الغابة المفقودة
الغابة المفقودة
يا لهفة النفس على غاية
كنت وهندا نلتقي فيها
أنا كما شاء الهوى و الصّبا
و هي كما شاءت أمانيها
تكاد من لطف معانيها
يشربها خاطر راثيها
آمنت بالله و آياته
أليس أنّ الله باريها ظ
نباغت الأزهار عند الضّحى
متّكئات في نواحيها
ألوى على الزّنبق نسرينها
و التفّ عاريها بكاسيها
و اختجلت في الشّمس ألوانها
كأنّها تذكر ماضيها
تآلفت، فالماء من حولها
يرقص و الطير تغنّيها
من لقّن الطير أناشيدها؟
و علّم الزهر تآخيها؟
يا هند هذي معجزات الهوى
و إنّها فينا كما فيها
لا تستحي الزهر بإعلانها
فما لنا نحنت نواريها؟
و تهتف الطير بها في الربى
فما لنا نحن نعمّها ظ
لله في الغابة أيّمنا
ما عابها إلاّ تلاشيها
طورا علينا ظلّ أدواحها
و تارة عطف دواليها
و تارة نلهو بأعنابها
و تارة نحصى أقاحيها
تسكت إذ نشكو شحاريرها
كأنّما التغريد يؤدّيها
و إن تضاحكا سمعنا الصدى
يضحك معنا في أقاصيها
و إن مشينا فوق كئبانها
لاحت فشاقتنا أدانيها
و فوقنا الأغصان معقودة
ذوائب طال تدلّيها
إذا هززها عن غرّة
ألقت من الذعر لآليها
نسير من كهف إلى جدول
نكتشف الأرض و نطويها
و النور عطر في تعاريجها
و العطر نور في حواشيها
و تختبي هند فأشتاقها
و أختبي عنها فأغريها
كم أوهمتني الخوف من طارىء
تشجي بذا نفسي فتشجيها
فرحت أعدو نحوها مشفقا
فكان ما حاذرت تمويها!
فاعجب لأطواري و أطوارها
تعبت منّي و أجاريها!
ألله لو دام زمان الهوى
و دام من هند تجنّيها
لا غابتي اليوم كعهدي بها
و لا التي أحببتها فيها
و لا تلال كهنود الدمى
و لا سفوح كتراقيها
و لا الندى درّ على عشبلها
و لا الأقاحي في روابيها
و لا الضّحى يلقى على أرضها
شبّاك تبر من أعاليها
أهبطني أمس إلى حضنها
شوقي إلى سجع قماريها
فلم تخمّشني بأوراقها
و لم تهلّل لي سواقيها
قد بدّل الإنسان أطوارها
و اغتصب الطيّر مآويها
وفتّ بالبارود جلمودها
واتثّ بالفأس دواليها
و شاد من أحجارها قرية
سكّانها الناس و أهلوها
يا لهفة النّفس على غابة
كنت و هندا نلتقي فيها
جنّة أحلامي و أحلامها
ودار حبّي و تصابيها
نبكي من اليأس على شوكها
و كان يدميني و يدميها
كانت تغطّينا بأوراقها
فصارت الدّور تغطّيها!