إني لأغنى الناس عن عصبية

إني لأغنى الناس عن عصبية

​إني لأغنى الناس عن عصبية​ المؤلف ابن القيسراني


إني لأغنى الناس عن عصبية
ما الحق مفتقر إلى متعصب
ومخاتل بالكيد يهتك شخصه
وضح النهار فيحتمي بالغيهب
ما كان أبصرني بكف أذاته
لو كنت أحسن رقية للعقرب
يا طالبا ذلي بجامح غيه
أو ما سمعت بعزآل مسيب
الحافظين ذمارهم في جارهم
والعاقدين ذمامهم للأجنبي
والراكبين من الظبي في بارق
والنازلين من القنا في مضرب
والحانين الحاتمين من الندى
ما شاع في العربي والمستعرب
قوم إذا استبقوا على أحسابهم
جلبوا لعز الدين أكرم منسب
ملك تواصله الفضائل رغبة
في مجده من أبعدين وأقرب
جمع القلوب على محبة ملكه
ما عنده من رأفة وتحيب
فإذا يقاس بخيل قيس خيله
عدت معد وأعربت عن يعرب
سيف إذا ابتسمت مضارب سيفه
أيقنت أن البرق ليس بخلب
يأتم في ليل الوغى بسنانه
أرأيت شمسا تستضيء بكوكب
إن كنت غرا من حقيقة بأسه
فاسأل بها غرر العتاق الشرب
كالليث ترتجل الثناء وفوده
يوم السلام على أغر محجب
مستمطر النعمى يشف حياؤه
عن شيمة ذهب ووجه مذهب
حرم المعالي من يلذ بفنائه
يحلل به بين الصفا والأخشب
يا ابن المعاقل من عقيل والأولى
رجموا الكواكب شركة في المنصب
أمتك أمات الثناء لواحقا
ابكارها عن قرع فكر منجب
من كل ثاوية تبيت على السرى
كالنجم بين مشرق ومغرب
إن حميت فوذيلة في صعدة
أو قوضت فعقيلة في ربرب
شامت من الشام الفرات وجاورت
في دوسر جار الغرام الصيب
حلت بملك المالكي فصافحت
ما شئت من أهل هناك ومرحب
حيث المناقب في المواهب والفضائل
في الفواضل والعلى في المكسب
وكذا إذا لم تلف إلا طالبا
رفد الرجال فكن شريف المطلب
أضحى بك الأضحى المهنا ضاحكا
يفتر عن ثغر الزمان الأشنب
لا قوضت أبدا خيام سروره
إلا وهديك فيه هدي مقرب
وإذا المناسب صرحت ثمراتها
عنها فأنت الطيب ابن الطيب
أنت الذي ما اعتادني إحسانه
إلا صفحت عن الزمان المذنب
سقى الله بالزوراء من جانب الغرب
مها وردت عين الحياة من القلب
عفائف إلا عن معاقرة الهوى
ضعائف إلا في مغالبة الصب
عقائل تخشاها عقيل بن عامر
كواعب لا تعطي الذمام على كعب
إذا جاذبتهن البوادي مزية
من الحسن شبهن البراقع بالنقب
تظلمت من أجفانهن إلى النوى
سفاها وهل يعدي البعاد على القرب
ولما دنا التوديع قلت لصاحبي
حنانيك سربي عن ملاحظة السرب
إذا كانت الأحداق نوعا من الظبى
فلا شك أن اللحظ ضرب من الضرب
هبوني تعسفت الفراق ضلاله
فأصبحت في شعب وقلبي في شعب
فإني إذا ناديت يا صبر منجدا
خذلت ولبى إن دعا حرقه لبي
تقضى زماني بين بين وهجرة
فحتام لا يصحو فؤادي من حب
وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا
ألست ترى في وجهه أثر الترب
وأعجب ما في خمر عينيه أنها
تضاعف سكري كلما قللت شربي
إذا لم يكن في الحب عندي زيارة
ترجى فما فضل الزيارة عن غب
وما زال عوادي يقولون من به
وأكتمهم حتى سألتهم من بي
فصرت إذا ما هزني الشوق هزة
أحلت عذولي في الغرام على صحبي
وعند الصبا منها حديث كأنه
إذا سار بين الشرب ريحانة الشرب
تنم عليه نفحة بابلية
نمت من ثناياها إلى البارد العذب
تراح لها الأرواح حتى تظنها
نسيم جمال الدين هب على الركب
سروا عاقدي الآمال بهمة
بها وضعوا أثقالهم في ذرى الشهب