إن لم أقل فيك ما يردي العفى كمدا

إِنْ لَمْ أَقُلْ فِيْكَ مَا يُرْدِي العفى كَمَدَا

​إِنْ لَمْ أَقُلْ فِيْكَ مَا يُرْدِي العفى كَمَدَا​ المؤلف ابن حيوس



إِنْ لَمْ أَقُلْ فِيْكَ مَا يُرْدِي العفى كَمَدَا
 
فَلاَ بَلَغْتَ مَدى ً أَسْعى لَهُ أَبَدا
وَكَيْفَ أُصْبِحُ فِي الإِحْسَانِ مُقْتَصِداً
 
وَما وجدتكَ فيهِ قطُّ مقتصدا
لأُورِدَنَّكَ بِالنُّعْمَى الَّتي غَمَرَتْ
 
مِنَ المَحَامِدِ بَحْراً قَطُّ ما وُرِدا
عذبَ المشاربِ ممنوعَ المشارعِ لوْ
 
نَحاهُ غَيْرُكَ لَمْ يَظْفَرْ بِبَلِّ صَدا
وَمترعاً منْ معانٍ غيرِ ناضبة ٍ
 
أَنّى وَمَجْدُكَ قَدْ أَضْحَى لَها مَدَدا
أبحتكَ الصفوَ منْ أمواههِ فسقى
 
رياضَ فخركَ لاَ نزراً وَلاَ ثمدا
وَلوْ سواكَ وَكلاَّ كانَ واردهُ
 
لَما عَدَوْتُ بِهِ الإِكْدَارَ وَالزَّبَدا
سَيْفَ الخِلاَفَة ِ مَنْ يَرْجُو السُّمُوَّ وَقَدْ
 
أَحْرَزْتَ مُطَّرَفاً مِنْهُ وَمُتَّلَدا
أَحْرَزْتَهُ بِالنَّدى لَمْ تُبْقِ ذا عَدَمٍ
 
وَبالحروبِ التي ألوتْ بمنْ عندا
لقدْ تركتَ طريقَ المجدِ شاطنة ً
 
فلوْ سرى النجمُ فيها استبعدا الأمدا
فقلْ لمنْ رامَ جرياً في مداكَ شأى
 
مُسْتَبْعِدَ القُرِبِ مَنْ يَسْتَقْرِبُ البُعُدا
دعِ المعالي لمنْ أضحى لها شرفاً
 
فَما وَجَدْتَ بِها مِعْشَارَ ما وَجَدا
وَلَيْسَ يَبْلُغُها فَکرْبَعْ عَلَى ظَلَعٍ
 
منْ لاَ يرى صابها منْ حبها شهدا
بلِ المكارمِ لم تَكثُر مَغارمُها
 
إلاّ لِتُلْحِقَ بالدّانين من بَعُدا
كمْ في الدنا قفرة ٍ عذراءَ ما سلكتْ
 
صارتْ طرائقَ منْ قصادها قددا
تركتَ منْ ذكرها الآفاقَ طيبة ً
 
وَلَنْ يَطِيبُ نَثا مَنْ لاَ يَعُمُّ جَدا
وَمُذْ حَلَلتَ بِهذَا الشَّامِ تَكْلَؤُهُ
 
فقدْ عدا الدهرُ فيهِ أنْ يقالَ عدا
مَلأْتَ آفَاقَهُ مِنْ ذِي الظُّبى شُهُباً
 
جعلتها لشياطينِ الورى رصدا
وَفِي الرُّدَيْنِيَّة ِ الَّلآئِي حَشَوْتَ بِها
 
وَمعطياً مالوِ استبقيتهُ نفدا
فَما نَقَلْتَ إِلى غَيْرِ العُلى قَدَماً
 
وَلاَ شَدَدْتَ على غَيْرِ الثَّنَاءِ يَدا
كَفى الإِمامَة َ عِزّاً أَنَّ عُدَّتَها
 
