اكشفوا الترب عن الكنز الدفين
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
اكْشفوا التُرْبَ عن الكَنْز الدفينْ
وارفعوا الستْرَ عن الصبح المبينْ
وابعثوه عَسْجداً مُؤْتِلقاً
زاد في لألائه طولُ السنين
وانتضوا من غمدهِ سيفَ وَغىً
كان إن صال يَقُدُّ الدارعين
وقناةً جَلَّ من ثَقَّفها
للحِفاظِ المُرِّ والعزمِ المكين
لوتِ الدهرَ على باطله
وهي كالحقِّ صَفاةٌ لا تلين
هزمت جيشَ الأباطيلِ فما
غادرتْ غير جَريحٍ أو طعين
كتب اللّه على عامِلها
إنما الْخُلْدُ جزاءُ العاملين
جدث ضمَّ سناء وسنا
ومصاص الطهر في دنيا ودين
طاعة الأملاك فيه امتزجت
في السموات بعز المالكين
فتشوا في الترب عن عزمته
وعن الإقدام والرأي الرصين
واخفضوا أبصاركم في هيبةٍ
إن رأت أبصاركم نور اليقين
واخشعوا بالصمت في محرابه
أفصح الألسن صمت الخاشعين
وانتحوا من قبره ناحيةً
واحذروا أن تزحموا الروح الأمين
وحنانا بضريحٍ طالما
صقلته قبلات الطائفين
وجثت مصر به خاشعة
تذرف الدمع على خير البنين
صَيْحَةٌ قدْسِيَّةٌ إن سكتَتْ
فلها في مِصْرَ رَجْعٌ ورَنينْ
وعَرينٌ حَلَّ فيه ضَيْغَمٌ
رحمةُ اللّه على لَيْثِ العرين
ومضاءٌ عَرَفَتْ مِصْرُ به
أنَّ للحقِّ يميناً لا تمين
لا أرَى قَبْراً ولكني أرَى
صفحةً من صَفحاتِ الخالدين
أو أراه قَصَبَ المجدِ الذي
دونه ينفَقُ جُهْدُ السابقين
أو أراه عَلَماً في فَدْفَدٍ
لمعتْ أضواؤُه للحائرين
أو أراه روضةً إنْ نَفَحتْ
خَجِلَ الوردُ وأغْضَى الياسَمين
أو أراه دَوْحَةً وارفةً
نَشرَتْ أفياءَها للاجئين
أو أراه قلبَ مصرٍ نابضاً
بِمُنًى تمحو من القلبِ الأنينْ
نَقَلوا التابوتَ تَحْتَفُّ به
رَحَماتٌ من شمالٍ ويمين
ذاك بَعْثٌ حَيِيَتْ مصرُ به
من جديدٍ تلك عٌقبى الصابرين
هل علمتم أنَّ مَنْ واريتُمُ
في حَنايا كلِّ مصريٍّ دفين
ما لسعدٍ حُفْرةٌ واحدةٌ
هو مِلْء القلبِ ملءُ الأرَضين
كلُّ بيتٍ فيه سعدٌ ماثلٌ
في إطارٍ من حَنانٍ وحنين
نظرةُ الرئْبالِ في نظرته
وانبلاجُ الحقِّ في ضَوْءِ الجبين
وضعتْ مصرُ به آمالَها
فاستقرَّتْ منه في حِصْنٍ حصين
هو للأَبناءِ عمٌّ وأبٌ
وهو للآباءِ خِلٌّ وخَدينْ
كان سعدٌ عَلَماً منفرداً
هل يُرَى للشمس في الأفقِ تَنين
إنّ أمَّ المجدِ مِقْلاتٌ فكم
سَوَّفَتْ بين جَنينٍ وجَنين
تبخَل الدنيا بآسادِ الشرَى
أيّها الدنيا إلى كم تَبْخَلين
أنتِ قد أنجبت سعداً بطلاً
وقليلٌ مثلَه مَنْ تلدين
وجدتْ مصرُ به واحدَها
ربَّ فَرْدٍ بأُلوفٍ ومئين
ومن الناسِ نضارٌ خالصٌ
ومن الناس غُثاءٌ وغَرين
ومن الناس أسودٌ خُدَّرٌ
ومن الناس ذُبابٌ وطنينْ
قاد للمجد مناجيد الحمى
كلُّهم أرْوَعُ مُنْبَتٌ القَرينْ
تقرأُ الاقدامَ في صفحتِه
مثلَما تقرأُ خطَّ الكاتبين
كلّما مرّتْ به عاصفةٌ
زَعزَعٌ مرَّت على طَوْدٍ رَكين
تقرَعُ الأقدارُ منه عَزْمَةً
أنِفَتْ صخرتُها أنْ تستكين
يا بني الرُبّانِ لا تستيئسوا
إنْ مضى الموتُ برُبانِ السفين
إنّ سعداً أخضع الريح لكم
والبقيَّاتُ على الله المعين
لاحتِ الفرصةُ في إبّانِها
إنّها لا تُرْتَجَى في كلِّ حين
فهلموّا فاقْنِصوا طائرَها
كلّكُمْ بالسبق والنصر قمين
صَدَقَ اللّه تعالَى وعدَه
إنما الفوزُ ثواب المخلصين