سير أعلام النبلاء/العباس بن عبد المطلب

(حولت الصفحة من العباس)


العباس بن عبد المطلب

العباس ( ع ) عم رسول الله قيل إنه أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه وخرج مع قومه إلى بدر فأسر يومئذ فادعى أنه مسلم فالله أعلم وليس هو في عداد الطلقاء فإنه كان قد قدم إلى النبي قبل الفتح ألا تراه أجار أبا سفيان بن حرب. وله عدة أحاديث منها خمسة وثلاثون في مسند بقي وفي ( البخاري ومسلم ) حديث وفي ( البخاري ) حديث وفي ( مسلم ) ثلاثة أحاديث روى عنه ابناه عبد الله وكثير والأحنف بن قيس وعبد الله بن الحارث بن نوفل وجابر بن عبد الله وأم كلثوم بنت العباس وعبد الله بن عميرة وعامر بن سعد وإسحاق بن عبد الله بن نوفل ومالك بن أوس بن الحدثان ونافع بن جبير بن مطعم وابنه عبيد الله بن العباس وآخرون وقدم الشام مع عمر فعن أسلم مولى عمر أن عمر لما دنا من الشام تنحى ومعه غلامه فعمد إلى مركب غلامه فركبه وعليه فرو مقلوب وحول غلامه على رحل نفسه وإن العباس لبين يديه على فرس عتيق وكان رجلا جميلا فجعلت البطارقة يسلمون عليه فيشير لست به وإنه ذاك قال الكلبي كان العباس شريفا مهيبا عاقلا جميلا أبيض بضا له ضفيرتان معتدل القامة ولد قبل عام الفيل بثلاث سنين قلت بل كان من أطول الرجال وأحسنهم صورة وأبهاهم وأجهرهم صوتا مع الحلم الوافر والسؤدد روى مغيرة عن أبي رزين قال قيل للعباس أنت أكبر أو النبي قال هو أكبر وأنا ولدت قبله قال الزبير بن بكار كان للعباس ثوب لعاري بني هاشم وجفنة لجائعهم ومنظرة لجاهلهم وكان يمنع الجار ويبذل المال ويعطي في النوائب ونديمه في الجاهلية ابو سفيان بن حرب ابن سعد أخبرنا محمد بن عمر حدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كان العباس قد أسلم قبل أن يهاجر رسول الله إلى المدينة. إسناده واه عن عمارة بن عمار بن أبي اليسر السلمي عن أبيه عن جده قال نظرت إلى العباس يوم بدر وهو واقف كأنه صنم وعيناه تذرفان فقلت جزاك الله من ذي رحم شرا أتقاتل ابن أخيك مع عدوه قال ما فعل أقتل قلت الله أعز له وأنصر من ذلك قال ما تريد إلى قلت الأسر فإن رسول الله نهى عن قتلك قال ليست بأول صلته فأسرته ثم جئت به إلى رسول الله الثوري عن أبي إسحاق عن البراء أو غيره قال جاء رجل من الانصار بالعباس قد أسره فقال ليس هذا أسرني فقال النبي لقد آزرك الله بملك كريم

ابن إسحاق عمن سمع عكرمة عن ابن عباس قال أسر العباس أبو اليسر فقال النبي كيف أسرته قال لقد اعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد هيئته كذا قال لقد أعانك عليه ملك كريم ثم قال للعباس افد نفسك وابن أخيك عقيلا ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن جحدم فأبى وقال إني كنت مسلما قبل ذلك وإنما استكرهوني قال الله أعلم بشأنك إن يك ما تدعي حقا فالله يجزيك بذلك وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فافد نفسك وكان رسول الله قد عرف أن العباس أخذ معه عشرين أوقية ذهبا فقلت يا رسول الله احسبها لي من فدائي قال لا ذاك شيء أعطانا الله منك قال فإنه ليس لي مال قال فأين المال الذي وضعته بمكة عند أم الفضل وليس معكما أحد غيركما فقلت إن أصبت في سفري فللفضل كذا لقثم كذا ولعبد الله كذا قال فوالذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد من الناس غيرها وإني لأعلم أنك رسول الله

يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن العباس عن عكرمة عن ابن عباس قال بعثت قريش إلى رسول الله في فداء أسراهم ففدى كل قوم أسيرهم بما تراضوا وقال العباس يا رسول الله إني كنت مسلما إلى أن قال وأنزلت " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم " ( الأنفال 70 ) قال فأعطاني الله مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله تعالى قال ابن إسحاق وكان أكثر الأسارى فداء يوم بدر العباس افتدى نفسه بمئة أوقية من ذهب وعن ابن عباس قال أمسى رسول الله والأسارى في الوثاق فبات ساهرا أول الليل فقيل يا رسول الله مالك لا تنام قال سمعت أنين عمي في وثاقه فأطلقوه فسكت فنام رسول الله إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال أسر العباس رجل ووعدوه أن يقتلوه فقال رسول الله إني لم أنم الليلة من أجل العباس زعمت الأنصار أنهم قاتلوه فقال عمر أآتيهم يا رسول الله فأتى الأنصار فقال أرسلوا العباس قالوا إن كان لرسول الله رضى فخذه سماك عن عكرمة عن ابن عباس قيل يا رسول الله بعد ما فرغ من بدر عليك بالعير ليس دونها شيء فقال العباس وهو في وثاقه لا يصلح فقال رسول الله لم قال لأن الله وعدك إحدى الطائفتين فقد أعطاك ما وعدك هكذا رواه إسرائيل ورواه عمرو بن ثابت عن سماك عن عكرمة مرسلا

إسماعيل بن قيس عن أبي حازم عن سهل قال لما قدم النبي من بدر استأذنه العباس أن يأذن له أن يرجع إلى مكة حتى يهاجر منها فقال اطمئن يا عم فإنك خاتم المهاجرين كما أنا خاتم النبيين إسناده واه رواه أبو يعلى والشاشي في مسنديهما ويروى نحوه من مراسيل الزهري قال ابن سعد الطبقة الثانية من المهاجرين والأنصار ممن لم يشهد بدرا فبدأ بالعباس قال وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب وسرد نسبها إلى ربيعة بن نزار بن معد وعن ابن عباس ولد أبي قبل أصحاب الفيل بثلاث سنين وبنوه الفضل وهو أكبرهم وعبد الله البحر وعبيد الله وقثم ولم يعقب وعبد الرحمن توفي بالشام ولم يعقب ومعبد استشهد بإفريقية وأم حبيب وأمهم أم الفضل لبابة الهلالية وفيها يقول ابن يزيد الهلالي

ما ولدت نجيبة من فحل * بحبل نعلمه أو سهل

كستة من بطن أم الفضل * أكرم بها من كهلة وكهل

قال الكلبي ما رأينا ولد أم قط أبعد قبورا من بني العباس ومن أولاد العباس كثير وكان فقيها وتمام وكان من أشد قريش وأميمة وأمهم أم ولد والحارث بن العباس وأمه حجيلة بنت جندب التميمية فعدتهم عشرة الواقدي أخبرنا عبد الله بن يزيد الهذلي عن أبي البداح بن عاصم عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن أبيه قال أتينا النبي فقيل هو في منزل العباس فدخلنا عليه فسلمنا وقلنا متى نلتقي فقال العباس إن معكم من قومكم من هو مخالف لكم فأخفوا أمركم ( حتى ينصدع هذا الحاج ونلتقي نحن وأنتم فنوضح لكم الأمر فتدخلون على أمر بين ) فوعدهم النبي ليلة النفر الآخر بأسفل العقبة وأمرهم ألا ينبهوا نائما ولا ينتظروا غائبا وعن معاذ بن رفاعة قال فخرجوا بعد هدأة يتسللون وقد سبقهم إلى ذلك المكان معه عمه العباس وحده قال فأول من تكلم هو فقال يا معشر الخزرج قد دعوتم محمدا إلى ما دعوتموه وهو من أعز الناس في عشيرته يمنعه والله من كان منا على قوله ومن لم يكن وقد أبى محمدا الناس كلهم غيركم فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فإنها سترميكم عن قوس واحدة فارتؤوا رأيكم وائتمروا أمركم فإن أحسن الحديث أصدقه فأسكتوا وتكلم عبد الله بن عمرو بن حرام فقال نحن أهل الحرب ورثناها كابرا عن كابر نرمي بالنبل حتى تفنى ثم نطاعن بالرماح حتى تكسر ثم نمشي بالسيوف حتى يموت الأعجل منا قال أنتم أصحاب حرب هل فيكم دروع قالوا نعم شاملة وقال البراء بن معرور قد سمعنا ما قلت إنا والله لو كان في أنفسنا غير ما نقول لقلنا ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل المهج دون رسول الله فبايعهم النبي والعباس آخذ بيده يؤكد له البيعة زكريا عن الشعبي قال انطلق النبي بالعباس وكان العباس ذا رأي فقال العباس للسبعين ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة فإن عليكم عينا فقال أسعد بن زرارة سل لربك ما شئت وسل لنفسك ولأصحابك ثم أخبرنا بما لنا على الله وعليكم قال أسألكم لربي ( أن تعبدوه ) لا تشركوا به شيئا وأسألكم لنفسي وأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما تمنعون منه أنفسكم قالوا فمالنا ( إذا فعلنا ذلك ) قال الجنة قال فلك ذلك

