البلبل
البلبل
ولهان ذو خافقٍ رقتْ حواشيه
يصبو فتنشره الذكرى وتطويه
كأنه وهو فوق الغصن مضطربٌ
قلبُ المشوقِّ وقد جد الهوى فيهِ
رأى الربيع وقد أودى الخريفُ به
بين الطيور كميتٍ بين أهليهِ
فراح يرسلها أناتُ محتضرٍ
إلى السماء ويشكو ما يعانيه
لا الروضُ زاهٍ ولا الأكمامُ باسمةٌ
ولا عرائسه سكرى فتلهيهِ
يُحيلُ ناظره فيه ويُطرق في
صمتٍ فيشجيه مرآه ويبكيهِ
ماذا رأى غير أعوادٍ مبعثرةٍ
على هشيمٍ به وارى أمانيه
فللخريف صراخ فيه يذعره
والريح تزفِرُ في شتى نواحيهِ
حيران ما انفك مذهولاً كمتهمٍ
لم يجنِ ذنباً ولم ينجح محاميهِ
تُطِل من كوة الماضي عليه وقد
أشجاه حاضره أطيافُ ماضيهِ
يرنو إليها كما يرنو المريضُ وما
أبَلَّ بعدُ إلى عيني مداويهِ
فيستمر نواحاً كالفطيم رأى
ثدياً فصاح وأين الثدي من فيهِ؟
وإن غفا راحت الأحلام عابثةً
به فتدنيه أحياناً وتقصيهِ
وكم تراءت له من خلفها صورٌ
يختال فيه الربيع البكرُ في تيهِ
فيستفيقُ فلا الأغصان مورقةُ
كلا ولا السامر الشادي يناجيهِ
فيسكبُ اللحن أناتٍ يغص بها
ويْحَ الشتاء فما أقسى لياليهِ