الطيران

​الطيران​ المؤلف إيليا أبو ماضي


او رأى "آدم "فتاه لزال الحقد
من قلبه على حوّاء
صيّر الأرض جنّة دونها الجنّة
في الحسن والبه والروّاء
كلّ ما في الوجود للمرء عبد
وهو عبد الشهوات والأهواء
كائن كلّ كائن حار فيه
فهو حلو مرّ ودان ناء
وهو طورا يكون نصف أله
وهو طورا أدنى من العجماء
عجبا كيف طاعه الطّين والماء
وما كان غير طين وماء
ساد في الكون مثلما ساد فيه
خالق الكون مبدع الأشياء
فهو في الماء سابح وعلى الغبراء
ماش وطائر في الفضاء
اتخذ الجوّ ملعبا ثم أمسى
راكضا في الهواء ركض الهواء
فهو فوق السّحاب يحكيه في
مسواه لكنّه أخو خيلاء
وهو بين الطّيور تحسبه العنقاء
لولا استحاله العنقاء
أبصرته فاكبرت أن ترى في الجوّ
صيّادها على الغبراء
فاستوى في قلوبها الذعر حتى
كاد يحكي البلاء خوف البلاء
وتناجت تبغي النجاة فرارا
أين أين المفر من ذا القضاء
ويح هذي الطّيور تجنى على الموتى
وترجو سلما من الأحياء
أهبطي أو فحلّقي أو فسيري
أنما المنتهى ألى الأرزاء!
وهو بين النجوم يسترق السّمع
ولا يتّقي رجوم السّماء
مشهد روّع الدّراري فباتت
حائرات في القبّة الزّرقاء
نافرات كأنها ظبيات
رأت القانصين في البيداء
سائلات أذا رسول سلام
من بني الأرض أم نذير فناء؟
هالها أن ترى من الأنس قوما
يتهادون مثلها في الفضاء
فرأيت الجوزاء تشكو الثّريّا
والثّريّاتشكو ألى الجوزاء
لا تراعي يا شهب منّا فأنّا
ما حملنا أليك غير الولاء
قد كرهنا المقام في الأرض لما
قيل أن السّما مقرّ الهناء
أنما شوقنا أليك الذي أسرى
بنا لا الهيام في الأسرلء
فصلينا نزدد غراما ووجدا
غير مستحسن كثير الأباء
نحن يا شهب في حماء ضيوف
وجميل رعاية الغرباء
أكرمي ذلك المحلّق فوق السّحب
يثني عليك خير ثناء
وأنيري طريقه أن دجا اللّيل
ودبّت عقلرب الظّلماء
صاغك اللّه شعلة من ضياء
وبرا المرء شعلة من ذكاء
اتخذيه أخا يكن لك عونا
كلّ نفس محتاجة للأخاء
لا تفاخر بالواخدات ولا بالخيل
من أدهم ومن شهباء
هان عصر النّياق والرّاكبيها
عند عصر البخار والكهرباء