ابن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة قال قال أبو رافع كنت غلاما للعباس وكان الإسلام قد دخلنا فأسلم العباس وكان يهاب قومه فكان يكتم إسلامه فخرج إلى بدر وهو كذلك إسماعيل بن أبي أويس حدثنا أبي عن ابن عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس أن جده عباسا قدم هو وأبو هريرة فقسم لهما النبي في خيبر قال ابن سعد فقال لي محمد بن عمر هذا وهم بل كان العباس بمكة إذ قدم الحجاج بن علاط فأخبر قريشا عن نبي الله بما أحبوا وساء العباس حتى أتاه الحجاج فأخبره بفتح خيبر ففرح ثم خرج العباس بعد ذلك فلحق بالنبي فأطعمه بخيبر مئتي وسق كل سنة ثم خرج معه إلى فتح مكة

يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن ربيعة قال قال رسول الله ما بال رجال يؤذونني في العباس وإن عم الرجل صنو أبيه من آذى العباس فقد آذاني

ورواه خالد الطحان عن يزيد فأسقط المطلب وثبت أن العباس كان يوم حنين وقت الهزيمة آخذا بلجام بغلة النبي وثبت معه حتى نزل النصر

الأعمش عن أبي سبرة النخعي عن محمد بن كعب القرظي عن العباس قال كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم فذكرنا ذلك لرسول الله فقال والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي إسناده منقطع إسرائيل عن عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا من الأنصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا والله لنلطمنه ( كما لطمه ) فلبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله فصعد المنبر فقال أيها الناس أي أهل الأرض أكرم على الله قالوا أنت قال فإن العباس مني وأنا منه لاتسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا فجاء القوم فقالوا نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله رواه أحمد في مسنده

ثور عن مكحول عن كريب عن ابن عباس أن النبي جعل على العباس وولده كساء ثم قال اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا اللهم اخلفه في ولده إسناده جيد رواه أبو يعلى في مسنده إسماعيل بن قيس بن سعد عن أبي حازم عن سهل قال خرجنا مع رسول الله في القيظ فقام لبعض حاجته فقام العباس يستره بكساء من صوف فقال اللهم استر العباس وولده من النار له طرق وإسماعيل ضعف سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله بمال ثمانين ألفا من البحرين فنثرت على حصير فجاء النبي فوقف وجاء الناس فما كان يومئذ عدد ولا وزن ( ما كان إلا قبضا ) فجاء العباس بخميصة عليه فأخذ فذهب يقوم فلم يستطع فرفع رأسه إلى رسول الله فقال ارفع علي فتبسم رسول الله حتى خرج ضاحكه أو نابه فقال أعد في المال طائفة وقم بما تطيق ففعل قال فجعل العباس يقول وهو منطلق أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزها ( يعني قوله ) " قل لمن في أيديكم من الأسارى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم " ( الأنفال 70 ) فهذا خير مما أخذ مني ولا أدري ما يصنع في الآخرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال بعث رسول الله عمر على الصدقة ساعيا فمنع ابن جميل وخالد والعباس فقال رسول الله ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا إنه قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس فهي علي ومثلها ثم قال أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه

الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي قال قلت لعمر أما تذكر إذ شكوت العباس إلى رسول الله فقال أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي أن رسول الله قال استوصوا بالعباس خيرا فإنه عمي وصنو أبي إسناده واه محمد بن طلحة التيمي عن أبي سهيل بن مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد كنا مع النبي في نقيع الخيل فأقبل العباس فقال النبي هذا العباس عم نبيكم أجود قريش كفا وأوصلها رواه عدة عنه وثبت من حديث أنس أن عمر استسقى فقال اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك توسلنا به وإنا نستسقي إليك بعم نبيك العباس

الزبير بن بكار حدثنا ساعدة بن عبيد الله عن داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال استسقى عمر عام الرمادة بالعباس فقال اللهم هذا عم نبيك نتوجه إليك به فاسقنا فما برحوا حتى سقاهم الله فخطب عمر الناس فقال إن رسول الله كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فيعظمه ويفخمه ويبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم وقع لنا عاليا في جزء البانياسي وداود ضعيف ابن أبي الزناد عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله يجل أحد ما يجل العباس أو يكرم العباس إسناده صالح ويروى عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فمنزلي ومنزل إبراهيم يوم القيامة في الجنة تجاهين والعباس بيننا مؤمن بين خليلين أخرجه ابن ماجة وهو موضوع وفي إسناده عبد الوهاب العرضي الكذاب ابن أبي فديك حدثنا محمد بن عبد الرحمن العامري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي قال للعباس فيكم النبوة والمملكة هذا في جزء ابن ديزيل وهو منكر ابن أبي الزناد عن أبيه عن الثقة قال كان العباس إذا مر بعمر أو بعثمان وهما راكبان نزلا حتى يجاوزهما إجلالا لعم رسول الله وروى ثمامة عن أنس قال عمر اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك محمد فاسقنا صحيح

وفي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب * بعمي سقى الله الحجاز وأهله * عشية يستسقي بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغبا * إليه فما إن رام حتى أتى المطر

ومنا رسول الله فينا تراثه * فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر

