الحسام الممدود في الرد على اليهود/المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
[مقدمة الكتاب]
الحمد لله المحمود بكل لسان، المعبود في كل زمان، الذي سدد فأرشد إلى الإيمان والإسلام، وأطلق بتوحيده وتمجيده الأنام وأضراب الأعلام.
والصلاة والسلام التامان الأكملان على سيدنا ونبينا ومولانا محمد الآتي بالهدى والإيمان، والآيات الواضحات البيان، الناسخ بدينه القويم كل الأديان، والرضى عن آله وأصحابه الأبرار وعن التابعين لهم بإحسان.
أما بعد، بعد حمد الله تعالى وترديد الصلاة على سيدنا ومولانا محمد يتكرر ويتوالى. فيقول العبد المعترف بما آتاه المغترف من فيض نعماه ورحماه، عبد الحق الإسلامي، وفقه الله وسدده وهداه وأرشده الله تعالى وله الحكمة فيما قدر وقضى: كان أطلعني منذ ستة عشر سنة على الحق الذي لا يشك فيه عاقل ولا يرتاب فيه إلا أهل الباطل، وهو الإيمان بسيدنا ونبينا ومولانا محمد ﷺ والاقتداء به في جميع الأحكام، وكان من حكمته أن قدر علي بكتمانه وإخفائه وعدم إفشائه وإبدائه إلى أن وفقني الله وألهمني (ونبهني وأفهمني) أن هذا القدر لا يكفيني ولا يخلصني، بل الواجب علي (في ذلك) إذاعة توحيده والنطق بتنزيهه وتحميده وإشاعة الإيمان برسوله سيدنا محمد ﷺ. فبادرت إلى [ما] يجيرني من العذاب الأليم ويقربني من جنات النعيم، فقلت معلنا بكلمة التوحيد ناطقا بالتنزيه والتمجيد:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ثم أسلم على يدي بحمد الله تعالى جميع أهلي وولدي وكل من سبقت له السعادة ممن كان يلازمني، وكل ذلك ألطاف من الله سبقت، ورحمة منه قد عمت وشملت، ورأفة سددت عبيده إلى طريق هداه (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله). فله الحمد والشكر، وله الخلق والأمر، وبيده الخير والشر (والنفع والعز)، يضل من يشاء ويهدي من يشاء. لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون.
ولما قدر الله سبحانه وتعالى بما قضى به علي من الإسلام والدخول في دين خير خلقه عليه السلام، أشار علي بعض طلبة مدينة سبتة أعزهم الله تعالى وحرسها أن أؤلف جزءا في بيان ما هم عليه اليهود لعنهم الله تعالى من الضلالة والكفر الشنيع والشرك بالله البشيع، وما هم يعتقدونه من الكذب المحض في إنكار نبوة سيدنا ومولانا محمد ﷺ، فيكون إن شاء الله تعالى ماحيا لاعتقادهم محوا لآثار فسادهم، وانا استعنت بالله تعالى الذي لا إله إلا هو على ما أشير به علي مع قصد التقرب إلى الله تعالى، مستدلا عليهم بالأدلة الساطعة والبراهين القاطعة مما يدل على فساد عقولهم ويؤذن بجرأتهم وعدم أدبهم (في مقولهم) واقتصرت على ما في كتبهم المبدلة مما لا يسعهم إنكاره ولا النزاع فيه بوجه ولا حال، فيكون أنكد الهم وأبلغ في الحجة عليهم وأحرى في الاستدلال. وجعلت ما هو في التوراة بزعمهم أو في غيرها من كتبهم وتواليفهم من النصوص بالعبرانية مكتوبا بالأحمر، وشرحها بالمداد الأكحل، على حسب تفسير قدمائهم وشرح علمائهم، واني لأستغفر الله من حكاية كفرهم وبشاعة نظرهم وبينته على الإيجاز والاختصار من غير بسط ولا إكثار. وسميته "الحسام الممدود في الرد على اليهود"، وها أنا قد شرعت فيما به وعدت، وبالله أستعين وهو الموفق المعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فنقول إن الكلام ينحصر معهم في خمسة أبواب:
- الباب الأول: في تقرير المواضع التي في كتبهم الدالة على ثبوت نبوة سيدنا ونبيا ومولانا محمد ﷺ، وأنه مرسل لكافة الخلق.
- الباب الثاني: في نسخ شريعته لجميع الشرائع.
- الباب الثالث: في وقوعهم في الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وملوكهم ومن ليس منهم.
- الباب الرابع: فيما في توراتهم المبدلة من الشرك والتجسيم والتبديل والتغيير مما تغلق منه الآذان وينزه عنه الواحد الأحد الفرد الصمد الرحيم الرحمن.
- الباب الخامس: فيما في كتبهم من تعظيم النبي ﷺ في صلواتهم ومن أسراره ومعجزاته وآياته وأمرائه.