الاتفاق السياسي الليبي
مقدمة
في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ ليبيا، اجتمع ممثلون من كافة أرجاء البلاد للتفاوض حول هذا الاتفاق الذي يمثل فرصة فريدة لمعالجة المعاناة الحالية للشعب الليبي وبناء دولة ديمقراطية مدنية من خلل الإجماع الوطني. وأثبتوا من خلال قيامهم بهذا بأنهم قادة حقيقيون ملتزمون بإعلاء الشعب الليبي والدولة الليبية فوق المصالح الذاتية واستعدادهم لإتخاذ قرارات صعبة من أجل ليبيا.
لقد ضم مسار الحوار السياسي أطرافًا فاعلة رئيسية في عملية التحول الديمقراطي الليبي. فأعضاء مجلس النواب، الذين تم اختيارهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة نظمها وأقر بها المؤتمر الوطني العام، لديهم مسؤولية احترام الحقوق الديمقراطية للناخبين وتمثيل دوائرهم الانتخابية. والمؤتمر الوطني العام الذي قام بإدارة العملية الإنتقالية لأكثر من عامْين والمجلس الوطني النتقالي الذي قاد البلاد خلال المراحل الأولى للإنتقال. وقد قام أعضاء من هذه الهيئات التشريعية الثلاث بتقديم مساهمات مهمة للغاية لعملية الحوار وإبرام هذا التفاق. كما شاركت فيه أطراف معنية مستقلة أخرى. فيما قدمت التشكيلات المسلحة والمجالس البلدية والأحزاب السياسية وقادة القبائل والمنظمات النسائية مساهمات إيجابية وبناءة خلل مسارات الخرى بغية تعزيز مصالحة حقيقية ومستقرة.
ويستند الاتفاق السياسي الليبي الذي تمخض عن هذا الحوار إلى أربعة مبادئ رئيسية: ضمان الحقوق الديمقراطية للشعب الليبي، والحاجة إلى حكومة توافقية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات والرقابة والتوازن فيما بينها، وضرورة تمكين مؤسسات الدولة، كحكومة الوفاق الوطني، لتتمكن من معالجة التحديات الخطيرة في المستقبل، واحترام القضاء الليبي واستقلاله.
إن تنفيذ هذا الاتفاق، بحسن نية، سوف يتيح الأدوات اللازمة لمعالجة تحديات محاربة الإرهاب وإصلاح وبناء مؤسسات الدولة وتحفيز التنمية الإقتصادية والتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية وترسيخ سيادة القانون وحقوق الإنسان في جميع أرجاء البلاد.
سيظل الشعب الليبي مدينًا لثواره للدور الذي لعبوه في تحرير البلاد من عقود من حكم الفرد، أو للتضحيات التي قدموها في نضالهم من أجل دولة حرة وديمقراطية تتمسك بسيادة القانون وتحترم حقوق الإنسان. لقد آن الأوان للمضي قدمًا نحو مرحلة جديدة انتقال ليبيا، تتيح للثوار فرصة ليكونوا جزءًا من جيش حديث ومهني تم إصلاحه ويخضع لسيطرة الحكومة المباشرة، أو لإعادة إدماجهم في الحياة المدنية بما يليق بالتضحيات التي قدموها. لقد حان الوقت لوضع حد للقتال الذي أعاق الإنتقال الديمقراطي للبلاد والذي يشكل خطرًا على وحدتها الوطنية. إن العمل من أجل مستقبل أفضل لليبيا يجب أن يستمر من خلال الوسائل السياسية السلمية.
يعد هذا الاتفاق الخطوة الأولى على طريق طويل نحو تعافي ليبيا وازدهارها. إن عمليات الانتقال السياسي هي دائمًا صعبة، واستبدال الأنظمة الاستبدادية بديمقراطية حقيقية يعد مهمة جبارة في أحسن الظروف. فلا توجد طرق مختصرة، ولن يكون الأمر سهلاً. غير أنها خطوة أولى جيدة تضع ليبيا على أرض صلبة لمواجهة تحديات المستقبل.
الديباجة
إن المشاركين في الحوار السياسي الليبي،
إذ يجمعون على أن التسوية السلمية للأزمة في ليبيا تتطلب التزامًا واضحًا وتصميمًا صريحًا من قبل الممثلين السياسيين، ودعمًا واسعًا من كافة الأطراف، وجهودًا متضافرة مستمرة من الشعب الليبي،
وإذ يستجيبون لحاجة مؤسسات الدولة الشرعية لترتيباتٍ واضحةٍ لإدارة الشئون الليبية لحين إقرار وإنفاذ الدستور الليبي،
وإذ يعربون عن التزامهم بالمصلحة الوطنية العليا لليبيا ووضعها فوق كل الأولويات الأخرى،
وإذ يؤكدون على التزامهم بالمسار الديمقراطي المستند إلى احترام نتائج العملية الانتخابية ومبدأ التداول السلمي للسلطة،
وإذ يؤكدون على تمسكهم بالإعلان الدستوري واحترام استقلال القضاء وأحكامه وقراراته،
وإذ يؤكدون على التزامهم بمراعاة القواعد العامة للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، والالتزامات المنبثقة عن المعاهدات الدولية التي تعد ليبيا طرفًا بها، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على السيادة الليبي،
وإذ يعربون عن إصرارهم على ضمان إتاحة الفرصة لجميع الليبيين للمشاركة بفعالية في جهود بناء الدولة،
{...}