أولى لها أن يرعوي نفارها

أولى لها أن يرعوي نفارها

​أولى لها أن يرعوي نفارها​ المؤلف مهيار الديلمي


أولى لها أن يرعوي نفارها
وأنْ يقرَّ بالهوى قراراها
وأن ترى ميسورةٌ خبطاتها
منْ مرجٍ منشوطةً أسيارها
ترعى وتروى ما ضفا وما صفا
وللرَّعاةِ بعدها أسآرها
حتى تروحَ ضخمةً جنوبها
بخصبها شاكرةًأوبارها
وكيفَ لا وماءُ سلع ماؤها
مقلوَّةً والعلمانِ دارها
ودونها منْ أسلاتِ عامرٍ
جمرةُ حربٍ لا تبوخُ نارها
وذمّةٌ مرعيَّةٌ أسندها
إلى حفاظِ غالبٍ نزارها
لا شلها مما تطورُ همَّةٌ
لطاردٍ فيهِ ولا عوَّارها
كأنَّها بينَ بيوتِ قومها
نواظرٌ تمنعها أشفارها
نعمْ سقى اللهُ بيوتاً بالحمى
مسدلةً على الدُّمى أستارها
وأوجهاً يشفُّ منْ ألوانها
عنصرها الكريمُ أو نجارها
سواهماً ما ضرَّها شحوبها
ومنْ صفاتِ حسنها استمرارها
لمْ أرَ ليلاً في الحياةِ أبيضاً
إلاَّ بأنَّ تطلعَ لي أقمارها
كمْ زورةٍ على الغضا تأذنُ لي
فيها بيوتٌ لمْ تصلْ زوَّارها
وليلةٍ سامحني رقيبها
عمداً وأخلى مجلسي سمَّارها
فبتُّ أجني ثمرَ الوصلِ بها
منْ شجراتٍ حلوةٍ ثمارها
وخلوةٍ كثيرةٍ لذاتها
قليلةٍ على الصِّبا أوزارها
لم يتوصَّمني بريبٍ سرُّها
صوناً ولمْ يقدرْ عليَّ عارها
وأمُّ خشفٍ طيبٍ حديثها
بينَ الوشاةِ طاهرٍ إزارها
باتتْ تعاطيني على شرطِ المنى
نخبةَ كأسٍ ريقها عقارها
سكرى وفي لثاتها جمَّارهاال
سَّاقي وعطرى نشرها عطَّارها
يعرفني بينَ البيوتِ ليلها
بمبسمٍ ينكرهُ نهارها
الحبُّ لا تملكني فحشاؤهُ ال
قصوى ولا يسمعني أمَّارها
وطرقُ العلياءِ لا تعجزني
سعياً ولا توحشني أخطارها
وقولةٍ لا ترتقى هضبتها
ولا تخاضُ غزراً غمارها
عوصاءَ للألسنِ عنْ طريقها
تعتعةُ الزَّالقِ أو عثارها
كنتُ إلى الفضلِ أبا عذرتها
وللرِّجالِ القالةِ اعتذارها
قمتُ بها تمدَّني من خلفها
دافعةٌ ما كسعتْ أعيارها
كأنَّني منْ فضلِ إيمانِ بني
عبد الرَّحيمِ واقفاً أمتارها
أرسلتها محكمةً سيَّارةً
لا لغوها منها ولا عوارها
وكيفَ لا وإنَّما آثارهمْ
قصَّتْ وعنهمْ رويتْ أخبارها
سقى الحيا ذكرَ ملوكٍ كلَّما
ماتَ النَّدى أنشرهُ تذكارها
وزادَ عزِّاً أنفساً تحلقتْ
فوقَ السُّها وما انتهتْ أقدارها
تزدادحرصاً كلَّما زادتْ ندىً
ترى المعالي أنَّهُ قصَّارها
وإنْ قستْ أيدي الغمامِ والتوتْ
فقيلَ في يمينها يسارها
فعضدُ اللهُ أكفَّاً سبطةً
تفدى ببوعِ غيرها أشبارها
ما ضرَّ أرضاً تستميحُ صوبها
أنَّ السَّماءَ لحزتْ أمطارها
دوحةُ مجدٍ بسقتْ غصونها
منْ حيثُ طابَ وزكى قرارها
شقَّ لها في فارسٍ إماؤها
حرَّ التُّرابِ وهمْ أحرارها
مطعمةٌ مورقةٌ لا ظلَّها
يضوى ولا يغبُّكَ استثمارها
كلُّ زمانِ عامها ربيعها
لا جدبُ شهباءَ ولا إعصارها
وحسبها أنَّ الوزيرَ فلقٌ
أبلجٌ ممَّا قدحتْ أنوارها
شُجِّرَ منها وهو حكمُ العلا
قطبٌ على سعودهِ مدارها
ما برحتْ يبعثها استعلاؤها
على عضاهِ المجدِ واشتهارها
كأنَّها كانتْ ترى مذ بدأتْ
أنَّ إليهِ ينتهي فخارها
وللمعالي في القتى إمارةٌ
واضحةٌ منْ قبلها منارها
إلى عميدِ الدَّولةِ اشتطَّتْ بنا
موائرٌ لا تقتفى آثارها
تنشرُ منْ أخفافها أجنحةٌ
وخيدها على الثَّرى مطارها
كلُّ طريقٍ نفضتْ إلى العلا
فهي وإنْ تطاولتْ مضمارها
لا تتوقَّى شوكةَ الأرضِ ولو
ذابَ على حرِّ الظِّرابِ رارها
