الشمس عنه كليلة أجفانها
الشمسُ عنهُ كليلة ٌ أجفانها
الشمسُ عنهُ كليلةٌ أجفانها
عبرى يضيقُ بسرّها كتمانها
وأُريكَها تَخْبو على بُرَحائِها
لم تخفَ مذعنةً ولا إذعانها
إيوانُ مَلْكٍ لو رأتْهُ فارسٌ
ذعرتْ وخرّ لسمكهِ إيوانها
واستعظَمَتْ ما لم يُخلِّدْ مثلَهُ
سابورها قدماً ولا ساسانها
سجَدَتْ إلى النيرانِ أعصُرَها ولو
بصرتْ به سجدتْ له نيرانها
بل لو تجادلها بهِ ألبابها
في الله قامَ لحُسنِهِ بُرهانُها
أو ما ترى الدّنيا وجامعَ حسنها
صُغرى لديه وهي يعظُمُ شانها
لولا الذي فتنتْ به لاستعبرتْ
ثكلى تفضُّ ضلوعها أشجانها
خَضِلُ البشاشةِ مُرْتَوٍ من مائها
فكأنَّهُ متهلِّلٌ جذلانها
يَنْدى فتنْشأُ في تَنَقُّلِ فَيّئِهِ
غرُّ السحائبِ مسبلاً هطلانها
وكأنّ قُدسَ ويذبُلاً رفَدا ذُرَى
أعلامهِ حتى رستْ أركانها
تغدو القصورُ البيضُ في جنباتهِ
صُوْراً إليه يَكِلُّ عنه عِيانها
و القبّةُ البيضاءُ طائرةٌ بهِ
تهوي بمنخرقِ الصَّبا أعنانها
ضُرِبَتْ بأرْوِقَةٍ تُرَفرِفُ فوقَها
فهوى بفتخِ قوادم خفقانها
يَعْشُو إلى لَمَعَانها
في حيْثُ أسلَمَ مُقلَةً إنسانُها
بُطْنانُها وَشيُ البُرودِ وعَصْبُها
فكأنّما قوهِيُّها ظُهْرانها
نِيطَتْ أكاليلٌ بها مَنظومَةٌ
فغَدا يُضاحِكُ دُرَّها مَرجانُها
و تعرَّضتْ طررُ السُّتورِ كأنَّها
عذباتُ أوشحةٍ يروقُ جمانها
و كأنَّ أفوافَ الرِّياضِ نثرنَ في
صفحاتها فتفوَّفتْ ألوانها
فأدرْ جفونكَ واكتحلْ بمناظرٍ
غَشّى فِرندَ لُجيَيْنِها عِقْيانها
لترى فنونَ السحرِ أمثلةً وما
يُدري الجَهولَ لَعَلّها أعيانُها
مُستَشرِفاتٍ من خُدورِ أوانِسٍ
مصفوفَةٍ قد فُصّلتْ تِيجانها
مُتَقابِلاتٍ في مَراتِبِها جَنَتْ
حرْباً على البِيضِ الحِسانِ حسانها
فاخلَعْ حميداً بينها عُذْرَ الصِّبا
و ليبدِ سرَّ ضمائرٍ إعلانها
و حباكها كلفُ الضُّلوع بحسنها
ريّانُ جانحةٍ بها ملآنها
تساي المحبَّ كلفَ الضّلوعِ بحسنها
ثكرَ النفوس مُحَرَّماً سُلْوانُها
رَدّتْ على الشّعراء ما حاكَتْ لها
غرُّ القوافي بكرها وعوانها
و أتتْ تجرِّرُ في ذيولِ قصائدٍ
يكفيكَ عن سحرِ البيان بيانها
أعْيَتْ لَبيباً وهي مَوقِعُ طَرْفِهِ
فقَضَى عليه بجهلِهِ عرفانُها
إبراهِمِيّةُ سُودَدٍ تُعزَى إلى
نَجْرِ الكِرامِ: جِنانُها ومَعانُها
فكأنّهُ سيف بنُ ذي يَزَنٍ بها
وكأنّها صَنعاءُ أو غُمدانها
سُحِبَتْ بها أردانُه فتَضَوّعَتْ
عبقاً بصائكِ مسكهِ أردانها
وكأنّما لَبِسَتْ شَبيبَتَهُ وقَدْ
غادى النّدَى متهَلِّلاً رَيعانها
و كأنّما الفردوسُ دارُ قرارهِ
و كأنّ شافعَ جودهِ رضوانها
أبدَتْ لمَرآكَ الجَليلِ جَلالَةً
يعلو لمكرمةٍ بذاك مهانها
وهَفَتْ جوانبها ولولا ما رَسا
من عبء مجْدكَ ما استقَرّ مكانها
ولَنِعْمَ مَغنى اللهوِ تَرأمُ ظلَّه
آرامُ وَجْرَةَ رُحْنَ أو أُدْمانها
وتخالُها صَفراء عارَضَتِ الدُّجى
وسرَتْ فنادَمَ كوكباً نَدمانها
قدُمتْ تُزايلُ أعصُراً كَرّتْ على
حَوبائِها لمّا انقَضَى جُثمانها
و أتتْ على عهدِ التّبابعِ مدَّةً
غَضّاً على مَرّ الزّمانِ زمانها
يمنيَّةُ الأربابِ نجرانيَّةُ الـ
؛أنسابِ حيثُ سَمَتْ بها نَجرانُها
أو كسرويَّةُ محتدٍ وأرومةٍ
شَمطاءُ يُدعَى باسمِها دِهقانُها
أو قرقفٍ ممّا تنشّي الرّومَ لا
نَشَواتُها ذُمّتْ ولا نشوانُها
كان اقتناها الجاثلِيقُ يُكِنُّهَا
و يصونُ درّةَ غائصٍ صوِّانها
في مَعشرٍ من قومه عَثَرَتْ بهم
نوبُ الزّمانِ فغالهم حدثانها
كرُمَتْ ثَرىً متأرِّجاً وتوسّطتْ
أرضَ البَطارقِ مُشرِفاً أفدانها
لم يضرموا ناراً لهيبتها ولمْ
يَستطَعْ بأكنافِ الفَضاء دُخانها
فكأنَّ هيكلها تقدَّمَ رايةً
وكأنّ صَفّ الدّارعينَ دِنانُها
غنيتْ تطوفُ بها ولائدهمْ كما
طافَتْ برَبّاتِ الحِجالِ قِيانها
قد أوتيتْ من علمهمْ فكأنّها
أحبارُ تلك الكُتبِ أو رُهبانها
جازتهمُ ترمدُّ في غلوائها
فتخرِّموا وخلا لها ميدانها
فكلتكَ ناجودٌ تديرُ كؤوسها
هِيفٌ تُجاذبُ قُضْبَها كُثبانها
من قاصراتِ الطَّرفِ كلّ خريدةٍ
لم يأتِ دونَ وصالِها هِجرانُها
لم تدرِ ما حرُّ الوداعِ ولا شجتْ
صَبّاً بمُنْعَرَجِ اللوى أظعانها
قد ضرّجتْ بدم الحياء فأقبلتْ
متظلّماً من وردها سوسانها
تشكو الصِّفادَ لبهرها فكأنَّما
رَسَفَانُ عانٍ دَلُّها رَسَفانها
سامتهُ بعضَ الظلم وهي غريرةٌ
لا ظُلمُها يُخْشَى ولا عُدوانها
فأتَتْهُ بين قَراطِقٍ ومَناطقٍ
يثنى على سيرائها خفتانها
وإذا ارتمَتْهُ بما تَريشُ ومُكّنَتْ
فأصابَ أسْودَ قلْبِهِ إمكانها
لم تدرِ ما أصمى المليكَ أنزعها
بسديدِ ذاكَ الرّمي أو حسبانها
في أرْيحِيّاتٍ كرَيْعانِ الصِّبَا
حَركاتُها وعلى النُّهَى إسْكانها
ولئن تَلَقَيْتَ الشّبابَ وعَصْرَهُ
بالمُلْهِياتِ فَعَصْرُهَا وأوانها
ولئن أبَتْ لك خفْضَ ذاكَ ولِينَهُ
نفسٌ كهَضْبِ عَمايَتينِ جَنانها
فلقبلَما أسْلتْكَ عن بِيض الدُّمى
بيضٌ تُكسَّر في الوغى أجفانها
و ضرائبٌ تنبي الحسامَ مضارباً
أردَتْ شَراسَتُها فخِيفَ لِيانُها