لاَ تَسْتَطِيعُ اللَّيالِي حَلَّ ما عَقَدا
ما زلتَ في نصحها مذْ كنتَ مشتبهاً
 
قَوْلاً وَفِعْلاً وَإِظْهاراً وَمُعْتَقَدا
عنْ رأفة ٍ منكَ بالإسلامِ قد شهرتْ
 
لَمْ يُعْطِها وَالِدٌ مِنْ نَفِسِهِ وَلَدا
ذُدْتَ المَطَامِعَ عَنْهُ بَعْدَما شُرِعَتْ
 
فيهِ وَجاهدتَ منْ عاداهُ مجتهدا
وَكانَ يَحْمَدُ أَنْصاراً لهُ ذَهَبُوا
 
فَمُذْ رَآكَ نَصِيراً ذَمَّ مَنْ حَمِدا
كَمْ فَتَّتِ الدَّوْلَة ُ الزَّهْرَاءُ فِي عَضُدٍ
 
لما دعتكَ لها دونَ الورى عضدا
أَنْتَ الحُسَامُ الَّذِي لاَ يُنْتَضى أَبَداً
 
إِلاَّ لِذُلِّ ضَلاَلٍ أَوْ لِعِزِّ هُدا
لما انتضاكَ لمنعِ الحقَّ صاحبهُ
 
أهلكتَ بالجدَّ منْ لمْ يركبِ الجددا
وَعودة ُ الجور قصداً غيرُ ممكنة ٍ
 
حتى يعودَ القنا عنْ أهلهِ قصدا
أقعدتَ منْ قامَ منْ أعداءِ دولته
 
وَلوْ بغيركَ ريعوا قامَ منْ قعدا
أهبطتَ أقدارهمْ قسراً وآنفهمْ
 
فَما تَرَكْتَ سِوى أَنْفاسِهِمْ صُعُدا
كانتْ عواديهمُ تخلي صدورهمُ
 
منَ الحقودِ فصارتِ للضباب كدا
وَأنتَ منْ لمْ تزلْ تتوي إخافتهُ
 
عداهُ حتى أمتتْ حقدَ منْ حقدا
حاكَمْتَهُمْ وَهُمُ لُدُّ فَأَحْصَرَهُمْ
 
عنْ نصرة ِ الغيَّ طعنٌ ينصرُ الرشدا
وَفي الردينية ِ الآئي حشوتَ بها
 
تِلْكَ الصُّدُورَ لَدُودٌ يُذْهِبُ اللَّدَدا
لَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ رِماحٌ قَلَّ مانِعُها
 
إذا رأتْ ثغرَ الأبطالِِ أنْ تردا
وَلاَ حمتهمْ دروعٌ طالما عصمتْ
 
وَالقَعْضَبِيَّة ُ فِيها تَكْثُرُ الزَّرَدا
قَتَلْتَهُمْ بِصُنُوفِ الخَوْفِ تَبْعَثُهُ
 
كمْ منْ قتيلٍ وَلما يدنُ منهُ ردا
وَعدتَ تطلبُ منهمْ قودَ أنفسهمْ
 
وَمَا سَمِعْنَا بِقَتْلى أُلْزِمُوا قَوَدا
فيمموكَ رجاءَ أنْ سيغمرهمْ
 
عَفْوٌ يُحِيلُ الرَّدى فِي رَاحَتَيْكَ نَدا
 
مَنْ لَمْ يَعِشْ فِي ذَرَاهَا لَمْ يَعِشْ رَغَدا
فضلٌ تميزتَ عنْ كلَّ الأنامِ بهِ
 
فَاشْكُرْ لِمُعْطِيكَ مَا لَمْ يُعْطِهِ أَحَدا
أيدتَ بالجدَّ وَالجدَّ الملوكَ فعشْ
 
عمرَ الزمانِ بملكِ الأرضِ منفردا
أَمَتَّ مِنْ حَسَدٍ مَنْ لَمْ يَمُتْ رَهَباً
 
منهمْ وَمنْ رهبٍ منْ لمْ يمتْ حسدا
إِلاَمَ يُمْطَلُ حَسَّانٌ بِبُغْيَتِهِ
 
لاَ يَنْفَدَنْ مَا بَقِي مِنْ عُمْرِهِ فَنَدا
قَدْ كَانَ فِي سَالِفِ الأَيَّامِ ذَا جَلَدٍ
 
