اتفاق المباني وافتراق المعاني للدقيقي/الباب الأول
الفصل الأول
عدلالعشرات
عدلقال المؤلف قال أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي النحوي وقد اتصل بي ما ذكره الشيخ الرئيس محمد بن أبي العرب الكاتب من كتاب العشرات لأبي عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بالزاهد فرغبت فيما رغب فيه وملت إلى النظر فيما مال إليه رغبة أن أؤلف كتابا في معناه أؤدي به بعض ما يلزمني من حقه راجيا أن يقع في التأليف بموافقته.
فرأيت أبا عمر الزاهد قد أخذ في باب من العلم متسع وسلك طريقا من التأليف غير ممتنع يجد المؤلف فيه من المئات مما وجد أبو عمر من العشرات ولست أقصر به في وجود ما ذكرناه من المئات في أبواب ما صنفه من العشرات غير إنا لا ندري ما السبب المانع من تكثيره أو ما العائق القاصر على يسيره فأردنا أن نأتي في أبوابه على حد ما رسم في كتابه من المئات بأضعاف ما جاء به من العشرات ثم إذا علمنا مع ذلك أنا لو تكلفناه وجئنا به على ما ذكرناه لما كان غريبا في التأليف ولا مستطرفا من التصنيف إذ كان الكلام كله لا يخرج عن ثلاثة أقسام هي: معان مفترقات يعبر عنها بألفاظ مختلفات كقول أبي عمر المثع مشية قبيحة والمنع السرطان والمتع الطول وأشباه ذلك وليس جمع المثال لها بمخرجها عما ذكرناه فيها ومعان متفقات يعبر عنها بألفاظ متباينات كقولهم ذهب وانطلق وسار وأشباه ذلك ومعان مفترقات يعبر عنها بألفاظ متفقات وهذا الباب قليل وتأليف مثله غريب فألفنا ما وجدنا فيه من العشرات إلى ما يزيد عليها وسميناه بما رسمناه منها وخشينا أن يتوهم علينا تقصير فيما ضمناه من المئات مما أتى به أبو عمر من العشرات فقدمنا أمام ما قصدناه بابا ندل به على القدرة على ما ضمناه وجعلناه مبوبا على باب من كتاب أبي عمر موجود ليعلم قدر الزيادة عليه ويوجد ما ضمناه فيه فمن ذلك قول أبي عمر المثع مشية قبيحة والردع المقبرة والمنع السرطان والسفع الأخذ والكبع النقد والقلع الكتف والمتع الطول والسلع الشق القنع أن يطأطئ الرجل رأسه والرقع الطريق في الجبل فهذه عشرة أبي عمر.
قال وقلنا موصولا بذلك والبخع قتل النفس أسفا والبدع اختراع الشيء والبكع استقبال الرجل ما يكره والبلع الكثير الصمت والبصع ضيق مخرج الماء والبضع قطع اللحم والتلع ارتفاع النهار والتسع أخذ تسع الشيء والجدع قطع الأنف والجدع الحبس والجدع الدلك، والجرع حسو الدواء والجزع قطع الوادي والجزع صنف من الخرز والجلع قلة الحياء والجمع خلاف التفريق والجمع صنف من النخل والدلع إخراج اللسان والدمع سمة في مجرى العين والدفع الحاجة والدسع القيء والذرع الطاقة الربع منزل القوم والربع الرفع والربع قوم الرجل والرتع مرج الماشية في المرعى والرجع الغدير والرجع نبات الربيع والرجع المطر والرجع رد الجواب والروع التضميخ بالزعفران والروع الكف عن الشر والروع الدم والردع مقاديم الإنسان والرطع الجماع والرطع تطأطؤ الرأس والرصع الطعن بالرمح والرصع فراخ النحل والرفع خلاف الوضع والرفع الهجاء والرفع إصلاح خرق الثوب والرسع شد الخرز في يد الصبي والروع الفزع والريع الزيادة والريع الرجوع، والريع فضل كم الذراع على أطراف الأنامل والزرع معروف والزرع النسل والزلع استلاب الشيء ختلا والزلع القطع والطبع ما جبل عليه الإنسان والطبع الختم والطبع ملء السقاء والطلع جمار النخل والظلع خوض الماء والكسع ضرب الدبر بالرجل والكسع ترك بقية اللبن في الخلف والكشع افتراق الملحمة عن قتيل واللذع حر النار واللطع ضرب من الشرب واللمع بريق الشيء واللفع الإشتمال واللقع الحذف بالحصاة واللقع الإصابة بالعين واللسع ذكر العقرب والمجع أكل التمر باللبن والمذع الخبر ببعض الحديث والمزع سرعة الفرس والمزع نفش، الصوف والمطع الذهاب في الأرض والمظع ترك العود في لحائه ليشرب ماءه والملع السرعة والمنع الحؤل دون الشيء والمصع تحريك الذنب والمصع اضطراب القلب من الفرق والمضع تناول العرض والمشع الكسب والمشع نفش القطن والمشع ضرب من الأكل والنبع شجر معروف والنتع خروج النار من الزناد والنخع قطع نخاع الشاة والنزع مد وتر القوس والنزع النزاع والنصع بياض الثوب والنقع خلاف الضر والنفع الغبار والنقع اختلاط الأصوات والنقع جمع الريق تحت اللسان والنقع كثرة الموت والنقع الري من الماء والنشع الوجود والنشع انتزاع الشيء بعنف والنشع السعط والصبع إراقة الماء بين الأصابع والصبع الإشارة بالأصابع والصبع الدلالة على الرجل والصدع الشق والصرع الإلقاء في الأرض والصفع في القفا والصقع في الرأس والصقع صياح الديك والضبع مد الضبع في السير والضبع رأس المنكب والضبع لغة في الضبع والضجع إلقاء الجنب للنوم والضجع نبت يغسل به والضرع من الشاة معروف والضلع الميل والجور والضفع نجو الفيل والضفع قضاء الحاجة والفجع وجع المصيبة والفرع أعلى كل شيء والفرع الغصن والقلع شق الرأس والفصع دلك الشيء بالأصبع والفصع هشم العود والفقع الكمأة والقبع إدخال الرأس في الثوب والقدع الكف والقذع الشتم باللسان والقدع الضرب باليد والقرع الضرب بالعصا والقرع الدبا المأكول والقطع معروف، والقطع الخنق والقلع إزالة الشي من موضعه والقمع القهر والقمع الإنصات للحديث والقصع ضرب الرأس والقصع ابتلاع الماء القفع ضرب من النبت.
والقشع النطع والقشع الفرو والسبع لغة في السبع والسبع السعاية عند السلطان والسبع من العدد والسدع موالاة الكلام على روي واحد والسجع ترجيع صوت الحمام والسجع صدم الشي بالشيء والسلع من قولهم ما أدري أين سكع أين أن حل والسمع مدخل الصوت والسفع لفح النار والسقع الضرب بالشيء الصلب والسقع صياح الديك والشرع شق الإهاب والكرع تناول الماء بالفم والشمع لغة في الشمع والشفع الزوج والشفع الخلق والهتع السرعة والهزع اضطراب السهم والهطع الإسراع مع خوف والهكع السعال والهمع سيلان الدمع من العين والودع ضرب من الصدف والوزع الكف عن الشيء والولع الكذب والولع العدو السهل والوضع ترك الشيء على الأرض والوقع سقوط الشيء والوقع الأثر والوسع الطاقة لغة في الوسع.
قال أبو عبد الله قد اتينا في هذا الباب على مائة وسبعين لفظة ولو جهدنا في جمعه لبلغناه مائتين وهذا الذي ذكرناه وإن لم يبلغ نفاسة التأليف فهو أنفع للقارئ والحافظ وأكثر نفعه للشاعر المقصد لوجوده ما يركب من الروي وقلة تعبه في طلب الحرف اللغوي ولكنا رأينا أن ما قصدناه أغرب في التأليف وأحسن في الحفظ مما قدمناه.
