إذا كان الذي يعرو مهما

إِذا كان الذي يَعْرُوْ مُهِمَّاً

​إِذا كان الذي يَعْرُوْ مُهِمَّاً​ المؤلف الرصافي البلنسي


إِذا كان الذي يَعْرُوْ مُهِمَّاً
فأيسرُ ما تضيقُ به الصدورُ
فيا لكِ صِحَّةً جَلَبَتْ حياةً
تعيشُ بها المنابرُ والثغورُ
ويا لكِ نعمةً رمنا مداها
فما وَصَلَ اللسانُ ولا الضَّميرُ
عَجَزْنا أَنْ نَقُومَ لها بِشُكْرٍ
على أنَّ الشكورَ لها كثيرُ
وكيف به وباعُ القولِ فيها
وإِن طالتْ مسافَتُهُ قَصِيرُ
تَخَلَّصنْا بها من كلِّ همٍّ
كأنَّ الليلَ في يدهِ أسيرُ
وبتنا في ذراها كيف شئنا
فَجَفْنٌ نائمٌ وَحَشاً قَرِيرُ
رَفَعْنا نَحْوَ مَرْآكُمْ عُيُوْناً
لهنَّ دُوَيْنَكُمْ نَظَرٌ كَسير
فكادَ يَصُدُّنا عَنْ مُجْتَلاهُ
رقيبٌ منْ مهابتكمْ غيورُ
فيا صفحاتِهِ زيدي انبلاجاً
كما يَعْلُو الصَّبَاحُ المُسْتَنير
ويا قسماتهِ زيدي ابتهاجاً
كما يَتَضَاحَكُ الرَّوْضُ المطير
وجذمٌ في الخلافةِ مستقرُّ
تَمُرُّ على أَصَالَتِهِ الدُّهُورُ
وَحُكْمٌ تحته أَمْرٌ مُطَاعٌ
يحطُّ به عن الجيشِ الأميرُ
وتدبيرٌ يبيتُ على التَّمادي
من الرأيِ المصيبِ له سميرُ
وهيجاءٌ تَخَطَّفْتُمْ ذَوِيْها
كما تتخطفُ الحجلَ الصقورُ
بخيلٍ مدركاتٍ ما أرادتْ
إذا اشتدَّتْ فليسَ لها فُتُور
مُصَرَّفَةٌ بِحُكْمِكُمُ فَطَوْراً
تخبُّ بكمْ وآونةً تطيرُ
وكمْ بيداءَ قد جاوزتموْها
فلاذَ بظلِّكمْ فيها الهجيرُ
فجئتمْ والغديرُ بها سَرابٌ
وَزُلْتُمْ والسَّرابُ بها غدير
رَسَمْنا الحمدَ باسْمِكَ واقْتَصَرْنا
فلمْ يطلِ النظيمُ ولا النثيرُ
إِذا لم يَنْقُصِ المعنى بيانٌ
فِسِيَّانِ البلاغةُ والقُصُورُ
فتىً من قيسِ عيلانٍ تلاقى
على سيمائِهِ كرمٌ ونورُ
تضيءُ به البلادُ إِذا تجلَّى
وَتَغْرَقُ في مَكارِمِهِ البحور
وَتُعْرَفُ مِنْ مَنازِلِهِ المَعالي
كما عُرِفَتْ من القَمَرِ الشُّهُور
تَشَبَّهَتِ الملوكُ به وَحاشا
وذلك منهمُ غيٌّ وزورُ
وقد يقعُ التَّفاضُلُ في السَّجايا
ويهجى الشوكُ إِنْ لمسَ الحريرُ
فِدىً لكَ مِنْهمُ أَعلاقُ صِدْقٍ
فإِنَّكَ أَنتَ وَاحِدُها الخطير
إلى الجوزاء فارقَ وَدَعْ أُناساً
مَراقِيْهِمْ عَريشٌ أَوْ سَرير
وبعدُ، فزار حضرتكُمْ سلامٌ
ولكنْ مثلُ ما نفحَ العبيرُ
سلامٌ تَحْتَهُ شَوْقٌ وَحُبٌّ
يَخُصُّكُمُ به عَبْدٌ شَكور
مملكُ طاعةٍ لكمُ ونعمَى
هما في الجيد طوقٌ أَو جريرُ