الأربعون وقد قطعت مداها
الأربعون وقد قطعت مداها
الأربعون وقد قطعت مداها
ورأيت فيها عزّها وشقاها
هي نصف عمر المرء في الدنيا
إذا هو أحسن استخدامها ورعاها
والمنفلوطي مصطفى أبدى بها
حكماً لأبناء الزّمان رواها
طارت بها في الشرق شهرته وقد
عرك الحياة جفاءها ورضاها
أصلاح كنت البكر مرموقاً لدى
الأبوين والدّنيا يضيء سناها
والأمّ ترضعك المحبّة والتقى
وترى رضاك مجمّلاً لرضاها
وأبوك يعطيك الدّروس نقيّةً
ومن المبادئ في الورى أسماها
فنشأت تحضنك الشّهامة والوفا
تأبى النّميمة عارفاً عقباها
وربيت قرب أبيك مقتدياً به
متتبّعاً خطواته بهداها
وشقيقاتك الكبريان عليهما
كان اعتماد الأمّ في نجواها
رعتاك في صغرٍ وكنت لديهما
كالوردة البيضاء طاب شذاها
وكبرت أنت فكنت كالأب حاضناً
لصغار تلك الدّار في جدواها
ربيتهم وأعنت والدك الذّي
شغلته أحوال البلاد فتاها
تلك السّياسة ما ألمّ بها
سوى من لا يرى أمنيّةً إلاّها
تليه عن أهليه منصرفاً إلى
الأوهام في حزبيّةٍ صافاها
يحيا وفي أفق السّما آماله
ويموت والآمال طيّ سماها
أصلاح غضّ الطّرف عمّا قد
مضى وأطو اللّيالي فالصباح وراها
ولقد علوت الأربعين وبعدها
لك مثلها فاصبر على بلواها
طوراً يطيب لك الزّمان وتارةً
تنتابك الأيام في مجراها
وإذا دعا داعي المنون أباك
لا تجزع فروح أبيك في مأواها
توحي إليك بكل قصدٍ صالحٍ
حتّى تحقّق في الورى مرماها
أكمل رسالته وكن للأسرة
الغرّاء حولك أمّها وأباها
وخذ الحقيقة من مكامن سرها
والحكمة الزّهراء من مأتاها
فالصدق أفضل شيمةٍ قلدتها
توليك عزّاً في الحياة وجاها
وأصحب من الإخوان من تخذ
النّدى والحزم رباً والوفاء إلها
وتجنّب الدّعوى فكم من مدّع
خسر الرّفاق وبالغرور تباهى
واجعل إباء النّفس خطتك التي
تجري عليها لا تريد سواها
وخذ التّسامح ديدناً فالحقد في
صدر الفتى نار يوجّ لظاها
وأعضد صغار النّاس لا تطلب
به بدلاً تنل أجر الدّنى وثناها
واحفظ للبنان الأشم محبّةً
وأخدمه ما شاء الوفا وتناهى
واسجد لغابة أرزه فهي الّتي
تزهو على كلّ الرّبى برباها