الدمع ينطق واللسان صموت

الدمع ينطق واللسان صموت

​الدمع ينطق واللسان صموت​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


الدمع ينطق واللسان صموت
فَانظرْ إلى الحركاتِ كيف تموتُ
ما زالَ يَظْهَرُ كلّ يومٍ بي ضَنىً
فلذاك عن عين الحمام خفيت
صبٌّ يطالِبُ في صبابَةِ نَفْسِهِ
جسداً بمديةٍ سقمه منحوت
وأنا نذيرك إنْ تُلاحظ صبوةً
فاللّحظ منكَ لنارها كبريت
قد كنتُ في عهدِ النصيح كآدمٍ
لكنْ ذكرتُ هوى الدمى فنسيت
كيف التخلُّصُ من فواترِ أعينٍ
يُلْقِي حبائلَ سحرها هاروت
ومعذبي مَنْ يَسْتَلذّ تعذبّي
لا بات من بلواي كيف أبيت
وشأٌ أحن إلى هواه كأنه
وطنٌ، وُلدت بأرضه ونشيت
في ليل لمته ضللت عن الهوى
وبنورِ غُرّتِهِ إليه هديت
ومنعَّمٌ جرح الشباب بخدِّه
لحظي فسالَ على المها الياقوت
وأنا الذي ذاقت حلاوة حسنه
عيني فساغَ لطرفها وشجيت
قال الكواعبُ؛ قد سعدتَ بوصلنا
فأجبتها: وبهجركنّ شقيت
كنتُ المحب كرامةً لشبيبتي
حتى إذا وَخَطَ المَشِيبُ قُلِيت
من أستعين به على فرط الأسى
فأنا الذي بجنايتي عوديت
كنت أمرأً لم ألق فيه رزيةً
حتى سُلِبْتُ شَبيبَتِي فَرُزِيت
تهدي لِيَ المرآةُ سُخْطَ جنايَتي
فالله يَعلمُ كيف عنه رضيت
همي كسقط القبس لكن طعمه
عمرٌ إذا أفناه فيّ فنيت
وإذا المشيب بدا به كافوره
كَفَرتْ به فكأنَّه الطَّاغوت
ولربّ مُنْتَهِبِ المدى يجري به
عرقٌ عريقٌ في الجيادِ وَلِيت
لَيْلٌ حَبَاهُ الصبحُ درهمَ غُرةٍ
وحجول أربعةٍ بهنّ القوت
متفننٌ في الجري يتَّبعُ اسمَه
منه نعوتٌ بعدهنّ نعوت
أطلقَتُهُ فعقلتُ كلّ طريدة
تبغي بلحظِكَ صيدها فتفوت
لقطتْ قوائمه الأوابد شُرَّداً
قد كانَ منهُ لجمعها تشتيت
فكأنما جمدَ الصُّوار لدوْمِهِ
تحتي فلي من صيدها ما شيت