إحياء علوم الدين/كتاب آداب تلاوة القرآن/الباب الأول



الباب الأول

في فضل القرآن وأهله وذم المقصرين في تلاوته


فضيلة القرآن

عدل

قال "من قرأ القرآن ثم رأى أن أحداً أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظمه الله تعالى" وقال "ما من شفيع أفضل منزلة عند الله تعالى من القرآن لا نبي ولا ملك ولا غيره" وقال "لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار" وقال "أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن" وقال أيضاً "إن الله عز وجل قرأ طه ويس قبل أن يخلق الخلق بألف عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمة ينزل عليهم هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تنطق بهذا" وقال "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وقال "يقول الله تبارك وتعالى من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين" وقال "ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك أسود لا يهولهم فزع ولا ينالهم حساب حتى يفرغ ما بين الناس: رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله عز وجل والخ أم به قوماً وهم به رضوان" وقال "أهل القرآن أهل الله وخاصته" وقال "إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد فقيل يا رسول الله وما جلاؤهها? فقال: تلاوة القرآن وذكر الموت" وقال "لله أشد أذناً إلى قارىء القرآن من صاحب القينة إلى قينته" الآثار: قال أبو أمامة الباهلي: اقرءوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلباً هو وعاء للقرآن. وقال ابن مسعود: إذا أردتم العلم فانثروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين. وقال أيضاً: اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه بكل حرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول: الحرف ألم ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف. وقال أيضاً: لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن ويعجبه فهو يحب الله سبحانه ورسوله وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله سبحانه ورسوله . وقال عمرو بن العاص: كل آية في القرآن درجة في الحنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضاً: من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه. وقال أبو هريرة: إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل: ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين. وقال أحمد ابن حنبل: رأيت الله عز وجل في المنام فقلت: يا رب ما أفضل ما تقرب به المتقربون إليك? قال: بكلامي يا أحمد، قال قلت: يا رب بفهم أو بغير فهم? قال: بفهم وبغير فهم. وقال محمد بن كعب القرظي: إذا سمع الناس القرآن من الله عز وجل يوم القيامة فكأنهم لم يسمعوه قط. وقال الفضيل بن عياض: ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد حاجة ولا إلى الخلفاء فمن دونهم فينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه. وقال أيضاً حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن. وقال سفيان الثوري: إذا قرأ الرجل القرآن قبل الملك بين عينيه. وقال عمرو بن ميمون: من نشر مصحفاً حين يصلي الصبح فقرأ منه مائة ىية رفع الله عز وجل له مثل عمل جميع أهل الدنيا. ويروى "أن خالد بن عقبة جاء إلى رسول الله وقال اقرأ علي القرآن فقرأ عليه "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى" الآية فقال له أعد فأعاد فقال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمورق وإن أعلاه لمثمر وما يقول هذا بشر" وقال الحسن والله ما دون القرآن من غنى ولا بعده من فاقة. وقال الفضيل: من قرأ خاتمة سورة الحشر حين يصبح ثم مات من يومه ختم له بطابع الشهداء ومن قرأها حين يمسي ثم مات من ليلته ختم له بطابع الشهداء وقال القاسم بن عبد الرحمن: قلت لبعض النساك ما ههنا أحد نستأنس به فمد يده إلى المصحف ووضعه على حجره وقال: هذا. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ثلاث يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم؛ السواك والصيام وقراءة القرآن.

في ذم تلاوة الغافلين

عدل

قال أنس بن مالك: رب تال للقرآن والقرآن يلعنه. وقال ميسرة: الغريب هو القرآن في جوف الفاجر وقال أبو سليمان الداراني: الزبانية أسرع إلى حملة القرآن الذين يعصون الله عز وجل منهم إلى عبدة الأوثان حين عصوا الله سبحانه بعد القرآن. وقال بعض العلماء: إذا قرأ ابن آدم القرآن ثم خلط ثم عاد فقرأ قيل له: مالك ولكلامي. وقال ابن الرماح: ندمت على استظهاري القرآن لأنه بلغني أن أصحاب القرآن يسألون عما يسأل عنه الأنبياء يوم القيامة. وقال ابن مسعود، ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس ينامون وبنهاره إذا الناس يفرطون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون. وينبغي لحامل القرآن أن يكون مستكيناً ليناً ولا ينبغي له أن يكون جافياً ولا ممارياً ولا صياحاً ولا صخاباً ولا حديداً. وقال "أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها" وقال "اقرإ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه" وقال "ما آمن بالقرآن من استحل محارمه" وقال بعض السلف: إن العبد ليفتتح سورة فتصلي عليه الملائكة حتى يفرغ منها، وإن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها، فقيل له: وكيف ذلك? فقال: إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته. وقال بعض العلماء: إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول "ألا لعنة الله على الظالمين" وهو ظالم نفسه "ألا لعنة الله على الكاذبين" وهو منهم. وقال الحسن: إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملاً فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله، وإن من كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. وقال ابن مسعود أنزل القرآن عليهم ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفاً وقد أسقط العمل به. وفي حديث ابن عمر وحديث جندب رضي الله عنهما: لقد عشنا دهراً طويلاً وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها. ثم لقد رأيت رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل وقد ورد في التوراة: يا عبدي أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفاً حرفاً حتى لا يفوتك شيء منه، وهذا كتابي أنزلته إليك انظر كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت عليك فيه لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك? يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك?