اشر فعل البرايا فعل منتحر

اشر فعل البرايا فعل منتحر

​اشر فعل البرايا فعل منتحر​ المؤلف معروف الرصافي


اشر فعل البرايا فعل منتحر
وأفحش القول منهم قول مفتخر
ان التمدح من عجب ومن أشر
والمرء في العجب ممقوت وفي الاشر
يا راجي الأمر لم يطلب له سبباً
كيف الرماية عن قوس بلا وتر
ليس التسبب من عجز ولا خور
وانما العجز تفويض الى القدر
دع الأناسيَّ وانسبني لغيرهمِ
إن شئتَ للشاهِ أو إن شئت للبقر
فإن للبشر الراقي بخلقته
من قد انفت به أني من البشر
ألبس حياتك احوال المحيط وكن
كالماء يلبس ما للظرف من جدر
وان ابيت فلا تجزع وانت بها
عار من الأنس أو كاس من لبضجر
إن رمت عزاً على فقر تكابده
فاستغن عن مال اهل البذخ والبظفر
اذانظرت الى الجزئي تصلحه
فارقبه من مَرقب الكلي في النظر
فان نفعك شخصاً واحد ربما
يكون منه عموم الناس في الضرر
قد يقبح الشئ وضعاً وهو من حسن
كالنعش يدهِش مَرأى وهو من شجر
فالقبح كالحسن في حكم النُّهى عَرَض
وليس يثبت إلا عند معتبر
لا تعجبن الذي عقل يروح به
لينتج الشرُّ خيراً غير منتظَر
فانما لمعات الخير كامنة
بين الشرور كمون النار في الحجر
سبحان من أوجد الأشياء واحدة
وانما كثرة الاشياء بالصور
هَبْ منشأ القوم يبقى مبهماً أبداً
فهل ترى فيه عقلاً غير منبر
الحب والبغض لا تأمنِ خداعهما
فكم هما أخذا قوما على غرَر
فالبغض يبدي كدورا في الصفاء كما
أن المحبة تبدي الصفو في الكدر
واشنع الكذب عندي ما يمازجه
شئ من الصدق تمويهاً على الفكر
فان ابطال هذا في النهى عسر
وليس إبطال محْض الكذب بالعسر
قالوا عشقت معيب الحسن قلت لهم
كفوا الملامَ فما قلبي بمنزجِر
ما العشق إلا العمى عن عيب منْ عشِقتْ
هذي القلوب ولا اعني عمى البصر
قالوا ابْنُ مَنْ أنت يا هذا فقلت لهم
أبي امرؤ جَدُّه الأعلى أبو البشر
قالوا فهل نال مجداً قلت واعجبي
اتسألوني بمجد ليس من ثمري
لا در در قصيد راح ينظمه
من ليس يعرف معنى الدر والدُّرَرِ
يبكي الشعور لشعر ظل ينقده
من لا يفرق بين الشعر والشعر
قالتنواروقد انشدتها سحراً
ممن تعلمت نفْثَ السحر في السحَر
فقلت من سحر عينيك الذي سحرت
به المشاعر من سمع ومن بصر