إن الفؤاد هفا للبائن الغرد

إنَّ الفؤادَ هفَا للبائنِ الغردِ

​إنَّ الفؤادَ هفَا للبائنِ الغردِ​ المؤلف الطرماح


إنَّ الفؤادَ هفَا للبائنِ الغردِ
لَمَّا تَذَيَّلَ خَلْفَ العُنَّس الخُرُدِ
والعيسُ تنقلُ نقلاً، وهْوَ يتبعُها
يمشي منَ الغيِّ مشيَ النَّابِ بالرَّبدِ
واسْتَجْمَعَ الحَيُّ ظَعْناً، واسْتَبَدَّ بِهِم
نَاوٍ يَرَى الغَيَّ بالإتْباعِ كالرَّشَدِ
مستقبلٌ، ولدتْهُ الجنُّ، أوْ ضربَتْ
فِيهِ الشَّياطِينُ، ذُو ضِغْنٍ وذُو حَسَدِ
واستطربتْ ظعنُهُم، لمَّا احزألَّ بهمْ
آلُ الضُّحَى، ناشطاً منْ داعياتِ ددِ
ما زلتُ أتبعُهُمْ عيناً، مدامعُها
يُحْسَبْنَ رُمْــداً، ومَا بِالعَيْنِ مِنْ رَمَدِ
حَتَّى اسْمَدَرَّ بَصِيرُ العَيْنِ، وابْتَدَرَتْ
أَخْصَامُها عَبْرَةً مِنْ لاعِجِ الكَمَدِ
يا طَيِّىءَ السَّهْلِ والأَجْبَالِ مُوعِدُكُمْ
كالمبتغي الصَّيدَ في عرِّيسةِ الأسدِ
واللَّيثُ منْ يلتمسْ صيداً بعقوتِهِ
يُعْرَجْ بِحَوْبائِهِ مِنْ أَحْرَزِ الجَسَدِ
ضَجَّتْ تَمِيمٌ، وأخْزَتْها مَثَالِبُها
يُنْقَلْنَ مِنْ بَلَدٍ نَاءٍ إلَى بَلَدِ
والقَيْنُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ عِنْدَ كَبْرَتِهِ
إلاَّ كمَا أبقتِ الأيَّامُ منْ لبدِ
أبقينَ منهُ............ وسطَ محبرةٍ
يكبو، وترفعُهُ الولدانُ بالعمدِ
لا عزَّ نصرُ امرىءٍ أضحى لهُ فرسٌ
عَلى تَميمٍ يُريدُ النَّصْرِ مِنْ أحَدِ
إذا دعَا بشعارِ الأزدِ نفَّرهُمْ
كَمَا يُنَفِّرُ صَوْتُ اللَّيْثِ بالنَّقَدِ
لَوْ حَانَ وِرْدُ تَميمٍ ثُمَّ قِيلَ لَهَا
حوضُ الرَّسولِ عليهِ الأزدُ، لمْ تردِ
أوْ أنزلَ الله وحياً أنْ يعذِّبَها،
إنْ لمْ تعدْ لقتالِ الأزدِ، لمْ تعدِ
وذاكَ أنَّ تميماً غادرتْ سلمَاً
لِلأزْدِ كُلَّ كَعَابٍ وَعْثَةِ اللِّبَدِ
مِثْلِ المَهاةِ إذا ابْتُزَّتْ مَجاسِدُهَا
بغيرِ مهرٍ أصابوهَا ولاَ صعدِ
خلَّتْ محارمِها للأزدِ ضاحيةً،
ولمْ تعرِّجْ على مالٍ ولا ولدِ
لاَ تأمننَّ تميميّاً على جســدٍ
قــدْ ماتَ ما لمْ ترازيلْ أعظمُ الجسدِ
لا يحسبُ القينُ أنَّ العابَ يغــسلُهُ
عَنْ قَوْمِهِ مَعْجُهُ بالزُّورِ والفَنَدِ
والقَيْنُ إِنْ يَلْقَ منْ أيَّامِهِ عَنَتاً
يسقطْ بهِ الأمرُ في مستحكمِ العقدِ
كبَعْضِ مَا كَانَ، مِن أيَّامِ أوَّلِنا
