إباء أقام الدهر عني وأقعدا

إبَاءٌ أقَامَ الدّهْرَ عَنّي وَأقْعَدَا

​إبَاءٌ أقَامَ الدّهْرَ عَنّي وَأقْعَدَا​ المؤلف الشريف الرضي



إبَاءٌ أقَامَ الدّهْرَ عَنّي وَأقْعَدَا
 
وصبر على الأيام أنأى وأبعدا
وقلب تقاضاه الجوانح انة
 
إذا رَاحَ مَلآناً مِنَ الهَمّ، أوْ غَدَا
أخُوذٌ عَلى أيدي المَطامِعِ بالنّوَى
 
نِزَاعاً، وَمَا يَزْدادُ إلاّ تَبَعُّدَا
إذا ركبت اماله ظهر نية
 
رَأيْتَ غُلاماً غَائِرَ الشّوْقِ مُتجِدَا
غذي زماع لا يمل كأنما
 
يَرَى اللّيلَ كُوراً وَالمَجَرّة َ مِقوَدَا
يُلَثِّمُ عِرْنِينَ الحُسَامِ بِهِمّة ٍ
 
تُكَلّفُهُ خَوْضَ اللّيَالي مُجَرَّدَا
أيَا خَاطِباً ودّي عَلى النّأيِ، إنّني
 
صَديقُكَ إنْ كنتَ الحُسامَ المُهَنّدَا
فَإنّي رَأيْتُ السّيْفَ أنصَرَ للفَتَى
 
إذا قَالَ قَوْلاً مَاضِياً أوْ تَوَعّدَا
أرَى بَينَ نَيْلِ العِزّ وَالذّلّ سَاعَة ً
 
مِنَ الطّعنِ تَقتادُ الوَشيجَ المُقَصَّدَا
فَمَنْ أخّرَتْهُ نَفْسُهُ ماتَ عاجِزاً
 
و من قدمته نفسه مات سيدا
إذا كَانَ إقدامُ الفَتَى ضَائِراً لَهُ
 
فَما المَجدُ مَطلُوباً، وَلا العزُّ مُفتدَى
فِدًى لابنِ عبّادِ ضَنِينٌ بِنَفْسِهِ
 
إذا نقض الروع الطراف الممددا
وَدَبّرَ أطْرَافَ الرّمَاحِ، وَإنّمَا
 
يدبر قبل الطعن رأيا مسددا
به طال من خطوي وكنت كانني
 
مشيت الى نيل المعالي مقيدا
وَمَنْ ماتَ في حَبسِ المَذَلّة ِ قَلْبُهُ
 
رَأى العزَّ في دارِ المَذَلّة ِ مَوْلِدَا
يَسُرّ الفَتَى حَملُ النّجَادِ، وَرُبّما
 
رأى حتفه في صفحتي ما تقلدا
لنال المعالي من يدل بنفسه
 
وَلا يَذْخَرُ الآبَاءَ مَجْداً مُوَطَّدَا
و ما يستفاد العز من شيمة الفتى
 
اذا كان في دين المعالي مقلدا
أبَا قَاسِمٍ هذا الذي كُنتُ رَاجِياً
 
لا رغم اعداءً واكبت حسدا
لَئِنْ كنتُ في مَدحِ العُلى فَاغراً فماً
 
وان ظمئت امالنا كنت موردا
فَيا لَيتَ رُعيَانَ القَضِيمَة ِ خَيّرُوا
 
لَبِستُ إلَيكَ الشّرْعَبيّ المُعَضَّدَا
و لو كان لا يجني على المرء بأسه
 
لَدَرّعَني العَزْمُ الدِّلاصَ المُسَرَّدَا
وَلَيْلٍ دَفَعْنَاهُ إلَيْكَ، كَأنّما
 
دفعنا به لجا من اليم مزبدا
وَشَمسٍ خَلَعناها عَلَيكَ مَرِيضَة ً
 
وكنا لبسناها رداء موردا
وَمَلكٍ أنِفْنَا أنْ نُقِيمَ بِبَابِهِ
 
فَزَوّدَنَا زَادَ امرِىء ٍ مَا تَزَوّدَا
وَأمْرَدَ حَيٍّ مُلْتَحِ بِلِثَامِهِ
 
يَطولُ جَوَاداً قادحَ السّنّ أجرَدَا
رَأى أرْجلَ الخُوصِ الخِماصِ كأنّما
 
تُسَالِبُ أيْدِيهَا النَّجَاءَ العَمَرّدَا
تركنا لا يد العيس ما خلف ظهرها
 
وَمَنْ ذَلّ في دارٍ رَأى البُعدَ أحمَدَا
وَسِرْنا عَلى رُغْمِ الظّلامِ كَأنّنَا
 
بدور تلاقي من جنابك اسعدا
تركت اليك الناس طراً كانني
 
أرَى كلّ مَحجوبٍ بَعِيراً مُعَبَّدَا
 
باني رعيت العز غضاً مجددا
فلله نور في محياك انه
 
يمزق جلبابا من الليل اربدا
وَلِلَّهِ مَا ضَمّتْ ثَنَايَاكَ، إنّهَا
 
ثَنَايَا جِبَالٍ تُطلِعُ البأسَ وَالنّدَى
أغِرْ ضَوْءَها، يا قِبلَة َ المجْد، إنّني
 