الفصل الثاني
عدلقال المؤلف وقد يفرقون بين الكلامين المتكافئين والمعنيين المختلفين بالإعراب وبحركة البناء وبتغيير حرف الكلمة كما أخبرني به الشيخ الإمام جمال العلماء وتاج الأدباء أبو محمد عبد الله بن بري النحوي رحمه الله بقراءتي عليه في التاسع عشر من شعبان سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة قال أخبرني الشريف القاضي أبو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن العثماني الديباجي عن أبي الحسن علي بن المشرف وأخبرني أيضا الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد بقراءتي عليه يوم الخميس الرابع عشر من شهر ربيع الآخر من سنة خمس وثمانين وخمسمائة قال أنبأني الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي قالا أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الباقي بن فارس بن أحمد المفروء عن أبي حفص عمر بن محمد بن عراك المقرئ عن أبي بكر أحمد بن مروان المالكي عن الشيخ أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري رضي الله عنهم قال وللعرب الاعراب الذي جعله الله وشيا لكلامها وحلية لنظامها وفارقا في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين والمعنيين المختلفين كالفاعل والمفعول به ولا يفرق بينهما إذا تساوت حالتهما في إمكان الفعل أن يكون لكل واحد منهما إلا بالإعراب ولو أن قائلا قال: هذا قاتل أخي بالتنوين دل على أنه لم يقتله ودل حذف التنوين على أنه قد قتله ولو أن قارئا قرأ فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ونزل طريق الإبتداء بإنا وأعمل القول فيها بالنصب على مذهب من ينصب إن بالقول كما ينصبها بالظن لقلب المعنى عن جهته وأزاله عن طريقه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم محزونا لقولهم إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون وهذا كفر ممن تعمده وضرب من اللحن لا تجوز الصلاة به ولا يجوز للمأمومين أن يتجوزوا فيه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم ولا يقتص منه فمن رواه مجزوما على جهة النهي أوجب ظاهر الكلام للقرشي ألا يقتل وإن ارتد ولا يقتص منه إن قتل ومن رواه رفعا انصرف التأويل إلى الخبر عن قريش أنه لا يرتد منها أحد عن الإسلام فيستحق القتل.
أفما ترى الاعراب كيف فرق بين هذين المعنيين وقد يفرقون بحركة البناء في الحرف الواحد بين المعنيين فيقولون رجل لعنة إذا كان يلعنه الناس فإذا كان هو يلعن الناس قيل رجل لعنة فحركوا العين بالفتح ورجل سبة إذا سبه الناس فإذا كان هو الذي يسب الناس قالوا رجل سببة وكذلك هزءة وهزأة وسخرة وسخرة وضحكه وضحكة وخدعة وخدعة.
قد يفرقون بين المعنيين المتقاربين بتغير حرف الكلمة حتى لا يكون تقارب ما بين اللفظين كتقارب ما بين المعنيين كقولهم للماء الملح الذي لا يشرب إلا عند الضرورة شروب ولما كان دونه مما يتجوز به شريب وكقولهم لما ارفض على الثوب من البول إذا كان مثل رؤوس الإبر نضح ورش الماء عليه من الغسل عند بعض أهل العلم فإذا زاد على ذلك قيل له نضخ ولم يجزئ منه إلا الغسل وكقولهم للقبض بأطراف الأصابع قبص ولأخذ الكف كلها قبض وللأكل بأطراف الأسنان قضم وبالفم خضم ولما ارتفع من الأرض حزن فإن زاد قليلا قيل حزم وللذي يجد البرد خصر فإذا كان مع ذلك جوع قيل خرص وللنار إذا طفيت هامدة فإذا سكن اللهب وبقي من جمرها شيء قيل خامدة وللقائم من الخيل صائم فإذا كان ذلك من حفى أو وجى قيل صائن وللعطاء إذا كان مبتدأ شكد فإذا كان مكافأة قيل شكم وللخطأ من غير تعمد غلط فإذا كان في الحساب قيل غلت وللضيق في العين خوض فإذا كان ذلك في مؤخرها قيل حوص وقيل الخوص الغؤور والحوص الضيق كانت غائرة أو ظاهرة إذا كانت صغيرة.
وتقول رأيت الناس وتراءيت في المرآة ورميت الصيد وارتميت في الغرض ورجل فيه إذا كان كثير الأكل وأفوه إذا كان كبير الفم ومفوه إذا كان منطيقا وتكول هي المروحة التي يتروح بها والمروحة بالفتح الأرض الكثيرة الريح ويوم ريح إذا كان طيب الريح وراح إذا كان شديد الريح ورجل حاف بغير حذاء وحف تعبت رجلاه من المشي وبدن الرجل إذا سمن وبدن إذا كبر والهون العذاب والهون الرفق والنزل الربع والنزل ما قيم من الطعام وفقه الرجل الكلام إذا حفظه وفقه إذا أبصر الفقه ويقال من أحيا نفسا ومن حايا بهيمة وسفه الرجل إذا جاء منه سفه وسفه إذا كانت تلك سجيته وكبر الرجل إذا أسن وكبر إذا عظم أمره والمغتسل الموضع والمغتسل الرجل وامرأة رزان وشيء رزين وقيل ميل علينا وفي الحائط ميل وفاظت نفسه إذا خرجت وفاض الدمع وقحط الناس أصابهم القحط وقحط المطر وقد تمضمض الرجل بالفم كله وتمضمض بطرف لسانه وعيرت فلانا بما صنع وعايرت الميزان ويقال للولد إذا كانوا لأب وأم أعياف وإذا كان أبوهم واحدا وأمهاتهم شتى فهم علات وإذا كانت الأم واحدة والآباء شتى فهم أخياف وأخلاف ويقال رجل متلثم إذا غطى فاه بالعمامة فإذا رفعها في المحجر فهو منتقب وذلك النقاب فإن رفعها حتى لا يرى من وجهه إلا عيناه فتلك الوصوصة والرجل متوصوص والمحصنات ذوات الأزواج والحاصنات العفيفات والميل على ما تدركه العين والميل ما كان خلقة يرى والذل ضد العز والذل ضد الصعوبة وقد يكتنف الشيء معاني يشتق لكل معنى منها اسم من اسم ذلك الشيء كاشتقاقهم من البطن الخمص مبطنا وللعظيم البطن إذا كان خلقة بطينا فإذا كان ذلك من كثرة الأكل قيل مبطان وللمنهوم بطنا وللعليل البطن مبطونا.
