلَّ من دمه حِرابهْ
فاظنُن بكلب شام في
هِ الليثُ مِخْلَبَهُ ونابهْ
أنَّى يَسُبُّ بني ثوا
بة أو عبيدَ بني ثوابهْ
من كل شيءٍ يُسْتَتَا
بُ وما استُهُ بالمُستَتابهْ
كم إخوةٍ وارت له
سوءاتِهِم تلك الغُرابهْ
لإَخالُه يوم القيا
مة باسته يُؤتى كتابهْ
إذ لا يُرى ذنبٌ له
إلا بها وَلِيَ اكتسابهْ
بل كلُّ عضوٍ منه يو
جَدُ مذنباً حاشا عُنابهْ
ولو استطاع لصاغه
دُبُراً ولالتمس انقلابهْ
ليكون باباً للفيا
شل عَجَّل الله اجتبابهْ
يا من لحاهُ على الفوا
حش يرتجى يوماً متابهْ
خلِّ الشقِيَّ وَحَيَّةً
تنسابُ فيه وانسيابهْ
أنَّى يُلاقي القارظَ ال
عَنَزيَّ من يرجو إيابهْ
ماذا نَقِمْتَ على امرىءٍ
يُؤوي إلى حُجرٍ حُبابَهْ
وله نعاجٌ لا يزا
ل مُخلِّياً فيها ذئابهْ
لا بل نساءٌ يَزْدَبِبْ
نَ أيورَ ناكَتِهِ ازدبابهْ
هنَّ المآبُ لكل من
أمسى ولم يَعرفْ مآبهْ
ناهِيكَ من ثقةٍ سها
مُ القوم مُودَعَةٌ جِعابَهْ
لم يَعْتصِبْ ذو حرمةٍ
بعصائب العار اعتصابهْ
كلاّ ولا احتقب المآ
ثمَ في إباحتها احتِقابهْ
ومُعنِّفٍ لي أَنْ هَجَوْ
تُك يا أقلَّ من الصُّؤَابهْ
قال اطوِ عِرضك لا تُدَنْ
نِسهُ وأوْدِعْهُ عِيابهْ
ما كفءُ عرضك عرضُ مع
رورٍ فلا تحكُك نِقابهْ
فأجبتُه إذ قال ذا
كَ بخُطبةٍ فَصَلَتْ خطابه
لو سَبَّ غيرَ بني ثوا
بةَ ما جَشِمتُ لهم سِبابهْ
وَلَمَا رضيتُ لمنطقي
فَرْعَ اللئيمِ ولا نِصابهْ
لكنني أحميهُمُ
ما حالَفَتْ بَحْري صُبابهْ
وأَرى يسيراً فيهمُ
تدنيسَ عرضي أو ذَهابَهْ
إن المكارِه في حِما
يتهم عِذابٌ مُستطابهْ
واليْتُهم ما حالفتْ
أوعالُ شابةَ هضبَ شَابَهْ
وإذا امرؤ عاداهُم
أصفرتُ من وُدّي وِطابهْ
ومتى امترى خلفَ الوصا
ل ملأتُ من هجر عِلابَهْ
إذ لا أبالي فيهمُ
حسكَ العدو ولا ضِبابَهْ
من كان مكتئباً لذا
ك فقد توخيت اكتئابهْ
لا زالَ يَقْدَحُ وَرْيُهُ
في صدره أبداً قُحابَهْ
قلبي حِمىً لَهُمُ فلَمْ
يحتلَّ غيرهُم شِعابهْ
لِمْ لا وذكراهُمْ له
رَوْحٌ إذا ما الهمُّ نابهْ
ومتى تَباعدَ مطلبٌ
فبِيُمْنهم نرجو اقترابهْ
وتحرِّياً لرضاهُمُ اسْ
تنفرتُ من شِعري غِضابهْ
وَسَلَلْتُ دُونهُمُ علي
ك ودون حورتهم عِضابهْ
سامَتْ قوافيك السما
ء ورُمتَ أمراً ذا مَهابَهْ
فاربَعْ عليك فمن رمى
صُعُداً بجَنْدله أصابه
هَتْماً لفيك فما تخيْ
يَرَ ما يشوبُ به لُعابهْ
أقْذِر وأخبثْ بالمنى
إذا عبيطُ السَّلح شابهْ
تَمْري الأيورَ به إذا
أهدى حشاك لها خِضابْه
لا سيما بفمٍ به إذا
أهدى حشاكَ لها خِضابهْ
ما كان قدرُك أن تفو
هَ بمدحهم بَلْهَ المَعابهْ
وإخالُ ذلك لم يزد
في خُبثه لكن أطابه
هَلاَّ مُسِخْتَ وقد ذكر
تَهمُ بجِدٍّ أو دُعابهْ
لكنَّ مَسْخَ المِسْخِ مُمْ
تنعٌ ولا سيما الزَّبابهْ
أتظن أنك لو مُسخ
تَ بلغتَ قُبحك أو قُرابهْ
ما يُمْسَخُ المِسْخُ الذي
لم يُكْس ما يَخشى استلابهْ
كلاّ وما بين الفِرا
قِ وبين وجهِك من قرابهْ
ذِكراهُمُ بَسْلٌ على
من كان مثلك في الجنابهْ
لا بل على من مسّ ثو
بك ثم لم يغسِل ثيابهْ