على الخطوبِ فلمْ تتركْ لهُ جلدا
جرعتهُ ما يذيبُ الصخرَ أيسرهُ
 
وَما خطاهُ الردى لوْ لمْ يكنْ لبدا
 
إِنْ فَازَ مِنْكَ بِأَدْنى نَظْرَة ٍ سَعِدا
فليسَ يعصيكَ في قولٍ وَلا عملٍ
 
مَنْ مُذْ حَظَرْتَ عَلَيْهِ النَّوْمَ مَا رَقَدا
ذَلَّتْ لَكَ الأُسْدُ في غَابَاتِهَا وَعَنَتْ
 
خوفاً فلوْ شئتَ لاسترعيتها النقدا
وَالأعينُ الشوسُ قدْ غضتْ فلاَ شوسٌ
 
وَ الصيدُ قدْ تركوا في عصركَ الصيدا
عَزَائِمٌ تَسْبِقُ الأَقْدَارَ مَا خُلِقَتْ
 
إِلاَّ لِكَفِّ عِدَاءٍ أَوْ لِقَتْلِ عِدا
فَكَمْ جَلَوْتَ بِهَا مِنْ فِتْنَة ٍ غَسَقَتْ
 
عنا وَأجليتَ عنْ عريسهِ أسدا
حتى كأنَّ جناباً قبلَ مصرعهِ
 
وصاكَ إذْ باينَ الدنيا بمنْ ولدا
فَلَوْ أَصَابَتْ قَدِيماً جَاهِلِيَّتُهُمْ
 
ملكاً يدانيكَ جوداً عفَّ منْ وأدا
فليلتمسْ رافعٌ ما عزَّ مطلبهُ
 
فَلَنْ يُدَافَعَ مَنْ تُضْحِي لَهُ سَنَدا
وَلْيَفْرَعِ النَّجْمَ بِالقُرْبى الَّتي جَمَعَتْ
 
شملَ الفخارَ لهُ وَالسؤددَ البددا
تَقَطَّعَتْ أَنْفُسُ الأَعْدَاءِ مِنْ صِلَة ٍ
 
يظلُّ يحسدُ عدنانٌ بها أددا
إلاَّ اعترافاً فما المغبونُ منْ جحداتْ
 
آلاؤهُ إنما المغبونُ منْ جحدا
ضَاقَ الزَّمَانُ بِمَا خَوَّلْتَ مِنْ نِعَمٍ
 
خِيلَتْ طَوَارِفُهَا مِمَّا ضَفَتْ تُلُدا
قَضَتْ بِأَنَّ أَجِدَ الإِيْسَارَ فِي وَطَنِي
 
فَمَا رَحَلْتُ إِلَيْهِ عِرْمِساً أُجُدا
وَكَيْفَ يُدْرِكُ بِالتَّقْصِيرِ غَايَتَها
 
منْ لاَ ينالُ قصاراها إذا جهدا
فَکسْحَبْ ذُيُولَ بُرُودٍ لاَ فَنَاءَ لَهَا
 
منسوجة ٍ منْ مديحٍ تسبقُ البردا
مروضٍ جادَ هذا الغيثُ تربتهُ
 
فَراحَ فِي خِلَعِ مِنْ نَوْرِهِ وَغَدا
كساهُ ذكركَ لألآءَ فغادره
 
أَشَفَّ مَا يُقْتَضَاهُ مِنْ شَدَا وَحَدا
لاَ زِلْتَ زِينَة َ دُنْيَانَا وَلاَ بَرِحْتَ
 
أَيَّامَ مُلْكِكَ أَعْيَاداً لَنَا جُدُدا
وَلاَ خَلَتْ مِنْكَ أَوْطَانٌ بِكَ أعْتَصَمَتْ
 
لولاكَ ما استوطنتْ روحٌ بها جسدا
يستكثرُ اليومَ ما تأتيهِ منْ حسنٍ
 
وَيستقلُّ بما تفضي إليهِ غدا
وَلاَ بَلْغتَ مَدى ً تَعْلُو المُلُوكَ بِهِ
 
إلاَّ أجدَّ لكَ الجدُّ السعيدُ مدا