فصل
عدلقال أبو الفوائد محمد بن علي الغزنزي في كتاب غرائب اللغة ثم مع جلالة منزلة الفصحاء وعلو مرتبتهم سألت بعضهم ما الفرق بين المعلي والمعلى والمخير والمخير والمذرع والمذرع والمبرقعة والمبرقعة فأفحم ولم يأت بالجواب كما يجب وظن أن ظاهر هذه المساءلات يقتضي أن يكون أحدهما فاعلا والآخر مفعولا والأمر بخلاف ذلك فلما وجدته مقصرا زدت في السؤال طلبا لإصابته فقلت وما الفرق بين الرمي والرمية والنصي والنصية والبلي والبلية والولي والولية والبغي والبغية فظن أن أحدهما مذكر والآخر مؤنث والأمر بخلاف ذلك فلما زاد في التقصير زدت في السؤال فقلت وما الفرق بين الدني والدنيء والموجد والمؤجد فظن أنهما لغتان يهمز ولا يهمز ولا يهمز والأمر بخلاف ذلك فلما زاد في التقصير زدت في السؤال فقلت وما الفرق بين قول الرجل للرجل أنا صاحب الثناء وأنت صاحب الثناء فظن أن الحالتين واحدة والأمر بخلاف ذلك.
تفسير هذه المسائل المعلى السابع من سهام الميسر والمعلي بالكسر الذي يأتي الحلوبة من قبل يمينها المخير تصغير المختار المذرع بالكسر المطر الذي يرسخ في الأرض قدر ذراع والمذرع بالفتح الذي أمه أشرف من أبيه والمبرقعة بكسر القاف غرة الفرس إذا أخذت جميع وجهه غير أنه ينظر في سواد يقال غرة مبرقعة والمبرقعة بالفتح الشاة البيضاء الرأس الرمي السحابة العظيمة القطر والجمع أرمية والرمية الصيد يرمى يقال بئس الرمية الأرنب النصي نبت ما دام رطبا فإذا ابيض فهو الطريقة وإذا يبس فهو الحلي والنصية الخيار من الناس والإبل وغيرهما يقال انتصيت الشيء أي اخترته وهذه نصيتي أي خيرتي وانتصى الشعر أي طال وهذه فلاة تناصي فلاة أخرى وهذه حرب تناصي حربا أخرى أي تتصل بفلاة أخرى وبحرب أخرى.
والبلي قبيلة من قضاعة والنسبة لها بلوي والبلية الناقة التي كانت تعقل في الجاهلية عند قبر صاحبها فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت يقال أبليت وبليت ومنه قولهم مبليات فلان ينحن عليه والولي المطر بعد الوسمي والولية البرذعة أو هي التي تكون تحت البرذعة وجمعها الولايا ومنه قولهم رأيت البلايا رؤوسها في الولايا يعني الناقة التي تعكس على قبر صاحبها ثم تطرح الولية على رأسها إلى أن تموت.
والبغي الأمة الفاجرة والبغية طليعة العسكر والجمع البغايا الدنيء مهموز الخسيس والدني غير مهموز القريب مأخوذ من الدنو وقولهم أوجد الله فلانا من الفقر فهو موجد بغير همز وأجده الله من الضعف فهو مؤجد بالهمز أي أغناه الله بعد الفقر وقواه بعد الضعف ومنه بناء مؤجد مهموز الثناء عقال البعير وغيره والثناء أيضا جمع الثني من البهائم وكذلك الثنيان فهذا ما اختلف لفظه ومعناه.