أبو معشر عن زيد بن أسلم عن أبيه وعن عمر مولى غفرة وعن محمد بن نفيع قالوا لما استخلف عمر وفتح عليه الفتوح جاءه مال ففضل المهاجرين والأنصار ففرض لمن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف ولمن لم يشهدها وله سابقة أربعة آلاف أربعة آلاف وفرض للعباس اثني عشر ألفا سفيان بن حبيب أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي صالح ذكوان عن صهيب مولى العباس قال رأيت عليا يقبل يد العباس ورجله ويقول يا عم ارض عني إسناده حسن وصهيب لا أعرفه عبد الوهاب بن عطاء عن ثور عن مكحول عن سعيد بن المسيب أنه قال العباس خير هذه الأمة وارث النبي وعمه سمعه منه يحيى بن أبي طالب وهو قول منكر قال الضحاك بن عثمان الحزامي كان يكون للعباس الحاجة إلى غلمانه وهم بالغابة فيقف على سلع وذلك في آخر الليل فيناديهم فيسمعهم والغابة نحو من تسعة أميال قلت كان تام الشكل جهوري الصوت جدا وهو الذي أمره النبي أن يهتف يوم حنين يا أصحاب الشجرة قال القاضي أبو محمد بن زبر حدثنا إسماعيل القاضي أخبرنا نصر ابن علي أخبرنا الأصمعي قال كان للعباس راع يرعى له على مسيرة ثلاثة أميال فإذا أراد منه شيئا صاح به فأسمعه حاجته ليث حدثني مجاهد عن علي بن عبد الله قال أعتق العباس عند موته سبعين مملوكا علي بن زيد عن الحسن قال وبقي في بيت المال بقية فقال العباس لعمر وللناس أرأيتم لو كان فيكم عم موسى أكنتم تكرمونه وتعرفون حقه قالوا نعم قال فأنا عم نبيكم أحق أن تكرموني فكلم عمر الناس فأعطوه قلت لم يزل العباس مشفقا على النبي محبا له صابرا على الأذى ولما يسلم بعد بحيث أنه ليلة العقبة عرف وقام مع ابن أخيه في الليل وتوثق له من السبعين ثم خرج إلى بدر مع قومه مكرها فأسر فأبدى لهم أنه كان أسلم ثم رجع إلى مكة فما أدري لماذا أقام بها ثم لا ذكر له يوم أحد ولا يوم الخندق ولا خرج مع أبي سفيان ولا قالت له قريش في ذلك شيئا فيما علمت ثم جاء إلى النبي مهاجرا قبيل فتح مكة فلم يتحرر لنا قدومه وقد كان عمر أراد أن يأخذ له دارا بالثمن ليدخلها في مسجد النبي فامتنع حتى تحاكما إلى أبي بن كعب والقصة مشهورة ثم بذلها بلا ثمن وورد أن عمر عمد إلى ميزاب للعباس على ممر الناس فقلعه فقال له أشهد أن رسول الله هو الذي وضعه في مكانه فأقسم عمر لتصعدن على ظهري ولتضعنه موضعه ويروى في خبر منكر أن النبي نظر إلى الثريا ثم قال يا عم ليملكن من ذريتك عدد نجومها وقد عمل الحافظ أبو القاسم بن عساكر ترجمة العباس في بضع وخمسين ورقة وقد عاش ثمانيا وثمانين سنة ومات سنة اثنتين وثلاثين فصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع وعلى قبره اليوم قبة عظيمة من بناء خلفاء آل العباس وقال خليفة وغيره بل مات سنة أربع وثلاثين وقال المدائني سنة ثلاث وثلاثين أخبرنا المقداد بن أبي القاسم أخبرنا عبد العزيز بن الاخضر أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا أبو إسحاق البرمكي حضورا أخبرنا عبد الله بن ماسي أخبرنا أبو مسلم الكجي أخبرنا الأنصاري محمد بن عبد الله أخبرنا أبي عن ثمامة عن أنس أن عمر خرج يستسقي وخرج العباس معه يستسقي ويقول اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبينا توسلنا إليك بنبينا اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك قال الزبير بن بكار سئل العباس أنت أكبر أم رسول الله فقال هو أكبر مني وأنا أسن منه مولده بعد عقلي أتي إلى أمي فقيل لها ولدت آمنة غلاما فخرجت بي حين أصبحت آخذة بيدي حتى دخلنا عليها فكأني أنظر إليه يمصع برجليه في عرصته وجعل النساء يجبذنني عليه ويقلن قبل أخاك كذا ذكره بلا إسناد أنبأنا طائفة أخبرنا ابن طبرزد أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن غيلان أخبرنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن بشر بن مطر حدثنا شيبان حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف بن قيس سمعت العباس يقول الذي أمر بذبحه إبراهيم هو إسحاق وقال الواقدي عن ابن أبي سبرة عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال أسلم العباس بمكة قبل بدر وأسلمت أم الفضل معه حينئذ وكان مقامه بمكة إنه كان لا يغبى على رسول الله بمكة خبر يكون إلا كتب به إليه وكان من هناك من المؤمنين يتقوون به ويصيرون إليه وكان لهم عونا على إسلامهم ولقد كان يطلب أن يقدم فكتب إليه رسول الله إن مقامك مجاهد حسن فأقام بأمر رسول الله إسناده ضعيف ولو جرى هذا لما طلب من العباس فداء يوم بدر والظاهر أن إسلامه كان بعد بدر قال إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت عن أبي حازم عن سهل قال استأذن العباس النبي في الهجرة فكتب إليه يا عم أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة إسماعيل واه وروى عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله قال العباس مني وأنا منه إسناده ليس بقوي وقد اعتنى الحقاظ بجمع فضائل العباس رعاية للخلفاء وبكل حال لو كان نبينا ممن يورث لما ورثه أحد بعد بنته وزوجاته إلا العباس وقد صار الملك في ذرية العباس واستمر ذلك وتداوله تسعة وثلاثون خليفة إلى وقتنا هذا وذلك ست مئة عام أولهم السفاح وخليفة زماننا المستكفي له الاسم المنبري والعقد والحل بيد السلطان الملك الناصر أيدهما الله وإذا اقتصرنا من مناقب عم رسول الله على هذه النبذة فلنذكر وفاته كانت في سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة وله ست وثمانون سنة ولم يبلغ أحد هذه السن من أولاده ولا أولادهم ولا ذريته الخلفاء وله قبة عظيمة شاهقة على قبره بالبقيع وسنذكر ولده عبد الله بن العباس الفقيه مفردا جنازة العباس عن نملة بن أبي نملة عن أبيه قال لما مات العباس بعثت بنو هاشم من يؤذن أهل العوالي رحم الله من شهد العباس بن عبد المطلب فحشد الناس الواقدي حدثنا ابن أبي سبرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد ( عن عبد الرحمن ) بن ( يزيد بن جارية ) قال جاء مؤذن بموت العباس بقباء على حمار ثم جاءنا آخر على حمار فاستقبل قرى الأنصار حتى انتهى إلى السافلة فحشد الناس فلما أتي به إلى موضع الجنائز تضايق فقدموا به إلى البقيع فما رأيت مثل ذلك الخروج قط وما يقدر أحد يدنو إلى سريره وازدحموا عند اللحد فبعث عثمان الشرطة يضربون الناس عن بني هاشم حتى خلص بنو هاشم فنزلوا في حفرته ورأيت على سريره برد حبرة قد تقطع من زحامهم الواقدي حدثتني عبيدة بنت نابل عن عائشة بنت سعد قالت جاءنا رسول عثمان ونحن بقصرنا على عشرة أميال من المدينة أن العباس قد توفي فنزل أبي وسعيد بن زيد ونزل أبو هريرة من السمرة فجاءنا أبي بعد يوم فقال ما قدرنا أن ندنو من سريره من كثرة الناس غلبنا عليه ولقد كنت أحب حمله وعن عباس بن عبد الله بن معبد قال حضر غسله عثمان وغسله علي وابن عباس وأخواه قثم وعبيد الله وحدت نساء بني هاشم سنة زهير بن معاوية عن ليث عن مجاهد عن ( علي بن عبد الله ) ابن عباس أن العباس أعتق سبعين مملوكا عند موته وفي مستدرك الحاكم ( عن ) محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس كان رسول الله يجل العباس إجلال الوالد

ولعبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا العباس مني وأنا منه عبد الأعلى الثعلبي لين يحيى بن معين حدثنا عبيد بن أبي قرة حدثنا الليث عن أبي قبيل عن أبي ميسرة مولى العباس سمع العباس يقول كنت عند النبي فقال انظر في السماء فنظرت فقال ما ترى قلت الثريا فقال أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك رواه الحاكم وعبيد غير ثقة وروى الحاكم أن زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب سمع جده خريم بن أوس يقول هاجرت إلى رسول الله منصرفه من تبوك فسمعت العباس يقول يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك قال قل لا يفضض الله فاك قال

من قبلها طبت في الظلال وفي * مستودع حيث يخصف الورق

  • ثم هبطت البلاد لا بشر * أنت ولا مضغة ولا علق

بل نطفة تركب السفين وقد * ألجم نسرا وأهله الغرق

تنقل من صالب إلى رحم * إذا مضى عالم بدا طبق

حتى احتوى بيتك المهيمن من * خندف علياء تحتها النطق

وأنت لما ولدت أشرقت ال * أرض وضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضياء وفي * النور وسبل الرشاد نخترق

قال الحاكم رواته أعراب ومثلهم لا يضعفون قلت ولكنهم لا يعرفون


سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي
الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع | الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع | الجزء الثامن | الجزء التاسع | الجزء العاشر