تسفرُ في الحاجاتِ وهي عدَّةٌ
على بلوغِ ما ابتغى سفَّارها
تدلهً في الشُّبهاتِ سرجٌ
هنَّ على جرحِ الفلا مسبارها
لا تعرفُ الغذرَ على غضِّ السُّرى
إذا المطايا عذرتْ أبصارها
تمضي حنايا ذبُّلاً شخوصها
سهامها تنفضُ أو أوتارها
حتى إذا شرعنَ في حياضهِ
خالفَ منْ غيرادها إصدارها
تلقاهُ خفَّاً فإذا تروَّحتْ
فكالهضابِ فوقها أوقارها
يصوِّتُ الجودُ بها إلا كذا
عنِ الملوكِ فليعدْ زوَّارها
على نداكَ شرفُ الدينِ ربتْ
فصالها وبزلتْ بكارها
وعندكَ الفاسحُ منْ أعطانها
والأمنُ إنْ أرهقها حذارها
موسمُ فضلٍ لا تبورُ سوقهُ
ودارُ عزٍّ لا يزلُّ جارها
وأعطياتٌ وحلومٌ عجبتْ
منها جبالُ الأرضِ أو بحارها
قدْ درتْ الدُّنيا على جهلاتها
أنَّكَ خيرُ منْ حوتْ أقطارها
الكوكبُ المفردُ منْ أبنائها
إنْ خيَّرتْ لمْ يعدكَ اختيارها
تكثَّرتْ بواحدٍ منكَ كما
قللَّها منَ الورى إكثارها
وأيقنتْ دولةُ آلِ باسلٍ
أنَّكَ يومَ بطشها جبَّارها
وأنَّ ما تنظمُ من تدبيرها
مريرةٌ لغيركَ انتسارها
إذا قربتَ خافها أعداؤها
وإنْ نأيتَ خافها أنصارها
غادرتها منذُ اعتزلتَ بينها
لها نبوُّ العينِ وازورارها
يلاثُ قبحاً لا عفافاً وتقىً
على صفاحِ وجهها خمارها
مطروحةً للضَّيمِ لا يمنعها
قنا المحامينَ ولا شفارها
تمدُّ للخطبِ يداً مقبوضةً
لا سيفها فيها ولا سوارها
واجتمعتْ على تنافي بينها ال
أهواءُ فيكَ واستوتْ أقدارها
واعترفتْ لكَ العدا اعترافنا
بالحقِّ إذ لمْ يغنها إنكارها
وآمنتْ انَّكَ فينا آيةً
باقيةٌ وحسنُ استبصارها
ولو رأتْ وجهَ الجحودِ جحدتْ
وإنَّما ضرورةٌ أقرارها
يا منْ بهِ استحليتُ طعمَ عيشتي
من بعدِ ما قضَّ فمي إمرارها
وردَّ أيَّامي على إصرارها
منيبةً يخجلني أعتذارها
ومنْ تحرَّمتُ بهِ فلمْ يضعْ
ذمامُ آمالي ولا ذمارها
في كلِّ يومٍ نعمةٌ غريبةٌ
أوهبها كأنَّني أعارها
تأتي وما أنصبني تطاولٌ
لها ولا عذَّبني انتظارها
محلَّياً منْ عطلي لبوسها
وراقعاً منْ خللي نضارها
أقربُ ما يكونُ مني وصلها
إذا نأتْ أو بعدتْ ديارها
فما يضرُّ حسنَ حظِّي منكمُ
تصاعدُ العيسِ ولا انحدارها
لكنَّ شوقاً حرَّهُ في أضلعي
جنايةٌ لا يملكُ اغتفارها
ولوعةٌ إذا تنفستُ لها
عنْ كبدي حرَّقني أوارها
فهلْ لهذا الدَّاءِ منْ راقيةٍ
ينفثُ في عقدتهِ سحَّارها
أمْ هلْ يكونُ منْ لطيفِ برِّكمْ
زيارةٌ تقضى بكمْ أوطارها
وإنَّها على النَّوى لآيةٌ
معجزةٌ عندكمْ احتقارها
لا قلِّصتْ عنكمْ ظلالَ ملككمْ
نوائبُ الدَّهرِ ولا أقدارها
ولا أحالَ منْ قشيبِ عزِّكمْ
مرورُ أيَّامٍ ولا تكرارها
وحالفتكمْ نعمةٌ صحيحةٌ
عهودها طويلةٌ أعمارها
وخمَّرتْ أوجهها عن غيركمْ
دولةُ دنيا لكمْ أسفارها
عمنْ يعادي مجدكمْ زوالها
وعندكمْ برغمهِ استقرارها
وسائراتٌ بالثَّناءِ لا يرى
مستعفياً منْ دأبٍ سيَّارها
لا تخلقُ الظَّلماءُ في بسطتها
قبضاً كأنَّ ليلها نهارها
تطوى الفيافي لا خفاراتِ لها
إلاَّ الذي تضمنهُ أسطارها
تشتاقها الأرضُ وبعدُ لمْ تصلْ
لأنَّها تسبقها أخبارها
يخالها النَّادي إذا اجتازتْ بهِ
لطيمةً مرَّ بها عطَّارها
تحملُ آثاماً بمدحِ غيركمْ
حتى تحطَّ بكمْ أوزارها
تهدي لكَ الأعيادُ منها طرفا
جواهراً تحتَ فمي بحارها
بما توحدتُ بهِ لمْ تفترعْ
لا عونها قبلُ ولا إبكارها
ودَّتْ تميمُ وفحولُ وائلٍ
منْ قبلها لو أنَّها أشعارها