أيا ملك الأملاك قد جاءني الذي

أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي

​أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي​ المؤلف الشريف المرتضى


أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي
حبَوْتَ به من نعمةٍ وتعهُّدِ
وأرسلتَ تستدعي المديحَ وإنّه
لرأسيَ تاجٌ والسواران في يدي
ولم يكُنِ التَّشريفُ لي دَرَّ درُّه
سوى خزّ أثوابي ودرَّ مقلدي
وما أخَّرَ النَّظْمَ الّذي كنتَ خاطباً
به بينَ هذا الخلق في كلِّ مَشْهدِ
سِوى مرضٍ حُوشيتَ منه وإنّني
لراضٍ بأنِّي للأَذى عنك مُفْتَدِ
وحالَ عن التَّجويدِ ما قد شَكوتُه
ولم أرضَ قولاً فيكَ غير مجوَّدِ
وليس لمعقولِ اللِّسانِ مقالةٌ
تقالُ ولا مشيٌ لرجلِ المقيدِ
و كيف اطراحي مدحَ من كان مدحه
به الدَّهرَ تَسبيحي وطولُ تهجُّدي؟
أصولُ به فعلاً على كلِّ فاعلٍ
و أزهى به قولاً على كل منشدِ
وكم ليَ في مدحي عُلاكَ قصائدٌ
فَضَلْنَ افتخاراً نَظْمَ كلِّ مُقصِّدِ
يسرن على الأكوار شرقاً ومغرباً
و يقطعن فينا كلَّ برٍّ وفدفدِ
ويُطْربْنَ مَن أَصغَى لهنَّ بسمِعه
كما أطربتْ ذا الخمرِ ألحانُ معبدِ
فإنْ غرَّد الشادي بهنَّ تنعُّماً
تناسيتَ تغريدَ الحَمامِ المغرِّدِ
خدمتُكَ كهلاً مُذ ثلاثون حجةً
أروح بما ترضاه مني وأغتدي
ولم تكُ منِّي هفوةٌ ما اعتمدتُها
فكيف لما تأتي يدُ المتعمدِ؟
و ما كان إلا في رضاك تشمري
ولا كان إلاّ في هواك تَجرُّدي
تنامُ الدُّجَى عنِّي وأقطعُ عُرضَه
دعاءً بما تَهْوَى بجَفْنٍ مُسَهَّدِ
و أعلمُ أني مستجابٌ دعاؤه
لصادقِ إِخلاصِي ومحضِ تَوَدُّدي
و كنتَ ملكتَ الرقَ منيَ سالفاً
فخذْ رِبْقَتي عفواً بملكٍ مُجدَّدِ
فأما موالينا بنوك فإنهمْ
علَوْا في سماءٍ للعُلا كلَّ فرقدِ
سيوفُ غوارٍ بيننا وتسلطٍ
كهوفُ قرارٍ بيننا وتمهدِ
همُ ورثوا تلك النجابةَ فيهمُ
كما شئتها عن سيدٍ بعد سيدِ
حُسدتَ بهمْ لمّا تَناهَى كمالُهمْ
و لا خيرَ فيمن عاش غيرَ محسدِ
و كم لهمُ في الملكِ من عبقٍ به
و من مرتقىً عالي البناءِ مشيدِ
وتُعرَفُ فيهمْ من شمائلك التي
بَهرتَ بها آثارَ مجدٍ وسؤدُدِ
ولم تَرمِ لمّا أنْ رميتَ إلى المنى
بهمْ أَسهماً إلاّ بسهم مُسدَّدِ
فلا زلتَ مكفياً بهمْ كبلَّ ريبةٍ
ولا زلتَ فيهمْ بالغاً كلَّ مَقْصِدِ
وإِنَّك من قومٍ إذا شَهدوا الوغَى
فما شئتَ من عانٍ بها وفتىً ردِ
ومن أبيضٍ عندَ الضِّرابِ مُثلَّمٍ
و من أسمرٍ عند الطعان مقصدِ
أبَوْا أن يسدُّوا عن عظيمِ أناتِهِ
وأن يُحجموا عن جاحمٍ متوَقِّدِ
وأن يرجعوا إلاّ بشملٍ مجمَّعٍ
جنوه لهمْ من كفَّ شملٍ مبددِ
ولم يُرَ فيهمْ والمخاوفُ جمَّةٌ
مولٍّ إلى أمنٍ ولا من معردِ
ولم يَرْتَوُوا إلاّ بما سالَ بالقَنا
كما يرتوي بالماءِ من عطشٍ صدِ
و دمْ أبداً للمجدِ والحمدِ والندى
تعومُ انغماساً في بقاءٍ مُخلَّدِ
وإن رامَ دهرٌ أنْ يسوءَك صرفُه
فأصغَى بمصلومٍ وعضَّ بأدْرَدِ
و لا طلعتْ يوماً على دولةٍ بها
بلغنا بها إلاّ كواكبُ أسعدِ