ابكيك لو نقع الغليل بكائي

ابكيك لو نقع الغليل بكائي

​ابكيك لو نقع الغليل بكائي​ المؤلف الشريف الرضي


ابكيك لو نقع الغليل بكائي
وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بِدائي
وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً
لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي
طوراً تكاثرني الدموع وتارة
آوي الى اكرومتي وحيائي
كم عبرة موهتها باناملي
وسترتها متجملاً بردائي
ابدي التجلد للعدو ولو درى
بتَمَلْمُلي لَقَدِ اشتَفَى أعدائي
ما كنت اذخر في فداك رغيبة
لو كان يرجع ميت بفداءِ
لو كان يدفع ذا الحمام بقوة
لتكدست عصب وراءَ لوائي
بِمُدَرَّبِينَ عَلى القِرَاعِ تَفَيَّأُوا
ظِلَّ الرّمَاحِ لكُلّ يَوْمِ لِقَاءِ
قَوْمٌ إذا مَرِهُوا بِأغبابِ السُّرَى
كَحَلُوا العُيُونَ بإثمِدِ الظّلْمَاءِ
يَمشُونَ في حَلَقِ الدّرُوعِ كأنّهُمْ
صم الجلامد في غدير الماءِ
ببروق ادراع ورعد صوارم
وغمام قسطلة ووبل دماءِ
فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي
ونسيت فيك تعززي وابائي
وَصَنَعْتُ مَا ثَلَمَ الوَقَارَ صَنيعُهُ
مما عراني من جوى البرحاءِ
كم زفرة ضعفت فصارت انة
تَمّمْتُهَا بِتَنَفّسِ الصُّعَداءِ
لَهفَانَ أنْزُو في حَبَائِلِ كُرْبَةٍ
مَلَكَتْ عَليّ جَلادَتي وَغَنَائي
وجرى الزمان على عوائد كيده
في قلب آمالي وعكس رجائي
قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا
مِمّا ألَمّ، فكُنتِ أنْتِ فِدائي
وَتَفَرُّقُ البُعَداءِ بَعْدَ مَوَدَّةٍ
صعب فكيف تفرق القرباءِ
وَخَلائِقُ الدّنْيَا خَلائِقُ مُومِسٍ
للمنع آونة وللاعطاءِ
طوراً تبادلك الصفاء وتارة
تَلْقَاكَ تُنكِرُهَا مِنَ البَغضَاءِ
وَتَداوُلُ الأيّامِ يُبْلِينَا كَمَا
يُبلي الرّشَاءَ تَطاوُحُ الأرْجَاءِ
وَكَأنّ طُولَ العُمْرِ روحَةُ رَاكِبٍ
قضى اللغوب وجد في الاسراءِ
أنْضَيتِ عَيشَكِ عِفّةً وَزَهَادَةً
وَطُرِحْتِ مُثْقَلَةً مِنَ الأعْبَاءِ
بصِيَامِ يَوْمِ القَيظِ تَلْهَبُ شَمْسُهُ
وقيام طول الليلة الليلاءِ
ما كان يوما بالغبين من اشترى
رغد الجنان بعيشة خشناءِ
لَوْ كَانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَرّةٍ
غني البنون بها عن الآباءِ
كيف السلو وكل موقع لحظة
اثر لفضلك خالد بازائي
فَعَلاتُ مَعرُوفٍ تُقِرّ نَوَاظِرِي
فَتَكُونُ أجْلَبَ جالِبٍ لبُكائي
مَا مَاتَ مَنْ نَزَعَ البَقَاءَ، وَذِكْرُهُ
بالصّالحاتِ يُعَدّ في الأحْيَاءِ
فبأي كف استجن واتقي
صَرْفَ النّوَائِبِ أمْ بِأيّ دُعَاءِ
ومن الممول لي اذا ضاقت يدي
ومن المعلل لي من الادواءِ
ومن الذي ان ساورتني نكبة
كَانَ المُوَقّي لي مِنَ الأسْوَاءِ
