أيا ربع صبري كيف طاوعك البلى

أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى

​أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى​ المؤلف الواواء الدمشقي


أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى
فجددتَ عهدَ الشوقِ في دمنِ الهوى
وأَجْريْتَ مَاءَ الوَصْلِ في تُربة الجَفَا
فأورقَ غصنُ الحبَّ في روضةِ الرضا
أَرَدْتَ بتجديد الهَوَى ذِكرَ ما مضى
فأَحْيَيْتَ عَهْدَ الحُبِّ في مأْتمِ النَّوى
وَ كشفتَ غيمَ الغدرِ عن قمرِ الوفا
فأشرقَ نورُ الوصلِ عن ظلمِ الجفا
كأنك عاينتَ الذي بي منَ الهوى
فقاسمتني البلوى وقاسمتك البلى
وَدَارَتْ بُرُوجُ اليَأْسِ في فَلَكِ الرَّجا
وَ هبَّ نسيمُ الشوقِ في أمل المنى
لَئِنْ مَاتَ يَأْسِي مِنْهُ إذْ عَاشَ مَطْمعي
فإني قد استمسكتُ من لحظهِ الرجا
وَ ما ذكرتكَ النفسُ إلاّ تصاعدتْ
إلَى العَيْنِ فکنْهَلَّتْ مع الدَّمْعِ في البُكَا
تواصلني طوراً وتهجرُ تارةً
ألاَ ربَّ هجرٍ جرَّ أسبابهُ الصفا
أرى الغيَّ رشداً في هواهُ وإنني
لأَقْنَعُ بالشَّكْوَى إلَى خَيْرِ مُشْتَكَى
ألم ترَ أني بعتُ عزي بذلةٍ
وَ طاوعتُ ما تهوى لطوعك ما تا
وَ ما وَ حياةِ الحبَّ حلتُ عن الذي
عَهِدْتَ ولكنْ كُلُّ شَيْءٍ إلى کنْتها
وَرَيَّانَ مِنْ مَاءِ الشَّبَابِ كأَنَّما
يوردُ ماءَ الحسن في خدهِ الحيا
إذا قابل الليلَ البهيمَ بوجهه
أزالَ ضياءَ الصبح في ظلمةِ الدجى
أَبَى لحظُ طَرْفِي أَنْ يُفَارقَ طَرْفَهُ
فلو رمتُ أثنيهِ عن الطرفِ ما انثنى
أُشَبِّهُ صُدْغَيْهِ بخدَّيْهِ إذْ بدا
بِسَالِفَتَيْ ريمٍ وَعِطْفَيْنِ من رَشَا
إذا ما انتضى سيفَ الملاحةِ طرفهُ
فليس لراءٍ طرفهُ لم يمتْ عزا
أبى أن تنيلَ القلبَ رقةُ كأسهِ
و دقتْ عن التشبيهِ في اللطفِ بالهوا
كأنَّ بقايا ما عفا من حبابها
بقيةُ طَلٍّ فوق وَرْدٍ مِنَ الندى
وَ ندمانِ صدقٍ قال لي بعد رقدةٍ:
أَلا فکسْقِنِي كأساً على شدَّة الظَّما
فناولتُه كأساً، فَثنّى بمثلها،
فقابلني حسنَ القبولِ كما انثنى
تَحَامَى الكرى حتّى كأنَّ جفونَهُ
عليه لهُ منها رقيبٌ من الكرى
وليلٍ تَمَادى طولُه فَقَصَرْتُه
بِرَاحٍ تُعيرُ الماءَ مِنْ صفوِها صفا
تجافتْ جفون الشربِ فيه عن الكرى
فمنْ بينِ نشوانٍ وآخرَ ما انتشى
و قد شربوا حتى ّ كأنَّ رؤسهمْ
منَ السكرِ في أعناقها سنةُ الكرى