وأُبُوّةٌ هَجَرَتْ مَقاصِرَ مُلكِها
فكأنّما أسيافها أوطانها
قومٌ همُ أيّمهمْ إقدامها
و جلادها وضرابها وطعانها
وإذا تَمَطّرَتِ الجِيادُ سَوابِقاً
فبهم تكنُّفها وهم فرسانها
و إذا تحدُّوا بلدةً فبزأرهم
صعقاتها وببأسهمْ رجفانها
آلُ الوغى تبدو على قسماتهمْ
أقمارها وتحفُّهمْ شهبانها
يصلونَ حرَّ جحيمها إن عرَّدتْ
أبطالها وتزاورتْ أقرانها
جُرْثومَةٌ منها الجِبالُ الشُّمُّ لم
يغضض متالعها ولا ثهلانها
رْدُّتْ إليك فأنتَ يعرُبها الذي
تعزى إليه وجعفرٌ قحطانها
فافخَرْ بتيجانِ المُلوكِ ومُلكِها
فلأنتَ غيرُ مدافعٍ خلصانها
للَّهِ أنتَ مواشكاً عجلاً إلى
جَدوَى يَدٍ مَدُّ الفُراتِ بَنانها
يَفديكَ ذو سِنَةٍ عن الآمالِ لم
يألفْ مَضاجعَ سُؤدَدٍ وَسْنانها
تردُ الأماني الخمسُ منه مشارعاً
ملءَ الحياض محلَّلأً ظمآنها
من كل عاري اللِّيتِ من نظم التي
رَجَحَتْ بخيرِ تجارَةٍ أثمانها
يدني السؤالَ إليه عاملُ صعدةٍ
مُتَغَلْغِلٌ بين الشِغافِ سِنانها
أعلتكَ عنهم همَّةٌ لم يعتلقْ
مثنى النّجوم بها ولا وحدانها
دانيتَ أقطارَ البلادِ بعزمةٍ
ملقىً وراء الخافقينِ جرانها
و هي الأقاصي من ثغور الملك لا
تُخشَى مخاوِفُها وأنتَ أمانُها
متقلِّداً سيفَ الخلافةِ للّتي
يُلقَى إليه إذا استمرّ عِنانُها
تُزْجَى الجِيادُ إلى الجِلاد كأنّما
سَرعانُ واردةِ القَطا سَرعانها
وتُهَزُّ ألويَةُ الجنودِ خَوافِقاً
تحتَ العَجاجِ كَواسِراً عِقبانها
حتى إذا حرِجَتْ به أرْضُ العدى
مُتَمَطّياً وتَضَايقَتْ أعطانها
ألقَتْ مقالِيداً إليه وقبلَهُ
ما انفكَّ خالعها ولا خلعانها
لا قلتَ إنّ الدّينَ والدّنْيا لَهُ
عِوَضٌ ولُؤمٌ مقالةٍ بُهْتانُها
أمدُ المطالبِ والوفودِ إذا حدتْ
فَوْتَ العيونِ رِكابُها رُكبانَها
ألِفَ النّدَى دَأباً عليه كأنّهُ
رَتْكُ المَطّيِ إليهِ أو وَخَدانها
غَفّارُ مُوبِقَةِ الجَرائم صافحٌ
و سجيَّةُ من ماجدٍغفرانها
شيمٌ إذا ما القولُ حنّ تبرّعتْ
كرماً فأسجحَ عطفها وحنانها
إني وإنْ قصّرْتُ عن شكريه لم
يغمطْ لديّ صنيعةً كفرانها
كنتُ الوليدَ فلم يُنازِعْهُ بنو
خاقانَ مكرمةً ولا خاقانها
مننٌ كباكرةِ الغمامِ كفيلةٌ
بالنُّجحِ موقوفٌ عليه ضمانها
يا ويلتا منّي عليّ أمخرسي
إحسانُها أو مُغرِقي طُوفانها
ما لي بها إلاّ احتراقُ جوانحي
يدني إليك ودادها حرَّنها
دامَتْ لنا تلك العُلى متَفَيّئاً
أظلالها متهدّلاً أفنانها
واسلَمْ لغَضّ شبيبَةٍ ولدولَةٍ
عَزَّتْ وعَزّ مؤيَّداً سلطانها