أهلي قد أنى لك أن تهلي

أهلي قد أنى لك أن تهلي

​أهلي قد أنى لك أن تهلي​ المؤلف ابن دارج القسطلي


أهلي قد أنى لك أن تهلي
إلى صوب الغمام المستهل
فمدي طرف ناظرة تريني
تمكن مغرسي فيه وأصلي
سنا برق تلألأ عن ذمامي
وصوب حيا تجلى عن محلي
ودونك مبركا في فيء ظل
يريك بأنه فيئي وظلي
هو الظل الذي قارعت عنه
حصى الرمضاء دامية الأظل
وهذا موعد الأمل المنادي
سراك سروره ألا تملي
ونور الفجر من إظلام ليل
أضاء نجومه لك أن تضلي
أوان يفتر الإمساء جهدي
فأطلب في سنا الإصباح ذحلي
ويرمد في هجير القيظ جفني
فأجعل من سواد الليل كحلي
لكيما تعلمي في أي مأوى
من الملك الرفيع وضعت رحلي
ويصدقك العيان بأي حبل
من ابن العامري وصلت حبلي
وحسبك قوله أهلا وسهلا
بما جاوزت من حزن وسهل
فسيحي وارتعي كلأ إليه
على ظلع الكلال حملت كلي
مدى لك كان منك مدى كريم
فكوني منه في حل وبل
وقد قضت المكارم أن تعزي
كما قضت المكاره أن تذلي
فرعيا في حمى ملك رعاني
فحل قيود ترحالي وحلي
مدى عبد العزيز وأي عز
أنخت إليه ذلا فوق ذل
فعوض منك في مثواه بري
وأذهل عنك في مثواه نزلي
وعن مثنى زمامك في يميني
شبا قلم على الدنيا مطل
يمل عليه مؤتمن المعالي
مساعيه فيستملي ويملي
ويسمع في صرير الخط منه
خطابا لا يمل من الممل
لجدك كان أول سعد جدي
وأغدق بارق في جو محلي
وأحنى موتر برضاه قوسي
وأحفى رائش بنداه نبلي
كساني العز لبسا بعد لبس
وسقانيه سجلا بعد سجل
وصير ما حمى حرمي حراما
على عدو الزمان المستحل
ووطأ في مكارمه مهادي
وأعلى في مراتبه محلي
وكم حلى يدي من ذي عنان
ودل إلى يدي من ذات دل
فحقا ما تركت عليه بعدي
ثناء أعجز المثنين قبلي
فأمطرت الورى رطبا جنيا
وما سقيت بغير نداه نخلي
وسقيت النهى أريا مشورا
وما جرست سوى نعماه نحلي
هو الملك الذي لم يبق مثلا
سواك ولا لنظم علاك مثلي
ويبخسني الزمان ولو وفى لي
بحظي لاشتكى جهد المقل
ولو أني سللت عليه سيفا
تقلدني لباء بشسع نعلي
وكم من شاهد عدل عليه
بظلمي لو قضى قاض بعدل
ولو سم جدك المنصور أدعو
إليه لم يسمني سوم مطل
وأنت ورثته طفلا ولكن
رجحت على الرجال بحلم كهل
بما رداك من هدي وبر
وما حلاك من قول وفعل
فغض من البدور سنا هلال
وهد من الليوث زئير شبل
وأنت أمينه في كل سعي
سقى نهلا لتتبعه بعل
محافظ عهده في قود جيش
بأعباء الوقائع مستقل
وتالي شأوه في كل فخر
وثاني سعيه في كل فضل
وفيض يمينه والحمد يغلو
ونور جبينه والحرب تغلي
بكل أغر فوق أغر يصلى
جحيم الحرب مقتحما ويصلي
يلوث الدرع منه بليث بأس
يصول على العدى بأصم صل
وكل عقاب شاهقة تجلى
أناسي الحتوف لما تجلي
بري السيف من دهش وجبن
وحر الصدر من غدر وغل
وما يثنى السنان بغير قصف
ولا حد الحسام بغير فل
جلوت لهم معالم ذكرتهم
معالم جدك الملك الأجل
سلكت سبيله هديا بهدي
وقمت مقامه مثلا بمثل
وأخلصت الصلاة إلى المصلى
فبورك في المصلى والمصلي
وقد خفقت عليك بنود عز
علت والله أعلاها ويعلي
كما خفقت علي قلوب غيد
أمر لهن دوني وهو محل
بما أثبت فيه من يقيني
وما حققت فيه من لعلي
وما راعيت فيه من ذمامي
وما أدنيت فيه من محلي
فلا زلت المفدى والمرجى
نداه للغريب وللمقل
ونورا في الظلام لمستنير
وظلا في الهجير لمستظل