إلى مصر أزف عن الشآم

إلى مصر أزف عن الشآم

​إلى مصر أزف عن الشآم​ المؤلف جبران خليل جبران


إلى مصر أزف عن الشآم
تحيات الكرام إلى الكرام
تحيات يفض الحمد منها
فم النسمات عن عبق الخزام
ندبت لها وجرأني اعتدادي
بأقدار الدعاة على القيام
إذا ما كان معروف وشكر
مبادلة التصافي والوئام
فحبا أيها الوطنان إني
وسيط العقد في هذا النظام
وسيط العقد لا عن زهو نفس
أقل الرأي يلزمني مقامي
ولكن عن ولاء بي أكيد
وعن رعي وثيق للذمام
أعرني ثغر بيروت ابتساما
أصغ فرض الجميل من ابتسام
ويا بحرا هناك أعر ثنائي
نفيس الدر ينظم في الكلام
ويا غابات لبنان المفدى
من الدوح المجدد والقدام
أراك على الكنانة عاطفات
وقد ذكرت أملك من غرام
أمديني بأرواح زواك
لقرئها الزكي من السلام
بلادي لا يزال هواك مني
كما كان الهوى قبل الفطام
أقبل منك حيث رمى الاعادي
رغاما طاهرا دون الرغام
وأفدي كل جلمود فتيت
وهي بقنابل القوم اللئام
فكيف الشبل مختبطا صريعا
على الغبراء مهشوم العظام
وكيف الطفل لم يقتل لذنب
وذات الخدر لم تهتك لذام
لعمر المنصفين أبعد هذا
يلام المستشيط على الملام
لحى الله المطامع حيث حلت
فتلك أشد آفات السلام
تشوب الماء وهو أغر صاف
وتمشي في المشارب بالسقام
أيقتل آمن ويقال رفه
عليك فما حمامك بالحمام
ستسعد بالذي يشفيك حالا
وتنعم بعد خسف بالمقام
فإما أن تعيش وأنت حر
فذاك من التغالي في المرام
وإما أن تساهم في المعالي
فطائشة بمرماك المرامي
مضى عهد يجار الجار فيه
ويؤخذ للحلام من الحرام
وهذا العهد ميدان التباري
بلا حد الى كسب الحطام
مباح ما تشاء فخذه إما
بحق الرأي أو حق الحسام
ولا تكرثك نوحات الثكالى
ولا شكوى ضميرك في الظلام
أساتذة المطامع ما ذكرتم
هو الناموس يقدم وهو نام
فلا يضعف ضعيف أو نراه
لناب الليث يصلح في الطعام
فهمنا مأخذ الجاني علينا
وإعذار المسيمين العظام
وإن بديل عصر كان فيه
عجاف القوم ملكا للضخام
زمان ساد شعب فيه شعبا
وأنزله بمنزلة السوام
وبين العنصرين خلاف نوع
على كون الجميع من النام
أقول وقد أفاق الشرق ذعرا
من الحال الشبيهة بالمنام
على صخب الرواعد فيحماه
ورقص الموت بين طلى وهام
أقول بصوته لحماة دار
رماها من بغاة الغرب رام
أباة الضيم من عرب وترك
نسور الشم آساد الموامي
قروم العصر فرسانا ورجلا
نجوم الكر من خلف اللثام
بنا مرض النعيم فنسمونا
وغى يشفي من الصفو العقام
بنا عطل السماع فشنفونا
بقعقعة الحديد لدى الصدام
لقد حئتم ببرهان عظيم
على أنا نعود الى التمام
وأنا إن جهلنا أو غلطنا
أنفنا أن نعاتب باحتكام
وأنا حيث فاتحنا كذوب
بميعاد فطنا للختام
فإن زينت لنا الأقوال عفنا
تعاطيها كما كرة المدام
على هذا الرجاء ونحن فيه
نسير موفقين الى الامام
مثولي رافعا إجلال قومي
إلى عباس الملك الهمام
إلى ملك التضامن والتآخي
عميد الشرق بعد الامام
وجهري جهد ما تسع المعاني
بمدح شقيقه السنم المقام
متتم إمارة الأصل المعلى
بفضل باذخ كالأصل سام
وأدعو أن يعز الله مصرا
ويوليها السعود على الدوام