الباب تقرعه الرياح

​الباب تقرعه الرياح​ المؤلف بدر شاكر السياب


الباب ما قرعته غير الريح في الليل العميق

الباب ما قرعته كفك

أين كفك و الطريق

ناء بحار بيننا مدن صحارى من ظلام

الريح تحمل لي صدى القبلات منها كالحريق

من نخلة يعدو إلى أخرى و يزهو في الغمام

الباب ما قرعته غير الريح

آه لعل روحا في الرياح

هامت تمر على المرافيء أو محطات القطار

لتسائل الغرباء عني عن غريب أمس راح

يمشي على قدمين و هو اليوم يزحف في انكسار

هي روح أمي هزها الحب العميق

حب الأمومة فهي تبكي:

"آه يا ولدي البعيد عن الديار

ويلاه كيف تعود وحدك لا دليل و لا رفيق!"

أماه، ليتك لم تغيبي خلف سور من حجار

لا باب فيه لكي أدق, و لا نوافذ في الجدار

كيف انطلقت على طريق لا يعود السائرون

من ظلمة صفراء فيه كأنها غسق البحار

كيف انطلقت بلا وداع فالصغار يولولون

يتراكضنون على الطريق و يفزعون فيرجعون

و يسائلون الليل عنك و هم لعودك في انتظار

الباب تقرعه الرياح لعل روحا منك زار

هذا الغريب هو ابنك السهران يحرقه الحنين

أماه ليتك ترجعين

شبحا و كيف أخاف منه و ما امحت رغم السنين

قسمات وجهك من خيالي

أين أنت أتسمعين

صرخات قلبي و هو يذبحه الحنين إلى العراق

الباب تقرعه الرياح تهب من أبد الفراق