العودة إلى الريف
العودة إلى الريف
مهد الرجـاء ومهبط الأحلام
وطني عليك تحيتي وسلامي
يا ريف فيك من الخلود أثارة
تنساب في خلدي وفي أوهـامي
وترد إحساسي إليك إذا خلت
نفسي إلى الآمال والآلام
وكأنني المسحور يقفو ساحراً
في بهرة كالطائف النوّام!
إني فقدتك في الطفولة غافلاً
عما حويت من الوجود السامي
لكن وجدتك إذ كبرت بخاطري
رمزا أحيط بغمرة الإبهـام
وتكشّفت نفسي فلُحـت كأنما
نفسي، وأنت جمعتها بتؤام!
ووجدت أحلامي لديك وضيئة
لم تبل جدتها يد الأيام!
واليوم عدت إليك أحسب أنني
طير يؤوّبُ بعد جهد دام
يا ريف تدعوني إليك، وإنني
لَلمستطار إلى لقاك الظامي!
هذا الهدوء كأنما هو عالم
في الوهم لم يتبدّ للأقوام
وكأنه الحلم الجميل يحوطه
صمت كصمت العابد المتسامي
وتحس بالسر العميق تخالهُ
يضفى على الإيقاظ والنوام
ويلوح في وضح النهار وينطوي
ما بين طيات الظلام الطامي
هو ذلك السر الذي مفتاحهُ
ضمت عليه جوانح الأهرام
إنّي أجول بخاطري متنقل
في حيثما امتد البسيط أمامي
فإذا مواكب للجمال وديعة
جمعت طرائفها يد الإلهام
للطير فيها، للأزاهر موكب
للناس، للحشرات، للأنعام!
متآلفين، سرى الرضا لنفوسهم
فيما اغتذوا من مشرب وطعام
كل يرجّع للطبيعة لحنهُ
في ذلك الوادي الخصيب النامي
وهنا الطبيعة كالغريرة إنما
ورثت وقار أبوّة مترام!
تلهو، ولكن في براءة طفلة
من نسل آلهة غبرن كرام!
عبدتهم الأوهام في غمراتها
واندس بعض الوهم في الإبهامِ!
وتوارثته طبيعة خلدت بها
مصر على كر من الأعوام
يا ريف مصر، وأنت سر بقائها
اسلم، فدتك مواهبي وحطامي