إن الحمول غداة غربة غرب

إن الحمولَ غداة َ غربة غربِ

​إن الحمولَ غداة َ غربة غربِ​ المؤلف علي بن محمد التهامي


إن الحمولَ غداةَ غربة غربِ
ولّت بأحسن سافرٍ ومنقّب
فخلستُ منها لحظةً فكأنني
أبصرتُ لمعة كوكبٍ متصوبِ
ولحظنني فكأنما انفجرتْ لنا
تلك البراقعُ عن جآذرِ ربرب
ونثرنَ من صدف الجفون لبيننا
درّين بين مضرس ومحبب
دانينَ غزلانَ الصريمةِ فالتقى
في الروض غير مربربٍ بمربرب
وإذا ارتقين إلى عوارض تلعةٍ
بسمتْ بدر من أقاح أشنب
ولثمنَ نوّارَ الأقاحي غدوةً
بألذ في الأفواه منه وأعذب
والطلّ يجري كلَّ مقلةِ نرجس
من فوق خدّ شقائقٍ لك معجب
أبصرتُ ملعبها القديمَ فدلّني
نشرث العبير الوردُ نحو الملعب
فوقفتُ فيها ذا لسانٍ أعجمٍ
عن ذكر ما ألقى ودمع معرب
أبكي ويبكي من يعنف في الهوى
حتى أؤنّب في البكاء مؤنبي
ودموعنا صنفان صنفٌ ساكبٌ
يجري وآخر حائرٌ لم يكسب
عذبُ المطال لأنهُ من عندها
ولو انهُ من غيرها لم يعذُب
إن يحظني كلفٌ به فإلى جوى
أو يحظها بينٌ فنحو تجنُّب
إن الحجازَ على تنائي أهله
ناهيك من بلدٍ إلي محببِ
فسقاهُ منهمرُ السحاب كأنهُ
يدُ جعفرِبن محمد بن المغربي
فردٌ يردّ شعاعَ طرفك ضوؤه
فيظلّ محتجباً وإن لم يحجب
هو نهبةٌ للمعتفين فإن بدا
لك مالهُ وأطقت نهباً فانهبِ
سمحُ الخلائق والطرائق حظّهُ
مما حواه دونَ حظّ الأجنبي
بالجودِ من فضلٍ لديك مشرّقٍ
أبداً ومالٌ في البلادِ مغرّب
لهجُ اللسان لزائريه بمرحبٍ
إن الندى عنوانهُ في مرحب
قد أخصبت هممي به ولربما
أنزلتُ طارقها بوادٍ مجدب
غربت خلائقهُ وأغرب واصفٌ
فيهِ فأغرب مغربٌ في مغرب
فكأنه في كلّ معركةٍ لهُ
ليثٌ بدا في فعله المتغضّب
طابتْ محامده فطاب وإنما
تزهى العلى بالطيب ابن الطيّب
ليس الدخيلُ إلى العلى كمعرق
ورثَ العلى بأبٍ كريم عن أب
يفتضّ أبكارَ المعاني قائلاً
أو كاتباً ويديمُ هجر الثيّب
متيقظ أخثى عليهِ إذا ارتأى
من رأيهِ المتوقّد المتلهب
لما كملّتَ نطقتُ فيك بمنطق
حق فلم آثم ولم أتحوّب
حتى لو ان الدهر ظلَّ مصادمي
لهددتُ منكبهُ الشديدَ بمنكبي
في كفه قلمٌ ينوبُ بحدّه
عن حدَّ كلّ مثقفٍ ومشطبِ
قلمٌ أقام ولفظهُ متداولٌ
ما بين مشرق شمسها والمغربِ
ويفضُّ ختم كتابهِ عن كتبهِ
كالدرِّ إلا أنهُ لم يثقبِ
لله آل المغربي فإنهم
كنزُ الفقيرِ ونجعة المتأدب
وإليهم لو أنصف الناس انتهتْ
شعب الفصاحةِ وابتدت في يعربِ
أهل الفصاحة والصباحة والرجا
حة والسماحة والكلام المعرب
شهروا بفضلهم وهل يخفى على
ذي ناظر شية الصباحِ الأشهب
لو يسترون نفوسهم قال النّدى
لشواهدِ العلياء قومي فاخطبي
قوم لهم صدرُ الدسوت إذا همُ
جلسوا وإن ركبوا فصدرُ الموكب
لم تخلُ أرضٌ منهم من صيّبٍ
وسماءُ مجدٍ منهم من كوكب
ومهذبون مهذبون ولن ترى
في النائبات مهذّبا كمهذَّبِ
كهف اللهيف وروضُ مرتاد الندى
وغنى الفقير وأوبة المتغرب
وأبو عبيد الله درّة تاجهم
وسوادُ ناظرهم وقلبُ المقنب
ولو ان إنساناً من الناس ادّعى
لهم الفضائل كلها لم يكذب
هم حلّةُ المجدِ القديم وجعفرٌ
ما بينهم مثلُ الطراز المذهب
يا طالبَ الرزق الجليل ومن غدا
في الناس راجي الفضل من متطلب
لا تطلبنّ الرزق إلا منهمُ
فإن استربت بما أقول فجرّب
كيف التأخّرُ عنهم ولقاؤُهم
من بعد تقوى الله أنجح مطلب