أيها البالغ الثريا مقاما

أيها البالغ الثريا مقاما

​أيها البالغ الثريا مقاما​ المؤلف جبران خليل جبران


أيها البالغ الثريا مقاما
هل ترى فوق ما بلغت مراما
كم بدت منك بادرات نبوغ
حيرت بابتكارها الحلاما
فإذا يافع يبز شيوخا
في التجاريب افنوا الأياما
لا يباريه في إسامة من يرعاهم
خير من رعى وأساما
ينصر الدين ينشر العلم والفن
يقر النظام والحكاما
يمنع الثغر يدفع العسر باليسر
يذود العلات والالاما
أي مجد أنشأته يا فتى الرأي
فباهى بك الملوك العظاما
أي خير الفتوح ما لم تعبيء
فيه جيشا ولم تجرد حساما
حبك الشعب ضاعف الحب في الشعب
ولولا الإجلال كان غراما
هذه عبقرية القلب والروح
إذا ما سما بها لا يسامى
عيدك اليوم أي عيد جدير
بارتقاب المشوق عاما فعاما
في ذراك العالي ملائك بر
فرح العيد عاقها أن تناما
وأبات الرجاء حاضرة الملك
تعد الزينات والعلاما
فيم فارقت مصر لم تشهد الأنوار
فيها وتسمع الأنغاما
تترك الصرح والنعيم إلى أين
وتبغي أقصى الصعيد علاما
مدلجا مسرجا تجوب الصحارى
وتجوز الغوار والاكاما
أتزور الأرض الموات وتعتام
شقاء مخيما وقتاما
ما الذي يوطيء النضارة والصحة
هذي الأوضار والاسقاما
يا مليكي كيف اقتحمت حماها
في الدياجي وما خشيت انتقاما
بؤر للوباء آمن منها
أن تزور الآساد الاجاما
ومآو هي الحظائر لولا
أن قطعانها تسمى أناما
أفهذي هي البقية من شعب
شديد القوى بنى الأهراما
إن هذا الإقدام فيما توجهت
إليه يشرف الإقداما
ليس فارقو من يرى العيد عيدا
أو يجير الحريب والمستضاما
ما المراقي لمن يخاف دوارا
ما المساعي لمن يحب الجماما
عجب القوم إذ تراءى فلم يدروا
أصحوا يرونه أم مناما
أي حسن في وجه هذا الفتى المشرق
يجلو للناس بدرا تماما
أمن اللحم والدم الملك الموفي
وأبصارنا إليه ترامى
ما شهدنا الملوك من قبل إلا
صورا في الجدار أو أصناما
جاءنا منعما ولو لم يزدنا
لكفانا لقاؤه إنعاما
سعيه هون العسير علينا
فوددنا لو نلثم الأقداما
رد أرماقنا بما يمسك الارماق
طبا وكسوة وطعاما
فنهضنا ولا نواح ثكالى
ورقدنا ولا بكاء يتامى
هل نوفيه شكرنا لو بذلنا
في هواه الارواح والاجساما
يا مليكا أجرى على الريف ألطافا
وزكى ألفطافه إلماما
أي سعد للريف وهو بمرآك
يرى وجه دهره البساما
وصف ما فاض من سرور بنيه
في الأقاليم يعجز الاقلاما
زال عهد لم يرع من ساد فيه
حق شعب يفنى طوى وأواما
ربنا اغفر لمصر بالملك الصالح
تلك الذنوب والآثاما
وارعه وارعها ويسر له الامر
ويسر لها ودامت وداما