لا بل على من خاض ظلْ
لَك ثم لم يَسلخ إهابهْ
لم تهجهُم إلا لكي
تُهجَى فتُذكَرَ في عِصابهْ
طَلَبَ النَّباهةِ إذ رأي
تَكَ من خُمولك في غيابَهْ
جاهٌ تُرمِّمُهُ ودُبْ
رٌ تبتغي أبداً خَرابهْ
فإذا ظَفِرتَ بحادرٍ
ذي كُدْنَةٍ تَرْضَى وِثابه
لم تُلفِ عبدَ اللهِ بل
ألفيتَ زيداً وانتصابهْ
ولَمَا انتصبتَ مُعاملاً
ضَرْبَ المُواثِبِ بل ضِرابهْ
ذي ضُلَّ تَفْدِيةٍ هنا
لك تستديمُ بها هِبابهْ
بعُجَارِمٍ يشفي الفقا
حَ إذا سَغَبْنَ من السَّغابهْ
وعلاكَ عبدُ الله ين
ظِمُبين عَجْبِك والذؤابهْ
ولربما كان انتصا
بُ المرءِ للفعل انكبابهْ
يا ضُلَّ تَفْدِيةٍ هنا
لك تستديمُ بها هِبابهْ
تَبَّتْ يداك مُفَدِّياً
ما تَبَّ من أحدٍ تَبابهْ
شيخٌ إذا حَدَثٌ أها
نَ مَشيبَهُ فدَّى شبابه
لَهْفي عليك مُخَنَّثاً
وعلى لسانك ذي الذَّرابهْ
ماذا يخوضُ... في
ك من الكتابةِ والخطَابهْ
هلاَّ شكرتَ بني ثوا
يه ما حدا حادٍ رِكابهْ
أن صادفوا من قد عَلِمْ
تَ وعَبْدَهُ يحشو جِرابهْ
إذ لم يَرَوا تقريعه
يوماً بذاك ولا اغتيابهْ
كرماً فكان جزاؤهم
منه أن انتدبَ انتدابهْ
يهجوهُمُ بَغْياً ويُل
صِقُ دائماً بِهِمُ شِغابَهْ
وكذلك البغَّاءُ با
غٍ إن تَفَهَّمْتَ انتسابهْ
رجلٌ يطالبُ غير ما
جعلَ الإلهُ له طِلابهْ
سائلْ بذلك بَخْسَهُ
حقَّ الغواني واغتصابهْ
زَحَمَ الأيورَ على الفرو
جِ مَعاً فسدَّ بها نِقابهْ
فَاهَ الخبيثِ ومَنخِرَيْ
هِ وفقحةً منهُ رُحابهْ
وحشا مسامعَهُ بها
فحمى مُعاتِبَه عِتابهْ
ثم اغتدى مُتبرِّئاً
من ذاك يَنْحَلُهُ صِحابهْ
أسدى إليك القومُ مع
روفاً فلم تحسن ثوابهْ
ستروا عليك وقد رأوْا
نَفْسَ الفضيحة لا الإرابهْ
فَجَحَدْتَهُمُ جحداً جعل
تَ قبيحَ قَرْفِكَهُمْ قِطابهْ
وغدوتَ بَهَّاتَ الجبي
نِ وأنت لم تمسحْ ترابهْ
ترميهُمُ بالإفك مُطْ
طرِحاً سَداهُمْ واحتسابهْ
أصبِحْ تبيَّنْ مَنْ رَمَيْ
تَ وتنحسرْ عنك الضبابهْ
سَتَذُمُّ ما اكتسبتْ يدا
ك إذا لقيت غداً عقابهْ
وتُقرُّ أنك جاهلٌ
لم تأتِ من أمرٍ صَوابهْ
من باتَ يحتطِبُ الأفا
عِيَ لَيلَهُ ذَمَّ احتطابهْ
ولرُبَّ مثلك قد أطَلْ
تُ على خطيئته انتحابَهْ
وجعلتُ في نَظْمِ الهجا
ءِ فِياشَ ناكتهِ سِخَابهْ
حتى غدا بعد المِرا
ح عليه سِربالُ الكآبهْ
مُترِّقباً من فوقهِ
يخشى عَذابي وانصبابهْ
وأنا الذي قدحَ الهجا
ءُ بزَنْدِهِ قِدْماً شهابهْ
وأنا الذي مِنْ أرضِهِ
يمتارُ حنظلَهُ وصَابَهْ
وإذا تمرَّدَ ماردُ الشْ
شُعراء ولاَّني عذابَهْ
أمَّا إذا استفتَحْتُه
فلأفتحنَّ عليك بابهْ
ولأُصلينَّك جاحمَ الش
شِعر الذي هِجت التهابهْ
قَذَعٌ إذا سَفَعَ الحدي
دَ سعيرُ أيسرِه أَذابهْ
خُذها جوابَ مُفَوّهٍ
ما زال يُفْحِمُ من أجابهْ
جَمُّ الصِّياب إذا امرؤٌ
كثرت خواطئهُ صِيابهْ
يَفْري الفَريَّ بِمقْوَلٍ
لو هزَّهُ للصخر جابهْ
يمتاحُ من بحرٍ يهو
لُ العين حين ترى حِدابهْ
ويُصِمُّ من سمع التِطَا
م الموج فيه واصطخابهْ
لا مادَ رأياً بعدها
لك إن صَدَمْتَ بها عُبَابهْ