أين مني عتب أحباب هجود
أين مني عتبُ أحبابٍ هجود
أين مني عتبُ أحبابٍ هجود
قتلوا نومي بإحياء الصدود
وخليّ لم تبتْ أحشاؤه
آه من وصلٍ عن القرب يذودْ
وخليّ لمْ تبتْ أحشاؤه
وهي بالتبريح للنار وقودْ
قال: كم تظما من الظلمٍ إلى
مُوْرِدٍ لم تَرْوِ منه بورود
شَيِب بالمسك وبالشهد معاً
والمساويك على ذلك شهود
أو ترجِّي نيلَ صادٍ للمى
قلتُ: لولا الماء ما أوْرَقَ عود
قال: إن البيض لا تحظى بها
أو ترى بِيضَ ذؤاباتكَ سود
قلت: عندي يومَ اصطاد المنى
جذعٌ يُحكمُ تأنيسَ الشرود
كم مُليمٍ قد نَضَا ثَوْبَ الصّبا
عنه، ردّته إلى الصبوةِ رود
بحديثٍ يُسحرُ السحر به
يتمناه معاداً أن يعود
تٌنزلُ الطيرُ من الجوّ به
وتُحَطّ العُصْمُ من شُمّ الرُّيُود
وَسَبَتْهُ قُضُبٌ في كُثُبٍ
مالت الأكفالُ منها بالقدود
وثمارٌ نطقت أوصافها
بإشاراتٍ إلى صغر النهود
عدَّ بي عن كل هذا إنني
لا أرى الدهر لإحساني كنود
لي هوًى آوي إليه مرحاً
غير أني بالنهى عنه حَيود
إنّ همي همةٌ أسمرها
ولها قُمتُ فما لي والقعود
وفلاةٍ أبداً ظامئةٍ
مشفقٌ من قطعها العودُ عنود
حمل الماءَ ولا يَشْرَبهُ
فهو للمُرْوَى به عينُ الحسوُد
جبتُها في متن ريح تنبري
للسُّرى بين سيوعٍ وقتودا
في ظلامٍ طَنَّبَتْ أكنافُهُ
فوق أرجاءِ وهادٍ ونجود
وكأن البدر فيه ملك
والنجوم الزهرُ حوليه وفود
وكأنَّ الشُّهُبَ شُهْبٌ قَيّدَتْ
أيدياً منها على الجري قيود
ولقد قلتُ لحادي عيسنا
وهي بالبخل عن البخل تجود
أنجاءٌ تخرق الخرقَ به
كابدته منك أم مضغُ الكبود
فمتى يَفْلُقُ عن أبصارها
هامةَ الليل من الصبح عمود
وأرى ما اسودّ من قار الدجى
ذابَ منه بلظى الشمس جُمُود
جالياً أقذاءَ عين مَقَلَتْ
من محيّا حَسَنٍ بَدْرَ السعود
أروعٌ إن سَخُنَتْ عَيْنُ العلى
كَحَلَتْهَا مِنْ سناه ببرود
في رُواق المُلكِ منه مَلِكٌ
مُلْكُهُ من قبلِ عادٍ وثمود
بسطَ الكفّ بجودٍ غدقٍ
قُبضتْ عن بذله كفّ الصَّلود
كم سبيلٍ نحوه مسلوكة
فهي للقصّاد كالأم الولود
ذو سجايا في المعالي خُلِقَتْ
للوغى والسلم من بأس وجودِ
وأناةٍ أُرْسيَتْ في خُلُقٍ
كنظير الزهر في الرّوض المَجُود
ومصونُ العرض مبذولُ النّدى
مُعْرِقُ الآباء في مَحْضِ الجدود
ثابتٌ عند المعالي فضلهُ
هل يطيق الليل للصبح جحود
مُقْدِمٌ يصطادُ أبطالَ الوغى
إنَّ شبل الليث للوحشِ صَيُود
ذو ابتدارٍ في وقارٍ كامنٍ:
للظى الزّنْدِ وقودٌ من خمود
ألِفَتْ يمناه إسداء الغنى
والغنى تُسْدِيهِ يُمْنَى من يسود
كم عُفاةٍ في بلادٍ نَزَحَتْ
فسبتْ منهم أياديه وفودِ
من ملوكٍ نظمتْ مدّاحهُمُ
فِقَرَ المدح لهم نظمَ العقودِ
في بيوت بُنِيَتْ شِعْرِيةٍ
لثناء المرءِ فيهنّ خلود
كل راسي الحلم حامٍ مُلكهُ
عادلِ السيرةِ وافٍ بالعهود
أسدٍ تحسبُ في عامله
أسوداً ينهش أعضاءَ الحقودِ
نشأوا في منعة من عزمهم
للمعالي في حجور وبنود
بيتُ مجدٍ جاوزتْ أربعهُ
أربعَ الشهبِ حدوداً بحدود
يقذف الحربَ بجيشٍ لجبٍ
مُشْرَعِ الأرماح مقدامِ الجنود
ذي موازيبِ حديدٍ فَهَقَتْ
بصبيبِ الدم من طعن الكبود
ونسُورٍ تغتدي أحشاؤها
من بني الهيجاء للقتلى لحود
زاحفٌ كالبحر مداً بالصبا
بحرور الموت في ظل البنود
نَقْعُهُ كالغيمِ ملتفاً على
صعقاتٍ من بروق ورعودِ
وإذا ما ركعتْ أسيافه
فوق هاماتِ العدى خرّتْ سجود
للمنايا عندهُ ألسنةٌ
قلّما تعمرُ أفواهَ الغمودِ
كلّ عضبٍ يحسبُ الناظرُ في
متنهِ للنار بالماءِ وقودِ
ونعوتُ البيض حُمْرٌ عنده
لِدَمٍ تُكساهُ من قتل الأسودِ
وكأن الأثر فيها نمشٌ كاد
أن يخفى بتوريد الخدودِ
وكأنَّ الفتكَ فيها أبدا
ذو حياةٍ للعدا منه همود
دُمْ لنا يا ابن عليّ ملكاً
في عُلىً ذاتِ سعود وصعودِ
ودنا منك بتقبيل الثرى
كلّ قرمٍ سيدٍ، وهو مسود