أين في عصرنا نرى لك مثلا

أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا

​أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي


أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا
جئتَ بعداً ففقتَ من جاء قبلا
كلّما قد بلغتَ غايةَ فضلٍ
زدت جِدّاً فزادكَ الله فضلا
وإذا قيلَ بعضُ جدِّك هذا
لك كلُّ الفضل انتهى قلت كلاّ
لم تزل هكذا تجدُّ إلى أن
قيلَ مهلاً لك انتهى الفضلُ كلاّ
نلتَ أقصى العُلى وتبغي مَزيداً
عزَّ مَن هكذا براكَ وجلاّ
لو على قدرِكَ اتخذتَ خليلاً
لا اتخذتَ الهلالَ في الأُفق خِلاّ
أيَّما خصلةٍ من المجد عنَّت
لم تفز منم قِداحها بالمُعلّى
قد بحثتَ العلومَ فنًّا ففنًّا
وبها قد أحطتَ عقلاً ونقلا
وشحنتَ الزمانَ هدياً ونشكا
وقضيتَ الحقوقَ فرضاً ونفلا
فإلى أين عنك يبغي انحِرافٌ
ضلَّ من لا يراكَ لله ظِلاّ
أيّها المقتفي الأئمةَ لا تُخطئ
قولاً لهم ولم تعدُ فِعلا
قل لمن يدَّعي النيابةَ عنهم
هكذا عنهم يُنابُ وإلاّ
أنتَ ياكعبةَ إليها الرجا حجَّ
ويا قبلةً لها المدحُ صلّى
مَشعر الحق مستجارُ ذوي الحقِ
وَمن لم يقل بما قلتُ ضلاّ
فيك لو أُعطيت مُناها الثُريّا
لتمنَّت بأن تُرى لكَ نعلا
يا وقور النديَّ جئت بجيلٍ
خيرهم في ندِّيه طاش جهلا
ما عسى أن يقولَ فيكَ مريبٌ
صقلت عَرضَكَ المكارمُ صقلا
لك أفدي مُعذَّباً بمعاليك
إليها يمدُّ باعاً أشلاّ
يتعالى بجهله وهو يدري
أنَّ مِن مفرقيه كعبَك أعلى
لو رأى الليثُ كيف رشّحت أشبا
لكَ لارتاح أن يُرى لك شِبلا
غُرراً قد نجلتها ليس ترضى
معها البدرَ ينتمي لكَ نجلا
طبتَ نسلا وكنتَ أزكى المجـ
ـدِ وما كلُّ مَن زكى طابَ نَسلا
سُرجاً للعُلى وَلدتَ وكلٌّ
كم له من نهار فخرٍ تجلّى
لك خلقٌ لو ذاقه مُجتني النحلِ
دعى ما جنيتُ ما عشتُ نحلا
ذاك للذائقين حلوٌ وهذا
في فم الذوقِ منه أَحلا وأَحلا
خفَّة الروح لا كأَخلاق قومٍ
أبداً في الأرواح تُحدِثُ ثِقلا
هو روضُ النهى وقد جعلَ الله
له منكَ رائقُ البشرِ طَلاّ
قد لعمري حملتَ أعباءَ جودٍ
لو بها الدهرُ يستقلُّ لكلاَّ
ومن الرمل لو عطاؤُك يُعطى
نفذ الرملُ من يديه وملاّ
لقد اختطَّ داركَ المجدُ للحمد
وفيها الندى ترعرعَ طِفلا
منه جيد المحبِّ يلبسُ طوقاً
ويدُ الكاشحين تحملُ غِلاّ
دُم شكيمَ المصاقِع اللّد واسلم
شرقاً للخصيم تنطقُ فصلا
بلسانٍ يُريه نَضَنَضَةَ الصلِّ
فَيُغضي كِيلا يساورُ صِلاّ
أمطرتنا يداكَ طلاًّ ووبلاً
فوردنا نداكَ نهلاً وعلاّ
بهدايا يديكَ أُقسم لا أيدي
الهدايا يرمينَ نحو المصلّى
لجديراً أراكَ في أن أُهنّيك
بمن نُبتَ عنه قولاً وفعلا
ولأحلا الأيام يومُ يدُ الله
به سلَّت الحسامَ المُحلّى
يومُ بعثٍ لمن سيُبعثُ فيه
مالئُ المشرقينِ قسطاً وعدلا
ذاكَ من كان قُربُه قابَ قوسينِ
من الله إذ دَنى فتدلَّى
والبشيرُ الذي به قسمَ الله
على العالمين لُطفاً وفضلا
هو للخير كانَ أصلاً وفرعاً
وله الخيرُ كان فرعاً وأصلا
أيها المجزلُ الوهوبُ سماحاً
هاكَ نظماً كجود كفّيك جزلا
بل كعلياك خُذهُ مُمتنعاً صعبَ
منالٍ ومثلَ خُلقِك سهلا
زفَّ بكراً كفاك فيها هديًّا
لك تجلى وحسبُها بك بعلا