البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/فصل في تعداد الآيات والأشراط الواقعة



فصل في تعداد الآيات والأشراط الواقعة


قال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا خلف، يعني ابن خليفة، عن أبي جناب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: دخلت على رسول الله  وهو [ص:93] يتوضأ وضوءا مكيثا، فرفع رأسه، فنظر إلي، فقال: ست فيكم أيتها الأمة: موت نبيكم . فكأنما انتزع قلبي من مكانه. قال رسول الله : واحدة ". قال: ويفيض المال فيكم، حتى إن الرجل ليعطى عشرة آلاف، فيظل يسخطها. قال رسول الله : «ثنتين. قال: وفتنة تدخل بيت كل رجل منكم. قال رسول الله : ثلاث». قال: وموت كقعاص الغنم. قال رسول الله : أربع. وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، يجمعون لكم تسعة أشهر كقدر حمل المرأة، ثم يكونون أولى بالغدر منكم. قال رسول الله : خمس ". قال: وفتح مدينة. قال رسول الله : ست. قلت: يا رسول الله، أي مدينة ؟ قال: قسطنطينية ". وهذا الإسناد فيه نظر من جهة رجاله، ولكن له شاهد من وجه آخر صحيح، فقال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر، قال: سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس قال: سمعت عوف بن مالك، قال: أتيت النبي  في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال: «اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بنى الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين راية، تحت كل [ص:94] راية اثنا عشر ألفا». ورواه أبو داود وابن ماجه والطبراني، من حديث الوليد بن مسلم، ووقع في رواية الطبراني: عن الوليد، عن ابن زبر، عن زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، وقد صرح البخاري في روايته بسماع ابن زبر من بسر بن عبيد الله. فالله أعلم.
وعند أبي داود: فقلت: أدخل يا رسول الله؟ قال: «نعم». قلت: كلي؟ قال: «نعم». وإنما قلت ذلك; من صغر القبة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: أتيت النبي ، فسلمت عليه، فقال: «عوف؟» فقلت: نعم. فقال: «ادخل». قال: قلت: كلي أو بعضي؟ قال: «بل كلك». قال: «اعدد يا عوف ستا بين يدي الساعة: أولهن موتي». قال: فاستبكيت حتى جعل رسول الله  يسكتني. قال: «قل: إحدى». قلت: إحدى. " والثانية فتح بيت المقدس، قل: اثنتين ". فقلت. " والثالثة موتان يكون في أمتي يأخذهم مثل قعاص الغنم، قل: ثلاثا ". فقلت. " والرابعة فتنة تكون في أمتي - وعظمها - قل: أربعا. والخامسة يفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار، فيسخطها، قل: خمسا. والسادسة: هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيسيرون إليكم على ثمانين غاية ". قلت: وما الغاية؟ قال: «الراية، تحت كل غاية اثنا عشر [ص:95] ألفا، فسطاط المسلمين يؤمئذ في أرض يقال لها: الغوطة، في مدينة يقال لها: دمشق». تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقال أبو داود: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثنا ابن جابر، حدثني زيد بن أرطاة، سمعت جبير بن نفير، يحدث عن أبي الدرداء، أن رسول الله  قال: «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها: دمشق، من خير مدائن الشام».
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن النهاس بن قهم، حدثني شداد أبو عمار، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله : «ست من أشراط الساعة: موتي، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذ في الناس كقعاص الغنم، وفتنة يدخل حربها بيت كل مسلم، وأن يعطى الرجل ألف دينار، فيسخطها، وأن تغدر الروم فيسيرون بثمانين بندا تحت كل بند اثنا عشر ألفا».
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد وعفان، قالا: حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن زياد بن رباح، عن أبي هريرة، أن رسول الله  قال: «بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة [ص:96] الأرض، وخويصة أحدكم، وأمراء العامة». وكان قتادة يقول: إذا قال: «وأمر العامة». قال: أي أمر الساعة. وهكذا رواه مسلم، من حديث شعبة وعبد الصمد، كلاهما عن همام، به. ثم رواه أحمد منفردا به، عن أبي داود، عن عمران القطان، عن قتادة، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة، مرفوعا مثله.
وقال أحمد: حدثنا سليمان، حدثنا إسماعيل، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله  قال: «بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، والدابة، وخاصة أحدكم، وأمر العامة». ورواه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر المدني، به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان بن عيينة، عن فرات، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد، قال: اطلع النبي  علينا ونحن نتذاكر الساعة، فقال: «ما تذكرون؟» قالوا: نذكر الساعة. فقال: «إنها لن تقوم حتى تروا عشر آيات: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من [ص:97] قبل عدن، تطرد الناس إلى محشرهم». قال أبو عبد الرحمن عبد الله ابن الإمام أحمد: سقط كلمة.
ثم رواه أحمد من حديث سفيان الثوري وشعبة، كلاهما عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد، أبي سريحة الغفاري، فذكره، وقال فيه: «ونار تخرج من قعر عدن، تسوق - أو: تحشر - الناس، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا». قال شعبة: وحدثني بهذا الحديث رجل، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة، ولم يرفعه إلى النبي ، فقال أحد هذين الرجلين: نزول عيسى ابن مريم. وقال الآخر: ريح تلقيهم في البحر.
وقد رواه مسلم من حديث سفيان بن عيينة وشعبة، عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد موقوفا. ورواه أهل السنن الأربعة من طرق، عن فرات القزاز، به، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن زياد بن سليمان بن [ص:98] سمعان، أبي عبد الرحمن القرشي المدني من طريقه، حدثني الزهري، حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد، قال: قال رسول الله : «بين يدي الساعة عشر آيات كالنظم في الخيط، إذا سقط منها واحدة توالت: الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وفتح يأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها...». وذكر الحديث. هذا لفظه.
وقال أبو يعلى: ثنا عقبة بن مكرم، ثنا يونس، ثنا عبد الغفار بن القاسم، ثنا إياد بن لقيط، عن قرظة بن حسان، سمعت أبا موسى في يوم جمعة على منبر البصرة يقول: سئل رسول الله  عن الساعة وأنا شاهد، فقال: «لا يعلمها إلا الله، لا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن سأحدثكم بمشاريطها، وما يكون بين يديها، إن بين يديها ردما من الفتن، وهرجا». فقيل له: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: «هو بلسان الحبشة: القتل. وأن تجف قلوب الناس، ويلقى بينهم التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا، ويرفع ذوو الحجا، وتبقى رجرجة من الناس لا تعرف معروفا، ولا تنكر منكرا».