ارى غرر الامال نحوك سجدا
وَأنتَ الذي ما احتَلّ في الأرْضِ مقعداً
 
من الجد الا شتق في الجومصعدا
إذا ظَمِئَتْ عِيسٌ إلَيكَ، فإنّمَا
 
حقائبها تروي لجينا وعسجدا
تُكَتِّمُكَ الأسْرَارُ حَزْماً وَفِطنَة ً
 
وَتَفْضَحُكَ الآرَاءُ عِزّاً وَسُؤدُدَا
وَما كنتَ إلاّ السّيفَ يُعرَفُ مُنتَضًى
 
وَيُنكَرُ في بَعضِ المَوَاطنِ مُغمَدَا
وَحَيٍّ جُلالٍ قَدْ صَبَحتَ بِغَارَة ٍ
 
من الخيل يستاق النعام المشردا
وَيَوْمٍ مِنَ الأيّامِ شَوّهْتَ وَجْهَهُ
 
بأغبَرَ كَدَّ الطّيرَ حَتّى تَبَلّدَا
رَمَتْ بكَ أقصَى المَجدِ نفسٌ شرِيفة ٌ
 
وقلب جريء لا يخاف من الردى
و همة مقدام على كل فتكة
 
يفارق فيها طبعه ما تعودا
مقيم بصحراء الضغائن مصحرا
 
اذا اخمدت من نارها اوقدا
لَكَ القَلَمُ المَاضِي الذي لَوْ قَرَنْتَهُ
 
بجَرْيِ العَوَالي كَانَ أجرَى وَأجوَدَا
إذا انْسَلّ مِنْ عَقْدِ البَنَانِ حَسبتهُ
 
يحوك على القرطاس برداً معمدا
يُغازِلُ مِنْهُ الخَطُّ عَيْناً كَحِيلَة ً
 
إذا عَادَ يَوْماً ناظِرُ الرّمحِ أرْمَدَا
و ان مج نصل من دم الصرب احمرا
 
أرَاقَ دَماً من مَقتَلِ الخَطبِ أسوَدَا
اذا استرعفته همة منك غادرت
 
قَوَادِمَهُ تَجرِي وَعيداً وَمَوْعِدَا
ساثني باشعاري عليك فانني
 
رأيت مسود القوم يطري المسودا
فما عرفتني الارض غيرك مطلبا
 
وَلا بَلّغَتْني العِيسُ إلاّكَ مَقصَدَا
ألا إنّ تَرْكَ الحَمدِ تَبخيلُ مُحسِنٍ
 
وما بذل المعطاء الا ليحمدا
 
فَإنّي إلى غَيرِ النّدَى باسِطٌ يَدَا
خطبت اليك الود لاشيء غيره
 
وَودُّ الفَتَى كالبِرّ يُعطَى وَيُجتَدَى
دعاني اليك العز حتى اجبته
 
وَمَنْ طَلَبَتْهُ جُمَّة ُ المَاء أوْرَدَا
وَإنّي لأرْجُو مِنْ جِوَارِكَ فَعْلَة ً
 
أغيظُ بِهَا الحُسّادَ مَثنًى وَمَوْحَدَا
و مدحك هذا بكر مدحٍ مدحته
 
وَكنتُ أرُوضُ القَوْلَ حتّى تَسَدّدَا
وَلَوْ عَلِقَتْ مِنّي بغَيرِكَ مَدْحَة ٌ
 
لَكُنتُ كمَنْ يَعتاضُ بالمَاءِ جَلمَدَا
و لست براض هذه لك تحفة
 
أُضَمّنُهَا فِيكَ الثّنَاءُ المُخَلَّدَا
فَإنْ كان شِعرِي فاتَكَ اليَوْمَ آبِياً
 
عَليّ، فإنّي سَوْفَ أعطيكَهُ عَدَا
وَلَوْلاكَ ما أوْمَى إلى المَدحِ شَاعِرٌ
 
يعد عليا للعلى ومحمدا
أبُوهُ أبُوهُ المُسْتَطيلُ بِنَفْسِهِ
 
على العز مصروفاً به ومقلدا
فتى سنه عن خمسه عشرة حجة
 
تربى له فضلاً ومجدا ومحتدا
فَتيُّ الصِّبَا كَهلُ الفَضَائِلِ ما مشَى
 
إلى العُمرِ إلاّ احتَلّ في الفضْلِ مقعدَا
 
حديثاً ولا يدعو من الناس منجدا
وَلا طالِباً مِنْ دَهْرِهِ فَوْقَ قُوتِهِ
 
كفاني من الغدران ما نقع الصدا
سَأحمَدُ عَيشاً صَانَ وَجهي بمائِهِ
 
وان كان ما اعطى قليلاً مصردا
و قالوا لقاء الناس انس وراحة
 
ولو كنت ارضى الناس ماكنت مفردا
طربت إلى الفضل الذي فيك وانتشى
 
لذِكرِكَ شِعْرِي رَاقِداً وَمُسَهَّدَا
وَما كنتُ إلاّ عاشِقاً ضَاعَ شَجْوُهُ
 
فَأصْبَحَ يَسْتَملي الحَمَامَ المُغَرِّدَا
و ليس عجيباً ان طغى فيك مقول
 
رَآكَ حَقيقاً في المَعالي، فَجَوّدَا
بعدت عن الاتشاد من غير رغبة
 
وَلكِنّني استَخلَفتُ نُعماكَ مُنشِدَا
فمرني بأمر قبل موتي فانني
 
ارى المرء لا يبقى وان بعد المدى
وَمَا المَيتُ إلاّ رَاحِلٌ كَرِهَ النّوَى
 
وَأعْجَلَهُ المِقْدارُ أنْ يَتَزَوّدَا