أمْ مَنْ يَلِطّ عَليّ سِتْرَ دُعَائِهِ
حَرَماً مِنَ البَأسَاءِ وَالضّرّاءِ
رُزءانِ يَزْدادانِ طُولَ تَجَدّدٍ
أبَدَ الزّمَانِ: فَناؤها وَبَقائي
شهد الخلائق انها لنجيبة
بدَليلِ مَنْ وَلَدَتْ مِنَ النُّجَبَاءِ
في كل مظلم ازمة أو ضيقة
يَبْدُو لهَا أثَرُ اليَدِ البَيْضَاءِ
ذَخَرَتْ لَنا الذّكرَ الجَميلَ إذا انقضَى
ما يذخر الآباء للابناءِ
قَدْ كُنْتُ آمُلُ أنْ يَكُونَ أمامَها
يومي وتشفق ان تكون ورائي
آوي الى برد الظلال كأنني
لِتَحَرّقي آوِي إلى الرّمضَاءِ
واهب من طيب المنام تفزعاً
فزع اللديغ نبا عن الاغفاءٍِ
آبَاؤكِ الغُرّ الّذِينَ تَفَجّرَتْ
بِهِمُ يَنَابيعٌ مِنَ النّعْمَاءِ
مِنْ نَاصِرٍ للحَقّ أوْ داعٍ إلى
سبل الهدى أو كاشف الغماءِ
نزلوا بعرعرة السنام من العلى
وَعَلَوا عَلى الأثْبَاجِ وَالأمْطَاءِ
من كل مستبق اليدين الى الندى
وَمُسَدِّدِ الأقْوَالِ وَالآرَاءِ
يُرْجَى عَلى النّظَرِ الحَدِيدِ تَكَرّماً
ويخاف في الاطراق والاغضاءِ
دَرَجُوا عَلى أثَرِ القُرُونِ وَخَلّفُوا
طُرُقاً مُعَبَّدَةً مِنَ العَلْيَاءِ
يا قبر امنحه الهوى واود لو
نزفت عليه دموع كل سماءِ
لا زَالَ مُرْتَجِزُ الرّعُودِ مُجَلْجِلٌ
هَزِجُ البَوَارِقِ مُجلِبُ الضّوْضَاءِ
يرغو رغاء العود جعجعه السرى
وَيَنُوءُ نَوْءَ المُقرِبِ العُشَرَاءِ
يقتاد مثقلة الغمام كانما
ينهضن بالعقدات والانقاءِ
يهفو بها جنح الدجى ويسوقها
سوقَ البِطَاءِ بِعاصِفٍ هَوْجَاءِ
يرميك بارقها بافلاذ الحيا
وَيَفُضّ فِيكَ لَطائِمَ الأنْداءِ
متحلياً عذراء كل سحابة
تَغْذُو الجَمِيمَ برَوْضَةٍ عَذْرَاءِ
للومت ان لم اسقها بمدامعي
وَوَكلْتُ سُقْيَاهَا إلى الأنْوَاءِ
لهفي على القوم الالى غادرتهم
وعليهم طبق من البيداءِ
مُتَوَسّدِينَ عَلى الخُدُودِ كَأنّمَا
كرعوا على ظمأ من الصهباءِ
صور ضننت على العيون بلحظها
أمْسَيْتُ أُوقِرُها مِنَ البَوْغَاءِ
وَنَوَاظِرٌ كَحَلَ التُّرَابُ جُفُونَها
قد كنت احرسها من الاقذاءِ
قربت ضرائحهم على زوارها
ونأوا عن الطلاب اي تنائي
وابئس ما تلقى بعقر ديارهم
أُذْنُ المُصِيخِ بِهَا وَعَينُ الرّائي
معروفك السامي انيسك كلما
وَرَدَ الظّلامُ بوَحشَةِ الغَبْرَاءِ
وضياءُ ما قدمته من صالح
لك في الدجى بدل من الاضواءِ
إنّ الذي أرْضَاهُ فِعلُكِ لا يَزَلْ
تُرْضِيكِ رَحْمَتُهُ صَبَاحَ مَسَاءِ
صَلّى عَلَيكِ، وَما فَقَدْتِ صَلاتَهُ
قَبلَ الرّدَى، وَجَزاكِ أيّ جَزَاءِ
لَوْ كَانَ يُبلِغُكِ الصّفيحُ رَسَائِلي
او كان يسمعك التراب ندائي
لَسَمِعتِ طُولَ تَأوّهي وَتَفَجّعي
وعلمت حسن رعايتي ووفائي
كَانَ ارْتِكاضِي في حَشاكِ مُسَبِّباً
رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أحشائي