لاَقى بَنُو السِّيدِ مِنَّا لَيْلَةَ السَّنَدِ
ودَارِمٌ قَدْ قَذَفْنا مِنْهُمُ مَائَةً
في جَاحِمِ النَّارِ إِذْ يَنْزُونَ في الخُدَدِ
يَنْزونَ بِالمُشْتوَى مِنْها، ويُوقِدُها
عَمْروٌ، ولَوْلا شُحُومُ القَوْمِ لَمْ تَقِدِ
فاسألْ زرارةَ والمأمومَ مَا فعلَتْ
قتلَى أوارةَ منْ زغوانَ والكدَدِ
إذْ يرسمانِ خلالَ الجيشِ محكمةً
أَرْباقُ أَسْرِهِما في مُحْكَمِ القِدَدِ
أبَيْتُ ضَبَّةَ تَهْجُوني لأهْجُوهَا؟
أفٍ لضبَّةَ منْ مولىً ومنْ عضُدِ!
يا ضَبَّ، إِنْ تَكْفُري أيَّامَ نِعْمَتِنا
فقدْ كفرْتِ أيادي أنعُمٍِ تلدِ
يومَا أوارةَ منْ أيَّامِ نعمتِنا،
ويومُ سلُمى يدٌ، يا ضبَّ، بعدَ يدِ
وكلُّ لؤمٍ يبيدُ الدَّهرُ أثلتَهُ،
ولؤمُ ضبًّةَ لمْ ينقصْ ولمْ يبدِ
لوْ كانَ يخفَى علَى الرَّحمنِ خافيةٌ
مِنْ خَلْقِهِ خَفِيَتْ عَنْهُ بَنُو أسَدِ
لا يَنْفَعُ الأسَدِيَّ الدَّهْرَ مَطْمَعُهُ
في نفسهِ، ولهُ فضلٌ علَى أحدِ
قومٌ أقامَ بدارِ الذُّلِّ أوَّلهُمْ
كما أقامتْ عليهِ جذمةُ الوتدِ
أَبْدَتْ فَضَائِحَهَا للأزْدِ، واعْتَذَرَتْ
بعــدَ الفــضيحةِ بالبهتانِ والفندِ
لكلِّ حيّ علَى الجعراءِ، قدْ علموا،
فَضْلٌ، ولَيْسَ لَكُمْ فَضْلٌ عَلَى أَحَدِ
واسْأَلْ قُفَيْرَةَ بالمَرُّوتِ: هَلْ شَهِدَتْ
شوطَ الحطيئــةِ بينَ الكسْرِ والنَّضدِ؟
أَوْ كَانَ في غَالِبٍ شِعْرٌ فيُشْبِهَهُ
شِعْرُ ابْنِهِ، فيَنَالَ الشِّعْرَ مَنْ صَدَدِ؟
جاءَتْ بهِ نطفةً منْ شرِّ ماءٍ صرىً،
سيقتْ إلى شرِّ وادٍ شقَّ في بلدِ
فيمَ تقولُ تميمٌ؟ يا ابنَ قينهمُ،
وقَدْ صَدَقْتُ، ومَا إِنْ قُلْتُ عَنْ فَنَدِ
ومنْ يرُمْ طيِّئاً يوماً، إذا زخرتْ
أرْفَادُها، يَتَوَعَّرْ وهْوَ في الــجَدَدَ
قَحْطَانُ جِيبَتْ لِكَهْلاَنِ المُلُوكِ، كَما
جيبَ القبائلُ منْ كهلانَ عنْ أُدَدِ
قومٌ لهمْ بعدَ شرقِ الأرضِ مغربُها
إِذا تَبَاسَقَ أَهْلُ الأرْضِ في كَبَدِ
ومنْ يلبِّ يوافوهُ ببطنِ منىً،
فَيْضَ الحَصَى، مِنْ فِجاجِ الأيْمَنِ البُعُدِ
فَفي تَمِيمٍ تُسامِيهِمْ؟ ومَا خُلِقُوا
حتّى مضتْ قسمةُ الأحسابِ والعددِ
لولا قريشٌ وحقٌّ في الكتابِ لها
وأنَّ طاعتهُمْ تهدي إلى الرَّشدِ
دنَّا تميماً، كما كانتْ أوائلُنا
دانَتْ اَوائِلَهُمْ في سَالِفَ الأبَدِ