الأوراق العربية لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا/تمهيد


الاوراق العربية
لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا



لما كان القصد الأكبر من درس الماضي إنما هو فهم الحاضر ولما كان أقرب الأزمنة الماضية إلى العصر الحاضر هو القرن التاسع عشر، ولما كان محمد علي الأكبر مؤسس الأسرة العلوية المالكة اليوم في مصر هو أبو النهضة الحديثة في الشرق العربي عموماً وفي مصر وسورية على الأخص رأت إدارة مكتبة جامعة بيروت الأميركية أن تعنى عناية خاصة بجمع وتنسيق وحفظ الأوراق العربية لتاريخ سوريا في عهد محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا المشهور حرصاً عليها وخدمة للعلم والتاريخ. وقد توفر لديها الآن أكثر من أربعة آلاف رسالة رسمية وغير رسمية. ولما كانت إدارة هذه المكتبة تعتقد تمام الاعتقاد أن خدمتها العلمية هذه لا تتم إلا بالنشر وأن النشر لا يأتي بالفائدة العلمية المطلوبة إلا متى شمل كل الموجود من هذه الأوراق 1 رات أن تنشر على صفحات هذه المجلة الآن أنموذجاً للأصل كله الذي سينشر في كتب على حدة في المستقبل القريب. والقصد من نشر هذا الأنموذج الآن هو إعلان غايتنا هذه لجميع السوريين والمصريين حثاً الذين لم يساعدونا بإتحافهم إيانا بما لديهم من الأوراق العربية الرسمية والغير رسمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترجع إلى عهد محمد علي باشا في هذه البلاد (سورية من غزة هاشم إلى جبال طورس ما بين سنة ١٨٣٩ و١٨٤١م و١٢٤٧ و١٢٥٧هـ) وإن بأمثال هذا التعاون نأمل لنا ولمن يأتي بعدنا استكمال هذا المشروع التاريخي المفيد وغايتنا أيضاً أن نقسم هذه المجموعة متى تمت وعدت للطبع (والجزآن الأول والثاني من الأوراق السياسية معدان للطبع الآن) إلى قسمين رئيسيين الأوراق السياسية والأوراق الاقتصادية الاجتماعية

وسنضع لهذه المجموعة مقدمة مطولة في «تاريخ» هذه المصادر الخطية (الأوراق العربية نفسها) وكيفية قراءة اصطلاحاتها الفنية والخطة التي نتمشى بموجبها في نشر محتوياتها. ومن ثم تأتي الرسائل نفسها مرتبة بترتيبها التاريخي ومنشورة بموجب نصوص شرائع الأسلوب العلمي في التاريخ - أي إننا نوجه أنظارنا أولاً إلى ضبط كلمات هذه الرسائل وقراءتها كما يقرأها واضعها فيما لو تسنى لنا أوله أن يقرأها أمامنا ثم نجتهد في تعيين تاريخها إذا كانت مجهولة التاريخ وتعيين مؤلفها إذا كان مجهولاً أيضاً2 تاركين الخطوات الثلاث الأخيرة من القسم التحليلي في الأسلوب العلمي في التاريخ 3 إلى من يراجعها بعد طبعها لأجل استعمال حقائقها في مقالة تاريخية يكتبها أو كتاب تاريخي ينقب به عن بعض المسائل التاريخية المتعلقة بسورية ومصر في هذه الفترة من تاريخهما.

وستلحق هذه الرسائل جميعها بالفهارس الهجائية تسهيلاً لمراجعتها وتطبيقاً لسنن العلم الحديث.


  1. إننا نتمنى من صميم فؤادنا لو أن الذين يعنون بنشر الأوراق التاريخية اليوم يتركون خطة الانتقاء في النشر ويتمشون بموجب نصوص شرائع العلم الحديث فينشرون كل ما لديهم - من غير انتقاء لأن ما يتركه الناشر ويحسبه غير مهم قد يمكن أن يكون أحياناً بأهمية ما ينشر لغير الناشر. وإن كان الداعي للانتقاء في النشر «العلمي» العسر المالي فليتخصص الناشر ولينشر قسما محدوداً من الأوراق لأنه أفضل وأنفع بكثير أن ينشر قسم من الأوراق نشراً صحيحاً تاماً من أن تنشر كلها ناقصة.
  2. اطلب مقدمتنا لحروب إبراهيم باشا المصري في سورية وبر الأناضول (طبع مصر سنة ١٩٢٧)
  3. الإشارة هنا إلى ما يسميه علماء الغرب بالمثودولوجيا اطلب مثلاً:
    E. Beruleim - Lehrbuch der Historischen Methode (أ)
    C. V. Langlois et ch. Seignobos Introduction aux études historiques. (ب)