أي نار بها الجوانح تصلى
أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
أيُّ نار بها الجوانحُ تصلى
وجفونٍ تصوب بالدَّمع وبلا
كلّما لاح بارق هاج وجد
وجرى مدمعٌ له واستهلاّ
مغرم لا يعي الملامة في الحـ
بّ ولا يرعوي فيقبل عذلا
ما يف يد المشوق يا سعدُ أمسى
مُكثِراً من بكائه أو مقلاً
صرعته العيون نجلاً وهل تصـ
ـرع إلاّ عيونها الغيد نجلا
وسقته كأس الغرام وما كا
ن ليشفي الغرام علاً ونهلا
ما يعاني من الصبابة صَبُّ
كان قبل الهوى عزيزاً فذلاّ
قد أذلّ الغرامُ كلَّ عزيز
والهوى يترك الأعزَّ الأذلا
وبنفسي مهفهف العطف أحوى
حرّم الله من دمي ما استحلا
قل لأحبابنا وهل يجمع الدهـ
ـر على بعدهم من الدار شملا
ما تسلّيت في سواكم ومن لي
بفؤاد في غيركم يتسلّى
فرّق الدهر بيننا بالتنائي
وقضى بالنوى وما كان عدلا
عَلِّلونا منكم ولو بخيالٍ
يهتدي طيفه فيطرق ليلاّ
فعسى المهجة التي أظمَأتْها
زفرةُ الوجد بعدكم أن تُبَلا
إنّ وُرْقاً ناحت على الغصن شجواً
أنا منها بذلك النّوح أولى
وشجتنا بنوحها حين ناحت
فكأنّ الوَرقاء إذ ذاك ثكلى
ذكّرتني وربما هيَّجَ الذِكرُ
زماناً مضى وعصراً تولّى
وهو مربع لظلمياءَ أقوى
تسحب المزن في مغانيه ذيلا
فسقى ملعبَ الغزال وميضٌ
من هطول يسقي رذاذاً وهطلا
أفأشفي الجوى بآرام رَبْعٍ
صحَّ فيه نسيمه واعتلاّ
رُبَّ طيف من آل ميٍ طروق
زار همأ فقلت أهلاً وسهلا
نوَّلتني الأحلامُ منه الأماني
وانقضى عهده وما نلت نيلا
إذ تصدى لمغرم مات صدّاً
وتولى حرّ الغرام وولّى
زائراً كالسراب لاح لصادٍ
قبل أن يذهب الظماء اضمحلا
والليالي تريك كل عجيب
وتزيد الخطوب بالشهم عقلا
وإذا ما محت أعاجيب شكل
أثْبَتَت من عجائب الدهر شكلا
قد أكلت الزمان حلواً ومرّاً
وشربت الأيام خمراً وخلاّ
وأبَتْ لي أبوَّتي أنْ أداري
معشراً عن مدارك الفضل غفلا
لا أداري ولا أماري ولا أشـ
ـهدُ زوراً ولا أبدّلُ نقلا
قد كفاني ربي استماحة قوم
أشربوا في الصدور غِلاً وبخلا
بأبي القاسم الذي في النا
س نجاراً وطابَ فرعاً وأصلا
وإذا عدَّدتْ بنيها المعالي
كان أعلى بني المعالي محلاّ
فخر آل الزهير والجبل الباذخ
أضحى على الجبال مُطلا
ظلَّ من يستظّل منه بظلٍّ
لا عدمناه في الأماجد ظِلاً
أيّ ناد ولم يكن لك فيه
يجتدي سائل ويبلغ سؤلا
بأبي وافر العطايا إذا ما
أكثرَ النَّيل بالعطاء استقلا
وعيال ذوو العقول عليه
في أمور تدقّ فهماً وعقلا
عصمة للأفكار من خطأ الرأ
ي وهادٍ للفكر من أن يضلاّ
نوَّر الله منك قلباً ذكيّاً
ظلم الشكّ فيه لا شك تجلى
غادر المح لفي أياديه خصباً
في زمان يغادر الخصب محلا
كم أيادٍ تلك الأيادي أفاضت
وأسالت من وابل الجود سيلا
سابق من يجيء بالفضل بعداً
لاحقٌ بالجميل من كان قبلا
شهد الله والأنام جميعاً
أنَّه الصارم الذي لن يُفلاّ
إنْ تُجرِّده كاشفاً لِمُلِمٍّ
فكما جردت يمينك نصلا
وعلى ما يلوح لي منه مرآىً
قَرَأ المجدُ سَطْرَه واستملاّ
يا حُساماً هززته مشرفياً
صَقَلَتْه قَيْنَ المروءة صقلا
من جليلٍ أعزّك الله في العا
لم قدراً سما فعزّ وجلاّ
أيّ ناد ولم يكن فيه
آيةٌ من جميل ذكرك تتلى
قد حكيت الشمّ الرواسي وقاراً
وثباتاً في الحادثات ونبلا
لبس الشعر من مديحك حِلْياً
ولا أراه بغيره يتحلّى
وبنات الأفكار لم ترض إلاّ
كفؤها من أكارم الناس بعلا
أيّها المنعم المؤمَّل للفضل
حباك الإلڑه ما دمت فضلا
ألبستني نعمالك من قبل هذا
من مفاخر ليس تبلى
كل يوم تراك عيناي عيدٌ
عند مثلي ولا أرى لك مثلا
فإذا قلتُ في ثنائك قولاً
قيل لي أنت أصدق الناس قولا
فبما نعمةٍ عليَّ وفضلٍ
أثقَلَتني أيديك بالشكر حملا
لا يزال العيد الذي أنت فيه
عائداً بالسرور حَوْلاً فَحَولا